مسئول غرفة تحاليل هيئة الأرصاد: أرسلت تقريراً إلى وزارة السياحة قبل حادث «سانت كاترين» للتحذير من سوء الأحوال الجوية
حين تلتهب الأجواء بالحرارة، أو تتساقط الثلوج على رؤوس المصريين، يطل على شاشات التليفزيون وحيد سعودى مسئول إدارة تحليل غرفة هيئة الأرصاد، ليطمئنهم أحياناً، ويحذرهم أحياناً أخرى، فهو المخول له التحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، يقول لـ«الوطن» بكلمات مرتبة ومنمّقة: «الإدارة العامة للتحاليل الجوية، المسئول عن إصدار النشرات الجوية لكل قطاعات الدولة وكل وسائل الإعلام والمواطنين، والقوات المسلحة ووزارة السياحية ووزارة الداخلية، فضلاً عن الصحف القومية والحزبية».
حين تداولت وكالة الأنباء خبر وفاة 4 من الشباب المصريين على أحد جبال سانت كاترين، بعد عاصفة ثلجية، خرج «سعودى» من مكتبه قاصداً، الإدارة المركزية للبحث العملى، التى تجاوره، وهى إحدى إدارات هيئة الأرصاد الجوية، والتى تساعده باستمرار لنفى الشائعات التى تصدرها بعض الجهات الخارجية لضرب السياحة فى مصر، على حسب قوله، ومنها خرج إلى وسائل الإعلام ليكشف: «الكلام عن العاصفة الثلجية فى سانت كاترين كان كذباً، ومصر غير مؤهلة لتضرب بعاصفة ثلجية، والعاصفة الثلجية، تضرب فقط الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية وشرق آسيا، تحت المرتفع الجوى فى المنطقة السيبيرية، أما مصر فبعيدة كل البعد عن التأثر بالعواصف الثلجية».
ويشير «سعودى» إلى خريطة خلفه، ويشرح: «ما حدث أن المتسلقين، كانوا موجودين فوق جبل ارتفاعه 2650 متراً، وقبلها بثلاثة أيام صدر تقرير يتوقع سوء الأحوال الجوية، وأرسلناه إلى كل الجهات المعنية بما فيها وزارة السياحة»، ورغم ما أرسله إلى وزارة السياحة ضمن التقارير المرسلة إلى الجهات الحكومية لم يجد الاهتمام المنشود، خصوصاً أن منطقة محمية سانت كاترين السياحية تسجل دائماً فى أقل معدلات درجات الحرارة فى فصل الشتاء، والتى وصلت فى ذلك الحادث، إلى «- 6» درجات مئوية.[FirstQuote]
وبالفعل، فالبيانات التى صدرت عن الهيئة طابقت الواقع وسوء الأحوال الجوية التى تعرّضت له البلاد فى تلك الفترة، بما فيها القاهرة، والتى تعرضت يومها لسقوط أمطار ونشاط الرياح، وأضاف: «سانت كاترين معظم أيام الشتاء تسجل (- 2) وكنا محذرين بتبريد شديد فى تلك المنطقة، وعلى ذلك الارتفاع انت موجود فى قلب السحب، ومن حظهم السيئ وجود نوع من السحب يسمى سحب (اليرت ستارتس)، وهى تحتوى على حبيبات ثلجية، مع وجود أمطار متجمدة، مما أدى إلى انعدام الرؤية، مما أضعف الدورة الدموية، وفقدوا السيطرة على أجسادهم».
وأضاف أن «مثل تلك الشائعات التى تصدر عن وكالات الأنباء الخارجية تضرب السياحة لصالح بعض المناطق المنافسة»، ويتذكر أنه خرجت شائعة قبل أربع سنوات، تقول إن مصر بها أشعة فوق بنفسجية «ألترا فيلود»، والتى تسبب سرطانات جلدية، ووقتها خرج «سعودى» نافيناً تلك الشائعة، التى تسببت فى هجرة السياح من شواطئ شرم الشيخ والإسكندرية.
ومن ضمن الشائعات التى طالما كذّبها «سعودى» -حسب قوله- ما قيل عن «ثقب الأوزون». ويقول: «الأوزون غاز، فهل يحدث ثقب فى الغاز؟ وكان الهدف من تلك الإشاعة أن الولايات المتحدة تبيع الفريون بأسعار غالية جداً، رغم أنه كان يوجد فريون آخر تنتجه الصين بأسعار أرخص، لكن الشائعات كانت تقول إن استخدام الفريون الرخيص يسبب ثقب الأوزون، واستخدم الفريون باهظ الثمن صديق للبيئة».[SecondImage]
عندما تقترب عقارب الساعة من الحادية عشرة صباحاً، يلتفت «سعودى» بكل جسده إلى جهاز الحاسب المجاور له، ويبدأ فى إرسال التقارير الصباحية إلى كل الجهات المعنية ووسائل الإعلام، منها ما هو متاح للجميع، ومنها ما هو سرى خاص بالقوات المسلحة ووزارة الداخلية، التى تخص بعض العمليات التى تقوم بها قوات الأمن: «هناك تقرير كل 6 ساعات بس مش كل التقارير بنرسلها، لأنه فيه موظف الصبح فى كل إدارة بيمشى بعد الساعة 5 ومش هيستقبل تقارير تانى، والمعمل يقدر يرسل أكثر من 180 ألف تقرير فى اليوم»، ولكن تلك التقارير لا تجد الصدى ولا يعير القائمون على تلك الوزارات والهيئات المعنية لها انتباهاً، حسب قول «سعودى»: «للأسف المناطق الحكومية والمصالح الحكومية تتباطأ فى التعامل مع تقارير وتوقعات هيئة الأرصاد، على عكس الشركات الخاصة، وأنا شغال فى التليفزيون المصرى».[SecondQuote]
تسقط الأمطار الغزيرة، تصل أحياناً إلى حد السيول فى المحافظات، وكان آخرها محافظات الصعيد، يتجه «سعودى» بتقرير آخر سريع يرسله عبر الحاسب الآلى قبل الحدث بأيام، يتوقع خلاله ما أصاب البلاد من أمطار وسيول، ولكن لا مجيب: «قلت لوزير الرى، هاوديلك تقارير الرصد لحد البيت، ولا بد من وجود تنسيق بين أجهزة الدولة، لا بد للدولة من التعامل مع مخرجات هيئة الأرصاد بجدية أكثر من ذلك، كبقية الدول المتقدمة» تحذيراته بدلاً من أن يتعامل معها المحافظون والأحياء بكل جدية لتنظيف مخرات السيل تظل حبيسة الأدراج: «على سبيل المثال نرسل إلى كل الجهات المعنية، للحذر من ظاهرة السيول التى تضرب مصر فى عدة سنوات، يا سادة يا محافظون، ابدأوا تنظيف المخرات وتسليكها وتوضيبها، خصوصاً فى منطقة العريش، وهناك خزانات من عصر الرومان لتخزين مياه السيول النظيفة، وهناك مناطق تعتمد فى الزراعة على الأمطار الموسمية، بس محدش بيبص للكلام ده، ومحدش بيستفيد».
ورغم عمل «سعودى» فى مركز الإدارة العامة للتحاليل المعنية بالمواطنين، والقطاعات التي لها المسئولية الأولى عن التحذيرات اليومية، وهو المسئول عن توقف بعض الأنشطة اليومية داخل المؤسسات الحيوية وفقاً لتلك التحذيرات، فإن عمل الوحدة فى المقام الأول هو تأمين وسلامة الملاحة الجوية، وليس التحذيرات التى يصدرها بشكل يومى للمواطنين، فالمعمل المجاور له ليس الوحدة الوحيدة التى يتابعها بنفسه، فهناك فى كل مطار مدنى أو مطار عسكرى مركز للتنبؤات الجوية، ويخرج عنه بيانه من الأرصاد الجوية، ويصدر تقرير قبل إقلاع أى طائرة بست ساعات كاملة، يسمى «تنبؤ المسار»، لرصد الرؤية والظواهر الجوية التى تسمح بالطيران.
ذلك الدور الأساسى الذى يقوم به قسم التحاليل، والذى سمح لـ«سعودى» بإلغاء محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى، مرتين ويبرر ذلك بأنه «كانت الرؤية انخفضت لأقل من 500 متر على الممر»، ولا يستطيع الطيران قبل أن يقرأ «تقرير المسار» الصادر عنه، والذى يتناول حسب قوله: «المطبات الهوائية فى طبقات الجو العليا، وحجم طيارات الهواء النفاس، التى تعرض الطائرة للانفجار إذا طار عكس اتجاهها».