نظرية التطور عرفها الجاحظ في القرن 9 الميلادي وأثبتها داروين في 1858
الجاحظ
تعد نظرية التطور والانتخاب الطبيعي للأنواع، أحد المفاهيم العلمية الرئيسية التي ذاع صيتها في عالمنا المعاصر، وهي النظرية التي تدعم إدراكنا الحديث للتعقيد المتزايد للحياة، بدءً من الكائنات الحية الأولية، حتى الكائنات البحرية والحشرات والزواحف والثدييات، وصولا إلى الجنس البشري.
ولاقى تشارلز داروين مؤسس هذه النظرية التقدير حديثا لجهوده بشأن وضع وتطوير هذه النظرية في المملكة المتحدة على الرغم من إسهامات ألفريد راسل والاس- وهو عالم بريطاني آخر- في وضع هذه النظرية في الوقت نفسه الذي أعلن فيه داروين عنها، حيث تشارك العالمان في نشر أول أبحاثهما في هذا الصدد في عام 1858 م.
في كتابه "من مكة إلى الميتاداتا"، الصادر عن نهضة مصر، يضيف مايكل هاملتون مورجان، ومع ذلك كشفت المخطوطات العربية القديمة عن أن هذين العالمين الانجليزيين لم يكونا أول من تناول هذه الفكرة، ففي العراق منذ 1200 عام مضت، وتحديدا في مدينة البصرة في العراق، كان هناك رجل ذو شخصية لافتة للنظر، يدعى أبا عثمان عمرو بن بحر الكناني البصري- عرف بالجاحظ- أعرب عن النظرية نفسها!
كان الجاحظ أول شخص يتحدث عن نظرية التطور أو الانتخاب الطبيعي للأنواع ويسجلها وذلك في عام 830م عندما قدم عمله الرائع "كتاب الحيوان".
ويتابع المؤلف: كتب "كونواي" في عام 1941 موضحا أن مقتطفا واحدا من هذا الكتاب يمثل بحق المدخل الوحيد ذا الصلة بموضوع الانتخاب الطبيعي الذي تطرق له العرب قبل العصر الحديث، واستشهد من الترجمة الإسبانية لـ"كتاب الحيوان" بالسطور التالية: "يخرج الجرذ ساعيا على رزقه، ويتمكن بمهارة من الحصول على طعامه، حيث يتغذى على الجميع الحيوانات الأقل قوة منه" وفي المقابل، "يتعين عليه تفادي الثعابين والأفاعي والطيور الجارحة التي تبحث عنه لتفترسه" والتي تتفوق عليه قوة.
كذلك فإن البعوض "يعرف فطريا الدم هو الوحيد الذي يبقيه على قيد الحياة" ومن ثم عندما يرى البعوض حيوانا، "فإنه يعرف أن جلد الحيوان، قد خلق لإطعامه".. وهكذا.
الجاحظ تطرق لوصف سلاسل الغذاء
وينقل المؤلف ما كتبه الجاحظ في ترجمة أخرى: "تدخل الحيوانات في صراع من أجل البقاء والوجود والحصول على الموارد والغذاء، وتجنب افتراس الغري لها، ومواصلة تكاثرها، فتؤثر العوامل البيئية على الكائنات حتى تتطور لديها سمات جديدة تضمن لها البقاء، وبالتالي تتحول إلى أنواع جديدة، فالحيوانات التى تبقى على قيد الحياة من أجل التكاثر يمكن لها توريث هذه السمات الجديدة لنسلها"
ويشير مؤلف الكتاب إلى أن الجاحظ تطرق لوصف سلاسل الغذاء، ويتابع – على الرغم من أن هذا الباحث – الجاحظ- استطاع أن يعلم نفسه بنفسه ، فقد كان فكريا سابقا لعصره بحوالي 1000 عام فيما يخص أفكاره بصدد كيفية تطور الحياة على الأرض.
ويشير مورجان إلى أن أفكار الجاحظ الظهور لمدة ألف عام إلى أن جاء عصر داروين فاستغرق سنوات من العمل واستكشف من العمل واستكشف الطبيعة في الرحلة التي دامت خمسة أعوام على متن سفينة البيجل وصاغ في نهاية المطاف نظريته المعروفة باسم الانتخاب الطبيعي للأنواع أو التطور التى نشر أول ابحاثها في عام 1858م.
ويختتم المؤلف: وعلى الرغم من أن الإعراب عن نظرية داروين قد ظهر بصورة أكثر جاذبية وبهاء مما قدمه الجاحظ، ناهيك عن قدر الدعم الذي لاقته هذه النظرية على مدار سنوات من جانب الأبحاث المركزة والبيانات الداعمة، فقد تجد بداخل نظرية داروين أن أفكار الجاحظ تلقي بظلالها منذ 1000 عام مضت.