ظهرت «المافيا» فى منتصف القرن التاسع عشر فى جزيرة صقلية فى إيطاليا، كمنظمة إجرامية تمثل تحالفاً بين عصابات تجمعها بنية تنظيمية مشتركة وقواعد سلوكية موحدة.
وكلمة «مافيا» لها أكثر من تفسير، من بينها أنها تضارع كلمة «مهياص» وهى لفظة عامية شائعة، ومعناها عدوانى وعنيف ومتبجح.
ينطلق الهيكل التنظيمى لـ«المافيا» من فكرة العائلة التى يرتبط أعضاؤها فيما بينهم بالانتماء إلى أسرة واحدة، ويتخذ التنظيم تسلسلاً هرمياً يقوده الـ«كابو» أو الرأس وهو الحاكم الفعلى الوحيد، ثم «الكابتن» أو الرجل الثانى، ويمتد التسلسل إلى القاعدة التى تضم أعضاء عاملين لا علاقة مباشرة لهم بالرئيس الأعلى، وللمافيا مساعدون من الخارج، ليسوا أعضاء فى العائلة، ويقومون بمهام محددة لخدمة التنظيم مثل الوساطة لإتمام الصفقات الإجرامية، والقيام ببعض العمليات لدفع الخطر عن الأعضاء الفعليين.
تراعى المافيا قواعد تسلسل القيادة بشكل حازم، ولا يُسمح للعضو بالتعامل إلا مع القيادة التى تعلوه مباشرة، ودون أن يعرف شيئاً عن أسباب تكليفه بمهامه، أو أبعاد تلك المهام أو أهدافها النهائية التى لا يعرفها إلا الـ«كابو» أو رأس العائلة و«الكابتن» أى الرجل الثانى فقط.
هل يمكن أن نعيد قراءة السطور السابقة مع وضع عبارة «الإخوان المسلمين» مكان كلمة «المافيا»، و«المرشد العام» مكان الـ«كابو».
على هدى «المافيا» ووفق قواعدها التنظيمية، أسس حسن البنا جماعة الإخوان الإرهابية، ومخادعاً كان يقدمها كجماعة دعوية، ومتلاعباً كان يمارس بها دوراً سياسياً انتهى بعد نحو 84 عاماً من تأسيسها إلى اقتناصها حكم مصر.
لم يطق المصريون حكم «الإرهابية» لأكثر من عام، وخرجوا فى ثورة شعبية لم يعرف التاريخ الإنسانى مثيلاً لها، وأسقطوها عن الحكم، وقضوا عليها إلى الأبد.
هنا ظهرت الجماعة على حقيقتها كتشكيل عصابى فى مواجهة الدولة المصرية، واعتصم أعضاؤها ومَن والاهم من التنظيمات المتسترة بالدين فى ميدان رابعة العدوية، وانطلقوا لقطع الطرق، وغزو بعض المناطق الشعبية، وأسروا مواطنين وعذبوهم، واستخدموا الأطفال والنساء كدروع بشرية لحماية متهمين بجرائم تصل عقوبتها للإعدام، ووجهت الجماعة (العصابة) مساعديها من الخارج أو حلفاءها كما تفعل المافيا تماماً لتنفيذ عمليات إرهابية فى سيناء، وعاد مسلسل تفجير خط الغاز بعد توقف خلال السنة السوداء لحكمهم.
زعماء العصابة حرضوا العالم ضد الجيش المصرى، استنجدوا بالخارج، غباؤهم صوَّر لهم أن «البيت الأبيض» سيفرضهم على المصريين، ولأن الجماعة مجرد تنظيم عصابى، لم يخرج من بينها عاقل واحد يصدها عن إجرامها، على أمل الاندماج مرة أخرى فى الحياة السياسية، أو لاستعادة بعض ما فقدوه، كلهم تحولوا لإرهابيين وفقط.
هذه العصابة ما زالت تتوهم أن بإمكانها محاربة مصر.. مصر المعروفة بأنها صاحبة التاريخ الأقدم والمستمر حتى الآن فى العالم، ويمتد عمره لما يزيد على 7000 عام قبل الميلاد، مصر التى سبقت الجميع وأسست أول حكومة مركزية بالمعنى الشائع حتى الآن عام 3200 قبل الميلاد فى عهد الملك مينا.
بالمناسبة.. أجهزة الاستخبارات الأمريكية تواصلت مع عصابات المافيا فى إيطاليا «البلد الأم» وفى أمريكا خلال الحرب العالمية الثانية لتسهيل تقدم القوات الأمريكية لاجتياح إيطاليا، وكافأت الولايات المتحدة «لوتشيانو»، أحد أبرز زعماء المافيا آنذاك بعد القبض عليه، بإدارة نشاطه من داخل زنزانته، نظير مساعداته لها.
من الملك مينا للرئيس السيسى بقيت مصر، وستبقى رغم أنف الإرهابيين والخونة حتى وإن تستروا بالدين.