نبش القبور أم نبش العقول!
أسامة بديع
يبدو أن المقابر لم تعد المثوى الأخير للراحلين عن عالمنا فحسب، بل باتت أيضًا مقرًا للأسحار والأعمال السوداء وملجئًا لمروجي الدجل والشعوذة، ومؤخرا انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى صورًا صادمة لحصيلة حملات قام بها متطوعين من الشباب فى عدة محافظات لتطهير المقابر من الأسحار والأعمال السفلية المدفونة في باطنها.وبعيدًا عن الإيمان والاعتقاد بوجود وتأثير السحر من عدمه على الإنسان، فلا محل لهذا الحديث هنا الآن، لكن ما أريد مناقشة والتركيز عليه هو الدلالات الخطيرة التي تعكسها تلك الحملات، والتي تجبرنا جميعا على عدم تجاوزها والوقوف حيالها بالتفنيد والتحليل بشأن ما سرنا عليه وما وصلنا إليه خلال العقود الماضية، والتي أدت بنا إلى رؤية نوبات هيستيرية من الأحقاد والضغائن والكراهية إلى جانب أكوام من الجهل والتطرف واللجوء إلى الدجل والشعوذة.كميات ضخمة من الأسحار المدفونة في بواطن القبور في عدد قليل من المقابر لا يذكر بالنسبة لإجمالي عددها على مستوى الجمهورية. فهل يُعقل اللجوء إلى صناع الأعمال السفلية السوداء وتجار أوجاع وآلام الناس بالتوازي مع ما بلغناه من تطور تكنولوجى وانفتاح ثقافى واجتماعي وتنمية في مختلف المجالات الحياتية؟ هل يعقل أن يغيب الوازع الديني والأخلاقي في بلد الأزهر والحضارة؟. والسؤال الذي يتحتم علينا توجيهه لأنفسنا هو هل نحتاج فعلا إلى نبش القبور لاستخراج الأسحار أم أننا في أشد الاحتياج إلى نبش العقول العفنة التي دُفنت تحت ركام الجهل والتغييب؟ ألم يحن الوقت لنبدأ في تغيير ثقافة المجتمع وتنشيط مكون الأخلاق بداخله؟ ألم يحن الوقت بعد أن نلجأ إلى العلم والطب والعمل والاجتهاد بدلا من اللجوء إلى الخرافات والأوهام ؟ خصوصا وأن الأديان السماوية دعت إلى العلم والتعلم والعمل والسعى والتوكل دون التواكل .ألم يحن الوقت أيضا لأن يتحرك المجلس الأعلى للإعلام وجهاز حماية المستهلك لاتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض القنوات التلفزيونية التي لا تتوقف عن بث إعلانات للسحرة والدجالين أمثال الشيخ فلان المغربي والشيخه فلانة الهندية لجذب الحبيب وتقريب البعيد وغيرها من الأمور الخرافية ؟!ألم يحن الوقت لأن تركز دور العبادة على تبنى حملات تنويرية للقضاء على مثل هذه الخرافات وتعيد الناس إلى صحيح الدين الذى يدعوا إلى العلم والتعلم والتفكر والتدبر فى ما يدور حولنا!؟أرى أن الوقت قد حان لأن نتخلص من أفكار الجهل والتخلف والرجعية التى عجت بها العقول وكانت سبب أساسي في الانحدار الثقافي والأخلاقي ونرتقي بعقولنا التي كرمنا الله بها على سائر المخلوقات لنبدع ونعمر ونتفكر ونتتدبر حتى نستطيع أن نعبر بأنفسنا ووطننا إلى بر الأمان.
اسامة بديع
تنسيقيه شباب الأحزاب والسياسيين حزب الإصلاح والتنميه