باحث بجامعة بريطانية: نموذج "بوجوش" بشأن مدى انتشار الفيروس فى مصر "غير دقيق".. والوضع تحت السيطرة
أحمد نجيدة باحث بجامعة بريطانية
كشف الطبيب وباحث الدكتوراه المصرى فى جامعة بورت سماوث البريطانية، العديد من الأخطاء التى شابت دراسة اعتمدت عليها وسائل الإعلام العالمية حول أعداد المصابين بفيروس «كورونا المستجد» بمصر، مؤكداً أن النموذج الذى قدمه إسحاق بوجوش، الباحث بجامعة تورونتو الكندية بشأن تقدير مدى انتشار الفيروس فيها «غير دقيق».
وأضاف «نجيدة»، فى حوار لـ«الوطن»، أن صحيفتى «الجارديان» و«إندبندنت» البريطانيتين نشرتا البحث بناء على التواصل الشخصى مع «بوجوش» دون اللجوء إلى التحكيم العلمى، موضحاً أنه اكتشف عدداً من الأخطاء الإحصائية فى هذا النموذج، حيث إنه استند إلى الحسابات الوبائية المعتادة ولجأ إلى نظرية «النسبة والتناسب» متجاهلاً الاختلافات الصارخة بين مصر والدول التى تم ذكرها فى البحث. وإلى نص الحوار:
أخطاء علمية بالدراسة التى اعتمدت عليها الصحف الأجنبية بشأن أعداد مصابى «كورونا» فى مصر
بداية.. ما كواليس نشر الدراسة التى اعتمدت عليها صحيفة «الجارديان» البريطانية وغيرها بشأن عدد المصابين بـ«كورونا» فى مصر؟
- فى مارس الماضى نشرت مجلة «لانست» الطبية وهى ثانى أشهر المجلات الطبية تأثيراً على مستوى العالم ورقة بحثية لـ7 باحثين كلهم من كندا إلا واحداً فقط من السويد، وصاغ الباحثون فيها نموذجاً إحصائياً وبائياً لحساب وتقدير انتشار فيروس «كورونا المستجد» فى مصر بداية الشهر الماضى باستخدام حالات الإصابة المؤكدة من السياح الذين غادروا مصر، وزعمت نتائج تلك الورقة أن فى مصر 19310 حالات إصابة على أقل تقدير أو 51520 حالة على أقصى تقدير.
للأسف هذه الورقة استخدمتها وسائل الإعلام الدولية مثل «الجارديان» البريطانية للتشكيك فى مصداقية تقارير الحكومة بخصوص أعداد المصابين، ودفعنى ذلك للرد على هذا النموذج الخاطئ وتوضيح أخطائه العلمية والإحصائية، وذلك ضرورة علمية وأخلاقية وواجب وطنى.
وما المصادر التى استند إليها الباحث وما إثباتك لعدم صحتها؟
- افترض الباحث فى دراسته أن متوسط زمن إقامة السائح فى مصر نحو 11.6 يوم، كما ورد فى إحصائيات منظمة السياحة العالمية لعام 2018، وبنى بحثه على هذه النسبة ثم توصل بالحسابات العلمية إلى الرقم الكبير الذى تم تداوله عبر وسائل الإعلام، فقمت بالتواصل بالبريد الإلكترونى مع المنظمة للسؤال عن أحدث تقديرات وإحصائيات تخص متوسط زمن إقامة السياح فى مصر فأرسلته المنظمة ووجدت أنه كان متوسط فترة إقامة السياح فى مصر 6.11 يوم فى 2018 و78.7 يوم فى 2017 و1.6 فى عام 2016 و9 أيام فى 2015 و10 أيام فى 2014 ولا يوجد أى إحصائيات تتعلق بشهر فبراير 2020.
وما تفسير ذلك لديك؟
- إذا افترضنا أن الإحصائيات الخاصة بمنظمة السياحة العالمية صحيحة، فهى تشمل السياح الأجانب والسياحة الداخلية للمواطنين المصريين، كما أن السياحة الخارجية تشمل الزوار من العديد من دول العالم، وليست مقتصرة على الزوار من الدول الأربع الوارد ذكرها فى النموذج، وبالتالى فإن هذه القيمة المستخدمة فى النموذج غير دقيقة وتؤدى إلى المبالغة فى تقدير انتشار المرض، فمصر دولة تشهد تغيراً سريعاً ونمواً فى المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية، وبالتالى فإن استخدام بيانات قديمة غير دقيقة لصياغة نموذج إحصائى سيؤدى إلى تقدير خاطئ عن انتشار الفيروس فى مصر.
وما الأخطاء فى استعانة الباحثين القائمين على تلك الدراسة فيما يتعلق بعدد وتواريخ ظهور حالات كورونا؟
- بناء على المعلومات التى توفرت بشأن تواريخ تشخيص الحالات الأولى فى أمريكا وكندا وفرنسا وتايوان، لا يمكننا استبعاد احتمالية أن تكون الحالات القادمة إلى مصر كانت حاملة للمرض قبل وصولها، ومن الخطأ افتراض أن هذه الحالات تعرضت للإصابة فيها، خصوصاً أن السلطات المصرية لم تفحص القادمين من جميع الدول، ولكن تم التطبيق على الزوار من دولة الصين فقط.
كما ينبغى أن نأخذ فى الحسبان أن أغلب الحالات الأولى التى تم اكتشافها فى مصر كانت فى الأقصر وأسوان وهما أكبر المدن السياحية، وبناء على ذلك لا يمكننا استبعاد احتمالية أن تكون الحالات القادمة إلى مصر كانت حاملة للمرض قبل الوصول.
ما السر وراء ارتفاع النسب فى بعض البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وتراجعها بمصر؟
- المراحل العمرية هنا لها دور فعال، فمن المعروف أن فيروس «كورونا» يؤثر بشكل أكبر على كبار السن ويكون أشد فى حدته، لذا نسبة الوفيات فى كندا والولايات المتحدة وفرنسا وتايوان عالية لأن الفئة الأكبر سناً تشكل النسبة الأكبر من تركيبة السكان، باختلاف مصر التى يزيد فيها عدد الشباب عن العجائز، لذا من الخطأ أن أقارن بين الأجانب والمصريين فى هذا الأمر، علاوة على أن الأدلة والشواهد تشير إلى أن هذا الفيروس ينتقل بـ«الحركة»، فإذا نظرنا إلى وتيرة الحركة فى الدول المتقدمة سنجد النقل والمواصلات والتجارة وغيرها أسرع بكثير من مصر.
أيضاً الأمر يرتبط بطبيعة المناخ فى الدول المذكورة الذى ساعد بشكل كبير على تفشى الفيروس.
وهناك فرضيات أخرى تلفت النظر إلى نسب الوفاة فى مصر، فإذا كان العدد الذى افترضه الباحث صحيحاً، فمن المؤكد أنه سيكون هناك عدد وفيات كبير، فلو تمكنا من إخفاء الإصابات لا يمكننا إخفاء الوفيات.
«الصحة» حاصرت الوباء والمراحل العمرية لها دور فى عدم انتشاره
وما رأيك فى تعامل الحكومة المصرية مع الأزمة من الناحية الطبية؟
- الأمر تحت السيطرة، ووزارة الصحة نجحت فى محاصرة الفيروس وأثبتت نجاحاً كبيراً فى الأسابيع الأولى، الأمر الذى أذهل العالم كله، لكننى أتوقع بذل جهود أكبر فى الفترة القادمة فنحن نسير بجانب الفيروس، لذا لا بد من تحديث بروتوكول العلاج فى المرحلة القادمة كى نسبق المرض خطوة ونوسع دائرة الفحص والترصد، وخصوصاً الفريق الطبى المعرض لنقل المرض باعتباره فى خط الدفاع الأمامى فلا بد من تحديث الاستراتيجية لتناسب المرحلة القادمة.
د. أحمد نجيدة: توصلنا إلى نتائج شبه مؤكدة أن أحد أدوية "الملاريا" سينجح فى علاج "كورونا"
بصفتك أحد الباحثين.. ما دوركم تجاه الأزمة وكيف ترونها؟
- لدى فريق بحث يشمل أكثر من 300 شخص بجميع الجامعات المصرية، ولدينا أفكار هائلة وفعالة ومستعدون لتطوير بروتوكول العلاج إذا سمحت لنا وزارة الصحة، فلدينا نتائج شبه مؤكدة أن أحد الأدوية المستخدمة فى علاج الملاريا سينجح فى علاج «كوفيد-19»، بالإضافة إلى دواء «الأربيدول» معالج نزلات البرد وهو موجود فى الصين وروسيا فقط، إذ وجدت تقنيات الذكاء الاصطناعى أن التركيب الكيميائى لهذا الدواء يستطيع محاصرة الفيروس وانحسار نشاطه فى الجسم، وبالتأكيد اعتمدت الصين عليه فى علاجها، فلماذا لا تستورده مصر ونرى النتيجة؟، علاوة على أنواع أخرى من الأدوية الآمنة والبسيطة جداً والمتوفرة فى الصيدليات، فأنا وأصدقائى الباحثين على أتم الاستعداد للتطوع وتقديم بروتوكولات كثيرة ومختبرة لوزارة الصحة للتصدى للفيروس، وأتمتى وصول صوتى إلى صناع القرار.
أخطاء شائعة
من الأخطاء الشائعة تطبيق كل الفرضيات على كل المناطق، فعلى سبيل المثال، هناك نوع من المسكنات تسببت فى حالات وفاة كثيرة فى فرنسا، لأن المادة الفعالة الخاصة بها غير مناسبة تماماً للمصابين بالفيروس، وبالتالى يمكننا النظر إلى أن هناك مؤثرات وأسباباً مختلفة لانحسار المرض أو انتشاره فى كل مكان، فنحن نحارب عدواً غير معلوم ومن الممكن أن تكون العادات الطبيعية والأدوية التى يتناولها المواطنون دورياً لديها مشكلة مع الفيروس، كل هذه مجرد فرضيات.