لأسبوع متواصل، أغلق باب محله تماما عليه، وترك عمله واقتصر نومه لحوالي ساعتين، ليطلق العنان لفكره ويديه اللتين حفظتا حركاته من ماكينة الحياكة، لتصميم المجسمات والرسم على اللوحات، بينما يصنع "قبة ومئذنة ومنبرا" يشكل بها مجسما لمسجد يقرب طوله من الثلاثة أمتار، ويزينه بالأنوار الصغيرة، يدخل به البهجة على أهالي منطقته في شهر رمضان الكريم، بعد قرارات منع الصلاة الجماعية والتراويح بها، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
جمال عبدالمُعز.. رغم عمله بمجال الحياكة، إلا أنه يهوى بشدة الفن من الرسم لصناعة المجسمات، منذ دراسته بالمرحلة الإعدادية، ليثقلها بجانب امتلاكه لمحل "ترزي حريمي"، فأبدع برسم اللوحات الزيتية والإكليرك، وصناعة المجسمات بكل أنواعها، ليمتلك شهرة واسعة بين أبناء منطقته بمدينة السلام.
قبل 10 أعوام، صمم جمال، 43 عاما، مجسما مميزا للغاية لمسجد وضع به "خلاصة تجربته"، على حد قوله، ليستغرق عملا استمر لستة أشهر، واستخدم به خامة الكارتون المضغوط، و13 قبة من الجبس الذي صنعه بيده، ومآذن أيضا، كما صنع بالداخل منبرا ونجفة وتصميم إسلامي، ومن الخارج زينه بشرائط صغيرة من الإضاءة لتكسبه مظهرا جماليا مميزا فأسماه "مسجد المصطفى" الذي فضل الاحتفاظ به وعدم بيعه على الإطلاق.
ومنذ ذلك الحين تحول ابن مدينة السلام لأحد المشاهير بمنطقته ليحرص الجميع على متابعة أعماله، حيث طلب منه الأهالي قبل عامين صناعة مجسم لمسجد أيضا لوضعه بالحي، إلا أنه بسبب ضغوط العمل "لأن فترة قبل رمضان وبعدها بتكون موسم بالنسبة ليا في الشغل"، وفقا لحديثه لـ"الوطن"، لم يتمكن من تنفيذ ذلك، ولكن مع قرارات حظر التجوال والعزل المنزلي وإغلاق المحال لمنع انتشار فيروس كورونا، وفر ذلك وقتا إضافيا لـ"جمال" فقرر أن يلبي طلبهم.
"قعدت أسبوع قافل على نفسي وبشتغل فيه بس، يادوبك أنام ساعتين ولا حاجة".. هكذا كان جمال يقضي يومه خلال الأسبوع الماضي من أجل إسعاد أهالي الحي بعد أن خيم عليهم الحزن لقرار وقف صلاة التراويح برمضان بسبب فيروس كورونا، مستعينا بخامات من الخشب المضغوط في صناعة أساسه ثم تقفيله بالفوم وتغطيته بالقماش المعالج بالبلاستيك والغراء لتحميه من الأمطار والأتربة، وصناعة المآذن من من المواسير الرفيعة، ليصل عرضه إلى متر ونصف وارتفاعه نصف متر بزيادة متر ونصف آخرين للمئذنة، لتجعله يصل إلى حوالي مترين ونصف، ليقرر إضافة أيضا إضاءة خضراء اللون عليه.
بعد أن أنهى "جمال" عمله في صناعة المجسم وعرضه على أهالي الحي "انبهروا وأعجبوا بيه جدا"، لذلك قرروا وضعه في الحديقة الصغيرة التي تتوسط منازل الحي وصناعة برج ارتفاعه 5 أمتار لرفعه عليه، ليكون مسجد "عباد الرحمن" أيقونة مميزة للحي.
تعليقات الفيسبوك