الطقس السيئ بالقاهرة اليوم
سكون شديد بشوارع القاهرة، لا يقطعه سوى أصوات الرياح المتسارعة، وقطرات المياه المصطدمة بالأرض، بعد أن خلت من المارة، فلم يتواجد بها سوى "الشقيانين"، الذين حرصوا على النزول من منازلهم لأجل أعمالهم.
"أمطار غزيرة.. رياح قوية.. رعد.. برق"، ظواهر طبيعية متعددة حذرت منها هيئة الأرصاد الجوية خلال الأيام الماضية، لتناشد المواطنين بعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى، بشرط ارتداء الملابس الثقيلة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحمايتهم، ولكن رغم ذلك قرر البعض الذهاب لأعمالهم، وممارسة يومهم بشكل عادي.
العمرانية تستعد لـ"التنين" بشوارع خاوية وضعف أجرة "التوك توك"
كانت الشوارع مبللة، لا تخلو من بقع المياه ما بين كل خطوة وخطوة، والرياح ما بين هادئة ومتوسطة، لكنها أيضا لم تخلو من سكانها بشكل تام، أما المواصلات، فقلت في طقس يبدو شتوي للوهلة الأولى.
"العمرانية" واحدة من المناطق المكتظة بالسكان وشوارعها، لا تخلو من "التوك توك"، لتنقلات المارة ما بين الشوارع المهدمة من أفعال التصليحات المتكرر، لكنها شهدت صباح اليوم، تفريغ من بعض ملامحها كالزحام أمام بعض محلات "حلويات اللحوم"، في صباح الخميس، وقلة عدد "التوك توك"، الذي يملئ الشوارع بالموظفين الذاهبين لأعمالهم، ما دفعت ندرتهم إلى زيادة أجرة من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف والسبب "نازلين في العاضفة يا أبلة.. نازلين في العاصفة يا أستاذ".
مع الوصول لإحدى محطات المترو للخط الثاني، كان الجو هادئا حيث سجلت عربتا السيدات، غيابا جماعيا فلم يحضر أحد، رغم بعض الحضور في بقية العربيات وجلوس ربما فتاة في إحدى المحطات، وفي غياب الباعة الجائلين والمتسولين، أصبح المترو وسيلة آمنية لا تعرف الزحام والضوضاء.
أحد سائقو أوبر يبدأ عمله بعد الفجر: قولت أساعد الناس وسايبها على الله
مع بداية آذان الفجر، غادر "أحمد محمد" فراشه سريعا، رغم البرودة الشديدة والأمطار الغزيرة في منطقة النزهة، من أجل توصيل نجله إلى مقر علمه كمهندس في إحدى الشركات بطريق "القاهرة الإسكندرية" الصحراوي، ليقرر في طريق عودته فتح تطبيق "أوبر" لنقل العالقين بالطرق.
"كنت هروح لأن المطرة جامدة أوي بس قولت أشوف لو حد غلبان واقف في الشارع".. بهذه الكلمات عبر "أحمد"، 63 عاما، الذي كان يعمل بقطاع السياحة مسبقا، تقديم المساعدة لعدد من مستخدمي التطبيق، في ظل صعوبة الحركة بالطرق التي غمرتها مياه الأمطار.
رغم تحذيرات الأرصاد المتعددة الأيام السابقة، إلا أن الرجل الستيني لم يبالغ في استعداداته للطقس واقتصر الأمر على ارتدائه للملابس الثقيلة فقط، وفحص السيارة لتجنب أي أعطال بها، واستكمل عمله لمساعدة غيره في أثناء تلك الأحداث الصعبة، بينما ظل أبنائه يتصلون به كل نصف ساعة لمطالبته بالعودة، قائلا: "أنا سايبها على الله.. وبالعكس الدنيا فاضية والجو جميل".
أحد سائقو الميكروباص: نزلت علشان أجيب لولادي أكل من شغلي
ومن المترو والسيارات الأجرة للمواصلات العامة، سادت أيضا أجواء من الهدوء الشديد بها حيث ظهرت خاوية بشدة على عكس العطلات الأسبوعية، بعد عزوف قطاع كبير من المواطنين عن لانزول من منازلهم استجابة لدعوات الأرصاد، وفقا لقول محمود عطا الله، سائق أحد "الميكروباصات" بمنطقة التحرير.
"أنا نازل لأكل العيش، يعني لو يوم منزلتش مش هعرف أجيب لولادي ياكلوا".. ذلك هو السبب الرئيسي الذي دفع السائق الأربعيني ليخرج من منزله بحثا عن العمل، حيث كان يظن أمس أن المواطنين سيتجاهلوا تلك التحذيرات، لكنه فوجئ بذلك الفراغ الشديد، ليتمنى أن يعود النشاط في الساعات المقبلة.
لم يلجأ السائق إلى مضاعفة الأجرة على غرار غيره من السائقين، لتقديره للظروف الصعبة التي يمر بها المواطنين حاليا، فضلا عن أنه: "أكيد كلهم شقيانين ومحتاجين الفلوس طالما نزلوا في الجو ده، اصلا الدنيا فاضية وممكن كده أعمل مشاوير أكتر من العادي".
تعليقات الفيسبوك