4 آلاف عامل تحت العبودية في قطر
مجلس حقوق الإنسان يستدعى حكومة الدوحة للتحقيق
انتهاكات حقوق العمالة الأجنبية فى قطر تتواصل
تصاعدت الانتقادات الدولية لحالة حقوق الإنسان فى قطر خلال الفترة الماضية، خصوصاً فى ظل عدم اتخاذها التدابير اللازمة لحماية حقوق العمالة الأجنبية بحسب تقارير حقوقية دولية عديدة صدرت خلال الأيام الماضية، حتى تمت دعوة «الدوحة» للمساءلة أمام مجلس حقوق الإنسان فى «جنيف».
ويشكل الأجانب نحو 90% من سكان قطر، تعود أغلبيتهم إلى دول نامية، وأعداد كبيرة منهم منخرطة فى العمل ضمن منشآت مونديال 2022، ويبدو أمام هذه الانتهاكات أنه لم يعد أمام منظمة «هيومن رايتس واتش» الحقوقية الدولية مفر من الكشف عنها، بعد أن غضّت الطرف كثيراً عن هذه التجاوزات بسبب طبيعة علاقتها مع السلطات القطرية.
"المشيخة" تتصدر ترتيب مؤشر الرق الحديث
وسلطت المنظمة الأمريكية الضوء على أوضاع العمالة الوافدة فى منشآت كأس العالم 2022، مؤكدة أن السلطات القطرية لم تحل مشكلة تأخير دفع أجور الموظفين من قبَل أحد أصحاب العمل رغم أن نظام حماية الأجور لعام 2015 أنشئ لضمان دفع أصحاب العمل أجور موظفيهم فى الوقت المحدد وبالكامل، مؤكدة أن هذا التأخر يهدر حقوق العاملين.
وكشف تقرير مشترك صدر عن منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية عن سلسلة من المشكلات فى نظام حماية الأجور القطرى تعوق فاعليته وتثقل كاهله فى حالات عديدة.
خبير: يتم تأخير الرواتب حتى لا يهرب الأفراد من ظروف العمل القاسية
وفى سابقة خطيرة، استدعت القمة السنوية الثانية عشرة لحقوق الإنسان المنعقدة أمس فى «جنيف» الحكومة القطرية للحضور لمناقشتها والتحقيق معها فى عدة تهم إنسانية منها استعباد العمال فى منشآت «مونديال الدوحة 2022»، وتطبيق إجراءات غير إنسانية على العمالة، ومنعهم من مغادرة البلاد، والإخلال بقوانين حماية الأجور وعدم دفع الرواتب لأشهر طويلة.
تقرير أمريكى: النظام القطرى يفلت من العقوبات بالرشاوى
ويأتى استدعاء قطر أمام مجلس حقوق الإنسان فى «جنيف»، فى ظل سلسلة من التقارير السلبية على مدار السنوات الماضية، منها على سبيل المثال تقرير مؤشر الاستعباد العالمى لعام 2018 الذى تصدّرته قطر كأقل الدول دعماً للحد من العبودية وأنها لم تتحرك جيداً لعمل أى شىء فيما يخص قضايا الاتجار واستعباد البشر.
ومن أشكال العبودية الحديثة فى قطر: ممارسة العبودية والقهر ضد العمالة، وزيادة معدل انتشار العمل القسرى، ووجود مؤشرات غير إيجابية للاتجار بالبشر، واستغلال صغار السن والأطفال، وفرض ساعات عمل طويلة على العمالة دون انقطاع، وهضم الحقوق المالية للعمالة، ومنع العمالة من السفر، وممارسة الزواج القسرى.
وفى هذا السياق رصد تقرير لمؤسسة «ماعت» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تعرُّض نحو 4 آلاف عامل أجنبى فى قطر للعبودية الحديثة والسخرة وغيرهما من أشكال الرق المعاصرة، كما أكدت تقارير حقوقية دولية أخرى أن الإصلاحات التى تتحدث عنها قطر مجرد أحاديث إعلامية فقط لا أثر لها على أرض الواقع، وأن التدابير التى تتخذها الحكومة هناك لحماية حقوق العمال لا تفى بالمعايير الدولية المتطلبة للعمل والتى تكفلها المواثيق والعهود الدولية، وأن نظام حماية العمال فى قطر وُضع بطريقة مشوهة بها كثير من الثغرات تحول دون توفير الحماية للعمال الأجانب.
ومن جانبه، قال الدكتور خالد حسن، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات الهجرة، إن «قطر مضغوطة فى تجهيزات كأس العالم، وتريد إنجازها حتى تفى بالتزاماتها فى هذا الصدد، فلهذا تمارس الضغوط على العمالة الأجنبية».
وأضاف، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، أن الظروف المناخية الصعبة المرتبطة بالارتفاع الكبير فى درجة الحرارة غير مناسبة للعمل، وفى نفس الوقت تتم زيادة ساعات العمل لرغبة الحكومة فى سرعة تنفيذ مشروعات المونديال، وفى المقابل لا توجد أى زيادة فى الأجور ولا يتم توفير خدمات صحية للعمالة أو مكان سكن مناسب، وهو الأمر الذى تسبب فى حدوث وفيات، خصوصاً بين أفراد العمالة الآسيوية وتمت مساءلة قطر فى هذا الموضوع.
وحول مسألة تأخير الأجور، قال «حسن» إن «السلطات القطرية أو المقاولون يعمدون إلى تأخير الأجور، خوفاً من أن العامل إذا أخذ أجره كاملاً وفى ظل هذه الظروف الصعبة يضطر للمغادرة وترك العمل، أما عندما يتم تأخير أجره 4 أو 5 أشهر فلن يكون بمقدوره مغادرة العمل وهو له هذه المستحقات، وفضلاً عن ذلك، فإن السلطات القطرية تقوم بمصادرة جوازات السفر من العمال وتحتفظ بها، وبالتالى يكون من الصعب سفر العامل وترك العمل، كما لا تسمح أيضاً للعمال باستقدام أسرهم».
وأضاف نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات الهجرة أن هذه الإجراءات القطرية جميعها تخالف الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق العمل والعمال والتى تأتى فى إطار ظروف العمل غير اللائقة، كما أن هذه الانتهاكات عادة ما تكون بحق العمال غير المهرة وذوى المستوى التعليمى المنخفض مثل النجارين والسباكين وغيرهم، وهؤلاء يتم استغلال حاجتهم للمال وحاجتهم للعمل. وتابع: «أمام هذه الانتهاكات القطرية لا توجد عقوبات رادعة للنظام هناك، إذ إن اتفاقيات الأمم المتحدة جميعها ليس فيها عقوبات إلزامية، وكل ما فى الأمر أن يتم التحقيق، وإذا ثبتت الإدانة يكون هناك استهجان وتثبيت إساءة المعاملة، ولا توجد عقوبات للأسف».
وأكد تقرير لصحيفة «واشنطن إكزامينر» الأمريكية أن المشكلة الحقيقية فى قطر أنها تفلت من العقوبات رغم الانتهاكات الحقوقية التى تقوم بها، خصوصاً فى مجال حقوق العمالة، وأرجع التقرير الصمت حيال تلك الانتهاكات إلى الرشاوى التى يدفعها النظام القطرى لبعض الجهات، مما يجعلها تفلت من أى عقوبات محتملة بسهولة.
يُذكر أن كثيراً من الاتهامات لاحقت النظام القطرى خلال السنوات الماضية بشأن استضافتها المونديال ودفع رشاوى للحصول على حق تنظيمه، لتتوافق تلك الاتهامات مع تقرير صحيفة «إكزامينر».