نجل عبدالله غيث: أبناء «عبدالناصر» كانوا يترددون على مسرح والدى.. وجيهان السادات بكت بسببه
«الحسينى» يستعرض ألبوم صور والده
92 عاماً، مرت على ميلاد أحد نجوم المسرح والتليفزيون، فى الثمانينات، فقد كان مُتمكناً من اللغة العربية وكذلك أدواته التمثيلية، له عشرات الأعمال المسرحية والدرامية فضلاً عن السينما، عُرفت عنه صفات «ابن البلد»، كونه كان دائم التواصل مع أهل بلده فى الشرقية، رغم النجومية التى حظى بها، إذ كان يبتعد عن صخب الأضواء باحثاً عن الدفء فى مسقط رأسه، وبتاريخه الفنى والإنسانى يُعد الفنان عبدالله غيث، واحداً من أبرز النجوم حيث ما زالت أعماله تُحقق نسب مُشاهدات حتى الآن.
"الحسينى" يفتح خزائن أسرار والده لـ"الوطن"
ويرصد الحسينى عبدالله غيث، فى حديثه لـ«الوطن» أبرز محطات والده، بداية من سن الطفولة، مروراً بانتقاله إلى القاهرة، وزواجه من ابنة خالته، وعلاقته بالمسرح والتليفزيون، نهاية بفترة المرض والوفاة.
الشقيقان
يقول «الحسينى» إن عبدالله غيث فقد والده، وهو فى عمر الثلاثة شهور تقريباً، لذلك كان الفنان حمدى غيث، شقيقه الأكبر، بمثابة الأب له، موضحاً أنهما كان لديهما طاقة فنية هائلة منذ الصغر، من خلال التنكر وصناعة مقالب فى أهالى القرية، فضلاً عن تمثيل بعض المشاهد أمام المرآة لكبار الفنانين، مثل يوسف وهبى وغيره: «عمى حمدى سافر إلى باريس ضمن بعثة، ثم عاد وصار يُدرّس لطلاب معهد فنون مسرحية، ووجه والدى بأن يلتحق بهذا المعهد والاهتمام بموهبته».
حمدى غيث فقد شغفه بالحياة بعد وفاة شقيقه وتوقفت رحلتهما الفنية التى انطلقت من قرى الشرقية وصولاً إلى العالمية
وتابع أنهما قد انتقلا للعيش فى القاهرة فى مرحلة الشباب، وشاركا فى عدد كبير من المسرحيات، فى الستينات، لاسيما أن «حمدى» كان مُمثلاً ومُخرجاً: «كانا صاحبين لا يفترقان»، لافتاً إلى أن عمه تأثر بشكلٍ كبير بعد وفاة «عبدالله»، وأصيب بحالة حزنٍ عميق: «حياة حمدى غيث تغيرت، بعد وفاة والدى، ودموعه كانت تغلبه عندما يتذكره فى أى وقت، وأتذكر أن رغبته وشغفه بالحياة تراجعا جداً، وكاد أن يدخل فى حالة عزلة، إذ افتقده لدرجة كبيرة».
الحسين ثائراً
يقول «الحسينى» إن والده شارك فى مئات العروض المسرحية، فقد كان المسرح هو رقم واحد فى حياته الفنية، ومن ثم جاء حبه للسينما والتليفزيون والإذاعة: «أتذكر أنه قدّم العديد من المسرحيات التى لم يُحالفها الحظ فى التصوير، رغم أنها من روائع المسرح المصرى، منها (صقر الله) و(الحسين ثائراً)».
"الحسين ثائراً" أحدثت زلزالاً فى المسرح.. ووفد الأزهر دخل فى حالة بكاء وسناء جميل أبدت إعجابها بالعرض
وكشف كواليس «الحسين ثائراً» الذى قال عنها إنها أحدثت زلزالاً فى المسرح، كونها اعتمدت على التقنيات الحديثة آنذاك، وكان لها جمهور من مختلف فئات المُجتمع لاسيما الفنانين والنقاد والمُثقفين، وكذلك مجموعة من الأزهر والأقباط: «أتذكر أن الفنانة سناء جميل قالت لأبى إنها تأثرت بهذه الشخصية، ووفد الأزهر بكى بعد تفاعله مع الموضوع»، لافتاً إلى أن مونولوج «الكلمة» هو المقطع الوحيد الذى حظى بانتشار كبير، رغم أن المسرحية بها نصوص رائعة.
الورود افترشت ساحة المسرح القومى
وأكد أن «غيث» أصيب بحزنٍ شديد، وكذلك فريق العمل كافة، بعد معرفتهم بعدم عرض المسرحية، لافتاً إلى أن «مطاوع» عوّض فريق التمثيل عما بذلوه من جهد طوال فترة البروفات، إذ قرر فتح الباب للجمهور على مدار شهر كامل فى البروفات «الجينرال»: «المسرح القومى كان مُمتلئاً عن آخره، طوال أيام العرض، والورود كانت تُغطى أرضية المسرح كافة».
وأوضح أن والده كان له معايير خاصة فى انتقاء الأدوار، ويُدقق فيها بشكلٍ كبير: «لم يقبل بأى دور، كونه لم يحتج لأى ماديات، فهو كان ينتمى إلى عائلة ميسورة الحال، فهو يحب الفن جداً، ويوافق على الأدوار اللائقة وذات قيمة فقط».
الدراما واللهجة الصعيدية
وأوضح «الحسينى» أن أول مسلسل أبرز والده كبطل على شاشة التليفزيون، هو «هارب من الأيام»: «الدور كان مكتوباً للفنان فريد شوقى، لكنه اعتذر عنه، حتى أسند المخرج نور الدمرداش الدور لوالدى، رغم أنه كان وجهاً درامياً جديداً وقتها»، لافتاً إلى أن «غيث» قد شارك فى عدد من المسلسلات لم تُعرض إلا فى الدول العربية، مثل «سقوط غرناطة».
وأشار إلى أن دور والده فى مسلسل «ذئاب الجبل»، كان مسنوداً للفنان صلاح قابيل فى البداية، إلا أنه توفى بعد عدد قليل من الحلقات، حتى أُسند الدور لأبى، بعد تغيير السيناريو، ليتوفى هو الآخر فى آخر الحلقات، ليُعدل السيناريو مُجدداً. وأضاف أن والده كان مُتمكناً من اللهجة الصعيدية: «كان يؤديها كما يجب، لاسيما أنه كان يرى البعض يؤديها بافتعال وبعيداً عن الحقيقة»، متابعاً: «أزعم أن عبدالله غيث له فضل كبير فى تطوير أداء الفنانين فى مصر، فى التحدث بهذه اللهجة».
الزوجة وحى الحسين
وكشف «الحسينى» كواليس قصة الحب التى نشأت بين والده ووالدته: «والدى كان دائم التردد على خالى فى حى الحسين، ووالدتى كانت تُقيم معه، فنشأت بينهما علاقة منذ ذلك الحين، لاسيما أنها ابنة خالته»، موضحاً أنه تزوجها وهو فى الـ21، وكانت تصغره بثلاثة أعوام فقط، لتُنجب منه 3 أبناء. وقال إنه كان يجمعهما علاقة حب شديدة: «أمى كانت أكبر داعم لأبى، وبينهما انسجام شديد فى مختلف نواحى الحياة»، موضحاً أنه كان حريصاً على حجب أسرته عن وسائل الإعلام تماماً: «حياة والدتى تأثرت بشكل كبير بعد وفاة والدها، وأصيبت بحالة حزن شديد، فهى دائمة الدعاء له فى كل الصلوات». وأشار إلى أن والدته أصيبت بجلطة بالمخ مؤخراً، ودخلت على أثرها أحد المستشفيات الكبرى بالقاهرة، مؤكداً أن حالتها الصحية قد شهدت تحسناً كبيراً على مدار اليومين الماضيين، إذ تلقت العلاج وأجرت الفحوصات اللازمة، لافتاً إلى أنها ما زالت فى العناية المركزة.
إصابته بالسرطان: "آه يا غجر"
ويروى «الحسينى» تفاصيل فترة مرض عبدالله غيث: «فى أثناء مُشاركته بمسرحية (آه يا غجر) شعر والدى بحالة إعياء شديدة، لكنه تحامل على نفسه، وانتظر لحين انتهاء المسرحية، لزيارة الطبيب آنذاك، وهذا عكس عادته، فقد كان يزور الأطباء فى الحالات الاستثنائية فقط، ليكتشف إصابته بالسرطان وقد انتشر فى الرئة والكبد، ليخضع بعدها للعلاج فى المستشفى».
تُوفى بعد اكتشافه الإصابة بالسرطان بـ18 يوماً
وتابع: «والدى أقام فى المستشفى لمدة لا تزيد على 18 يوماً، ولم يُظهر شعوره بالآلام أمامنا طوال هذه الفترة، فلم أره يتوجع من المرض، رغم مرافقتى له طوال هذه الأيام»، فقد كان يسأله: «حاسس بوجع يا بابا؟»، فسرعان ما يُجيبه بالنفى، مؤكداً أن الفريق المُعالج لوالده كان يُخبره صباح كل يوم، فور قدومه للمستشفى، بمدى التوجع الذى كان يشعر به عبدالله غيث.
شكرى سرحان كاد أن يغضب من أسرته لمنعه من الزيارة
وأشار إلى أنه بالرغم من منع الزيارات عنه، فى هذه الفترة، إلا أن جميع الفنانين حاولوا زيارته فى المستشفى والاطمئنان على حالته الصحية من الفريق الطبى: «أتذكر أن الفنان شكرى سرحان كاد أن يغضب منى، لعدم سماحى له بالدخول إلى غرفة والدى، بناءً على رغبة الأطباء، لكن اضطررت لدخوله فى النهاية، منعاً لغضبه، والأمر ذاته مع الفنانة رغدة، فهما الفنانان الوحيدان اللذان دخلا غرفة والدى فى أيامه الأخيرة».
الناس حدثته وهو فى النعش: "سامحنا".. والجنازة كانت تُشبه موكب الحج ووالصراخ تصاعد من شُرفات المنازل
وكشف «الحسينى» تفاصيل وفاة والده: «لفظ أنفاسه الأخيرة فجر يوم 13 مارس عام 1993، وكنا فى شهر رمضان وقتها، وأتذكر أن جنازته فى الشرقية كانت ضخمة جداً، والناس كانت تُحدّثه وهو فى النعش: أبا عبدالله.. سامحنا يا غيث»، متابعاً: «كنت بعيداً عن النعش لمسافات طويلة جداً، فلم أتمكن من الوصول له، بسبب الأعداد الكبيرة للمُشاركين فى الجنازة، وكأنه موكب حج، وأصوات الصراخ كانت تتصاعد من شُرَف المنازل».
"غيث" والرؤساء
يقول «الحسينى» إن أسرتى الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات، كانا يحرصان على مُتابعة أعماله، لاسيما المسرحية منها: «لم تجمعه علاقات مباشرة بالرؤساء، فهم كانوا يُحبونه كفنان، وهو كان يُحبهم كزعماء بارزين»، مؤكداً أن أبناء «عبدالناصر» كانوا ضيوفاً دائمين فى العروض المسرحية التى يُقدمها عبدالله غيث.
وأشار إلى أن جيهان السادات، كانت تُشاهد العرض المسرحى «الوزير العاشق»، وتفاعلت مع أحداثه بشكل كبير، فلم تتمالك نفسها مع المشهد الأخير، لتدخل فى نوبة بكاء، بعد مقتل «غيث»، فقد كانت من مُحبيه، وحريصة على حضور العروض التى يُقدمها.
"القذافى" سعى لعلاجه.. والفريق الطبى رفض سفره للعلاج بالخارج "الحالة ميئوس منها"
وكشف نجل «غيث» عن متابعة الرئيس الراحل معمر القذافى لحالة والده فى فترة مرضه الأخير: «فوجئت بوفد ليبى، مكوّن من 3 أشخاص، طلبوا مقابلتى فى المستشفى، وأبلغونى بأن القذافى قد وجه بتوفير طائرة خاصة لنقل والدى إلى أى مستشفى فى العالم، إلا أن الفريق المُعالج لوالدى قال إن الأمر لا يُفيد فقد انتشر المرض فى جسده»، لافتاً إلى أن «القذافى» كان يُحب «غيث» منذ أيام تصوير فيلم «الرسالة».
أشرف زكى توسط لعرض صورته فى "الأسطورة"
الأسطورة
وكشف «الحسينى» كواليس ظهور صورة والده فى مسلسل «الأسطورة» للفنان محمد رمضان، الذى عُرض عام 2016، إذ قال إنه تلقى اتصالاً هاتفياً من قبل الفنان أشرف زكى، كونه نقيباً للمُمثلين آنذاك، يبلغه برغبة صُنّاع المسلسل فى ظهور صورة عبدالله غيث فى المسلسل، ليكون والداً لأبطال العمل، الأمر الذى رحَّب به على الفور: «وافقت دون أى اشتراطات، انطلاقاً من حق جمهور والدى بأن يراه على الشاشة». وأكد أنه شعر بالندم الشديد فور عرض المسلسل، واطلاعه على الأحداث، إذ كان بطل المسلسل يعمل فى تجارة السلاح وغيرها من الأعمال غير المشروعة، لذلك تعرض «الأسطورة» لانتقادات شديدة آنذاك: «أعتقد أن هذا العمل لا يتناسب مع قيمة الأعمال التى قدّمها والدى طوال حياته، وإن كان على قيد الحياة لما وافق على المشاركة فيه».