أستاذة رقص: الفرقة استوحت أعمالها من المجتمع.. وضمها لـ"الثقافة" ساعد على نجاحها
سمر سعيد
فى نهاية الخمسينات من القرن الماضى، تأسست «فرقة رضا» كأول فرقة تقدم استعراضات شعبية تعبر عن المجتمع المصرى، حيث ترجع بدايتها، بحسب كلام «سمر سعيد»، أستاذ مساعد الرقص والألعاب الشعبية بأكاديمية المعهد العالى للفنون الشعبية، عندما وقع الاختيار على المصمم الراقص، محمود رضا، للمشاركة مع الفنانة نعيمة عاكف فى الأوبريت الغنائى المسرحى «يا ليل يا عين» بتقديم استعراضات شعبية مختلفة، ولقى العرض نجاحاً كبيراً على مستوى العالم، حيث حصلوا حينها على المركز الأول فى مهرجان الشباب العالمى بموسكو ضمن خمسين دولة، ما دفعه بمجرد عودته إلى التفكير فى تأسيس فرقة خاصة به تقدم رقصات شعبية تعبر عن كل محافظة من محافظات مصر.
تقول «سمر»: «الفنان محمود رضا كان بيلعب باليه وجمباز وكان بيشتغل مع فرق استعراضية من جنسيات مختلفة، وفى الوقت نفسه كان فيه أوبريت لمجموعة من الفنانين الكبار بيتم تنفيذه وقتها ومحتاجين شخص يصمم الاستعراضات الخاصة به، واختاروه لأنه كان راقص ماهر، فبدأ يختار شخصيات شعبية من منطقته فى السيدة زينب ويجسدها بطريقته الخاصة، والناس أعجبت بفنه، وده كان دافع له إنه يأسس فرقة رضا»، إذ قام بمساعدة شقيقه الفنان على رضا، وزوجته فريدة فهمى، أستاذة الرقص المعروفة، والموسيقار على إسماعيل، الذى تولى مسئولية الألحان والموسيقى للفرقة منذ بدايتها، بالسفر لكل محافظات مصر وتدوين أهم ما يميزها سواء فى الملابس أو الإكسسوارات أو الموسيقى الخاصة بها، بحيث يقوم فيما بعد بتطبيقها فى استعراضات فرقته»، ووفقاً لـ«سمر» فقد «كونوا الفرقة بعد رجوعهم من السفر، واتفقوا وقتها إنهم يسافروا كل محافظة، وجمعوا أفكار كتير للاستعراضات، وكان بيدعمهم وقتها الدكتور حسن فهمى، أستاذ الهندسة واللغويات، وقرروا إنها تتنفذ على أرض الواقع للجمهور».
"سمر سعيد": واجهت مشكلات عديدة فى البداية.. أهمها: "إزاى المجتمع هيقبل إن فيه بنت جامعية تطلع على المسرح ترقص"
استعان «محمود رضا» أثناء تكوين فرقته ببعض الفنانين المشهورين حينها كالمطرب محمود كارم، والممثلة شهرزاد، لتشجيع الجمهور لحضور الاستعراضات، كونها فناً جديداً على الشعب المصرى، بحسب كلام «سمر»، مشيرة إلى أن الفرقة التى بلغ عدد أعضائها عند التأسيس 13 راقصة و13 راقصاً و13 عازفاً قدمت أول عروضها على مسرح الأزبكية فى أغسطس عام 1959، ولاقت إعجاب عدد كبير من الجمهور، الأمر الذى دفع الرئيس جمال عبدالناصر وقتها لإصدار قرار جمهورى بضم الفرقة لوزارة الثقافة وأصبحت تابعة للدولة وقام على إدارتها الشقيقان محمود وعلى رضا: «لما عرضوا على محمود رضا إن الفرقة تنضم للوزارة وافق وقتها وكانت بالنسبة له حاجة كبيرة بس شرط عليهم أنها تفضل باسمهم، فوافقوا وبقت الفرقة من وقتها تابعة للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية»، لتبدأ الفرقة حينها مرحلة جديدة من تألقها ونجاحاتها، حيث وفرت الدولة لها كافة الإمكانيات، فتمكنت من زيادة عدد الراقصين، الذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 80 راقصاً وراقصة، ووصل عدد أعضاء الفرقة الموسيقية إلى ما يقرب من 100 عازف وكورال. وعن أبرز المشكلات التى واجهت الفرقة فى بداية تأسيسها، توضح أستاذ الرقص والألعاب الشعبية، قائلة: «كان فيه مشكلات عديدة بتواجه الفرقة أثناء تأسيسها لأنها كانت فكرة جديدة على المجتمع المصرى ومفيش حد بيصمم هذه النوعية من الفن قبلهم، كان أهمها إزاى المجتمع هيقبل إن فيه بنات جامعية تطلع على المسرح ترقص فى فرقة، وتغلب عليها محمود رضا بأن يقدم فناً راقياً، وده دفع الناس إنها مش بس تتفرج عليه لكن كمان تشجعه».
كان لفرقة رضا رقصات واستعراضات عديدة اشتهر بها، من بينها رقصات فردية كـ«الحجالة» و«النوبة» و«أقصر بلدنا» والموشحات، وأخرى وطنية كـ«فدادين خمسة»، فضلاً عن الأعمال المسرحية المتكاملة التى قام بها كـ«قلب فى الروبابيكيا»، كما شاركت الفرقة فى عدة أفلام كان أهمها، فيلم «غرام فى الكرنك» و«إجازة نصف السنة» و«حرامى الورقة»، وغيرها من الأفلام التى حققت نجاحاً كبيراً حينها، على حد قول «سمر».
مثلت «فرقة رضا» مصر فى جميع المحافل والمهرجات الدولية التى حضرها معظم ملوك ورؤساء الدول، وحصلت على المراكز الأولى فيها، بحسب كلام «سمر»، فضلاً عن الجوائز والميداليات التى حصلوا عليها منذ تأسيسهم للفرقة فى مهرجات مختلفة، من بينها مهرجان «يوغوسلافيا» التى حصلوا فيه على المركز الأول، ومهرجان «جوهانسبرج» الذى تم منحهم فيه الميدالية الذهبية، بجانب الشهادات التقديرية التى حصلوا عليها فى جميع العروض التى شاركوا فيها، سواء داخل مصر أو خارجها.