رفض قراءة القرآن في قصر فاروق.. حكايات المنشاوي مع الملوك والرؤساء
المنشاوي: الشرف لعبد الناصر أن يسمع القرآن بصوتي
الشيخ محمد صديق المنشاوي
"لماذا لا يكون هذا الشرف لعبدالناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي؟".. بهذا التساؤل رد شيخ القراء محمد صديق المنشاوي على وزير الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حين طلب منه حضور حفل يحضره الزعيم.
الرد الذي أربك الجميع لم يكن جديدًا على الشيخ الذي اعتز بالقرآن، فرفض أن يذهب للإذاعة التي اشترطت اختبار تلاوته، وطالب الملك فاروق بإغلاق المقاهي إذا صدح بكلام الله في قصره.
مواقف عدة أبرزت مدى اعتزاز الشيخ المنشاوي بالقرآن، لكن أبرزها ما تداولته الصحف، وذُكر في العديد من الكتب، ومنها كتاب "أعلام الصعيد في القرن العشرين" لمحمد عبدالشافي القوصى ، وكتاب "سفراء القرآن" لمحمد عبدالعزيز، حين رفض المنشاوي أن يكون له الشرف بحضور حفل عبدالناصر، مُصححًا لرسول الزعيم أن الشرف لعبد الناصر أن يسمع القرآن بصوت المنشاوي.
ورغم اتفاق المصادر على الواقعة، إلا أن الذهاب للحفل كان غير واضحًا في معظم المواضع التي ذُكرت فيها الواقعة، ما استدعى انتقال "الوطن" إلى أحفاد الشيخ للتقصي عن مدى صحتها.
حفيد: الشيخ ذهب للحفل بعد هذا الموقف.. وآخر: لم يذهب
ويقول محمود السعودي حفيد الشيخ الراحل عن هذه الواقعة أن الشيخ بالفعل استقبل مرسومًا جاء فيه أنه من المقرر تنظم حفل، وسيكون له الشرف أن الرئيس عبد الناصر يحضر فيها، فكان رد الشيخ "طب ليه ما يكونش الشرف للرئيس"، ومع ذلك ذهب إلى الحفل.
أما الرواية الثانية فتأتي على لسان حفيد آخر هو علاء محمد نور، حيث ذكر لـ"الوطن"، أن الشيخ جاءه رسول من الرئيس عبدالناصر، وأخبره أنه سيحظى بشرف حضور الرئيس لحفله، فرد الشيخ بالقول "الرئيس اختار أسوأ رسله"، واعتذر عن الحضور.
ورغم تباين النتيجة بين الحفيدين، إلا أن إثبات الواقع لا ينم إلا عن اعتزاز وفخر بالقرآن، خصوصًا من شيخ متواضع القلب بسيط النفس.
طلب من فاروق إغلاق المقاهي ورفض اختبار الإذاعة
في حقبة الأربعينيات؛ طلب الملك فاروق من الشيخ محمد صديق المنشاوي أن يكون قارئًا بالقصر الملكي، فاشترط على الملك إغلاق المقاهي، والتوقف عن تقديم المشروبات، اعتبارًا من الساعة الثامنة مساءً وقت إذاعة القرآن الكريم، والذي كانت تنقله الإذاعة من القصر الملكي، قائلاً للملك: إن للقرآن جلاله فهو كلام الله، ولا يجب أن ينشغل الناس عنه وقت تلاوته بالسؤال عن المشروبات ولهو الحديث.
وبحسب كتاب أعلام الصعيد في القرن العشرين لمحمد عبدالشافي القوصى، قال الملك: ذلك يعني أن نكلف حارسًا على كل مقهى! وهذا أمر يتعذر علينا. فقال الشيخ: كذلك؛ فهذا أمر يتعذر علينا أيضًا. وتلا قوله تعالى: "وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون".
أيضًا لم يقبل المنشاوي أن تُختبر تلاوته للانضمام للإذاعة، ما اضطر الإذاعة إلى أن تنتقل إليه لتُسجل له، حيث سبق أن أرسلت إليه تطلب منهُ أن يتقدم بطلب ليُعقد له اختبار، فإن اجتازه، يُعتمد مقرئًا بها، فرفض الشيخ قائلاً: "لا أريد القراءة بالإذاعة، لستُ في حاجة إلى شهرتها، ولا أقبل أن يُعقد لي هذا الامتحان، فما كان من مدير الإذاعة في ذلك الوقت إلا أن أمر بأن تنتقل الإذاعة إلى حيث يقرأ المنشاوي".