"أبوك السقا مات"، مثل شعبي شهير تنقل بين عشرات الأجيال حتى الجيل الحالي، لكن لا يدرك الكثيرون من شباب الألفية الجديدة من هو "السقا" وما هي طبيعة عمله.
عباءة خضراء وعمة تحمل اللون ذاته، هو زي "نصر عبدالحميد" الذي لا يتغير، حيث يسير حاملًا على ظهره "قربة" مهلهلة مصنوعة من جلد الماعز لحفظ المياه والحفاظ على برودتها، ليبدأ رحلته في التنقل من مسجد لآخر ومن مولد لمولد متنقلا بين محافظات مصر لتوزيع المياه داخل بيوت الله.
مولد سيدنا الحسين كان آخر وجهات "عم نصر السقا" في الفترة الحالية، حيث اعتاد التوجه في السنوات الأخيرة، إلى عدد من موالد محافظات مصر، لممارسة مهنته وهي توزيع المياه صبًا من إربته المحمولة على ظهره، داخل أكواب صغيرة، ليروي ظمأ الكثيرين.
"بقالي 25 سنة في المهنة دي عمري ما مليت ولا تعبت منها"، هذا ما قاله نصر فتحي، صاحب الـ43 عاما، عن حبه لمهنته الشاقة، والتي عُرف بسببها باسم "عم نصر السقا".
كسبًا للثواب وطمعًا في سماع دعوات من القلب، شغف "نصر"، بعمله في مهنة "السقا"، حيث قرر امتهانها في عام 1994، دون ملل أو تعب، فكانت أسيوط مسقط رأسه أولى وجهاته في توزيع المياه بالمنازل، "كنت بلف على البيوت وأوزع عليهم الماية حسب حاجة كل بيت، بس طبعًا كان ليا أجر بسيط جدًا، لحد ما قررت أعمل ده لوجه الله".
"بدأت أشتغل سقا من وأنا عيل، وبعد سنين بعد ما كنت بلف على البيوت، قررت أسافر محافظات كتيرة خصوصا في الموالد، عشان أوزع مايه على الناس جوا المساجد وأسقيهم وأخد الثواب، وكنت بروح كل جمعة مسجد شكل لحد ما بقيت لازم أحضر كل مولد أيا كان مكانه فين وأسافر له، ودي أكتر حاجة بتبسطني وبتخليني راضي عن نفسي"، وفقًا لـ "نصر".
داخل أكواب معدنية صغيرة أو "طاسة الخضة"، يوزع "نصر" المياه: "بصبها من الإربة جوا الكوبايات المعدنية الصغيرة، ومعظم الوقت بحطها في طاسة الخضة ودي بتكون طاسة نحاس عليها آيات قرآنية، وأوقات في ناس لما بتكون جواها روح أو حاجة مش طبيعية أول ما بتشرب من الطاسة دي بتترعش وترميها ووقتها بقدر أعرف إن الشخص ده مش طبيعي، والإربة بتقعد معايا حوالي 5 ساعات لحد ما أملاها تاني".
موالد الفرغل، وجلال الدين الأسيوطي، وعلم الدين البواب، والحسين، والسيدة نفيسة، والسيدة زينب، هي وجهات "عم نصر السقا" التي يحرص على التواجد بها كل عام لتوزيع المياه.
تعليقات الفيسبوك