باحث في الشئون الأوروبية: الدول الخمس الكبار لديها شراكات مع تركيا منذ الستينات
بهاء محمود، الباحث فى الشئون الأوروبية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
أكد بهاء محمود، الباحث فى الشئون الأوروبية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن اتجاه قبرص لتعزيز علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة وأوروبا يأتى فى سياق الضغوط على تركيا، نتيجة استفزازاتها فى شرق المتوسط، مشيراً فى حوار لـ«الوطن» إلى أن منطقة شرق المتوسط تشهد تزاحماً عسكرياً، نتيجة سعى البلدان الأوروبية لحماية سفن التنقيب التابعة لها، وإلى نص الحوار:
توتر سياسى بين فرنسا وتركيا فى ملف الأكراد وقضايا إقليمية.. و"باريس" تريد الحصول على مساحة أكبر للتنقيب عن الغاز.. و"أردوغان" يعارض أى تطوير لحقول الغاز القبرصية
أبرمت قبرص وفرنسا اتفاقية تعاون عسكرى تمهيداً لتدشين قاعدة للبحرية الفرنسية جنوب قبرص.. كيف تسعى قبرص لحماية مصالحها فى إطار تعزيز تعاونها العسكرى مع أوروبا والولايات المتحدة؟
- هذه كلها محاولات للضغط على تركيا بسبب التوترات الراهنة، ولكن لن يترتب عليها مواجهة عسكرية مع تركيا. وفرنسا تريد الحصول على مساحة أكبر من التنقيب عن الغاز فى تلك المنطقة، وتحاول حماية مصالحها، كمزيد من ممارسة الضغط العسكرى بعد التحرش التركى بسفن التنقيب، وهناك توتر سياسى بين تركيا وفرنسا فى العديد من الملفات، منها الأكراد والقضايا الإقليمية. تركيا قامت من قبل بمنع شركة إينى الإيطالية من التنقيب عن الغاز وباريس لا تريد أن يتكرر ذلك معها. هذا التوجه غير مفعل بصورة تنذر بصراع عسكرى أو فوضى، وهناك تخوف واستبعاد للمواجهة العسكرية منذ السبعينات، فالخمسة الكبار من الدول الأوروبية لديهم استثمارات وشراكات مع تركيا.
فى ضوء مشاركة شركات أمريكية وفرنسية وإيطالية فى التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص كيف يمكن لتلك الدول حماية شركاتها؟
- هناك وجود قوى للشركات الأوروبية فى قبرص أيضاً، متمثلة فى استحواذ شركة بريتش غاز على 35% من حقل أفردويت، من خلال شركة نوبل إنريجى الأمريكية. فى 2016 تمكنت «إينى» الإيطالية، و«توتال» الفرنسية من الحصول على حقوق اكتشاف «بلوك 8»، بينما حصل «كونسرتيوم» مكون من «قبرص وتوتال وإينى» على امتياز بلوك 6.
وتحتل الشركات الأوروبية موقعاً متقدماً فى خريطة اكتشاف الغاز والنفط فى دول شرق المتوسط، خاصة مصر وقبرص وفلسطين، تأتى فى مقدمة تلك الشركات، بريتيش غاز البريطانية، إينى الإيطالية، وتوتال الفرنسية، وشل الهولندية.
ويمكن للدول حماية شركاتها عن طريق الوجود العسكرى، فقد أصبح هناك توجه للوجود العسكرى فى الخليج وشرق المتوسط، باعتبارهما منطقة وجود الطاقة، وهناك صراع على إمدادات الغاز إلى أوروبا، سواء كان من خلال روسيا أو غاز شرق المتوسط أو الغاز القطرى والغاز الأمريكى ولكنه بعيد وسعره مرتفع. والقوى الأوروبية تعتمد على مرافقة السفن العسكرية لسفن التنقيب وبناء قواعد عسكرية فى اليونان وقبرص من أجل حماية إمدادات الغاز، وهذا يؤدى إلى عسكرة ملف الغاز وعسكرة التفاعلات فى شرق المتوسط، وهذا سيردع عمليات استهداف خطوط الغاز أو سفن التنقيب.
هناك استثمارات كبيرة فى الغاز فى هذه المنطقة، وهناك دول كثيرة لها مصالح فى المنطقة، سواء كانت إسرائيل أو الدول الأوروبية وتركيا والولايات المتحدة وروسيا. وقبرص تعتمد على حماية الدول الأوروبية لسفن التنقيب.
فى ضوء طلب اليونان مساعدة حلف الناتو فى مواجهة التهديدات والاستفزازات التركية.. كيف يمكن أن يساهم ذلك فى ردع تركيا؟
- الطلب مرفوض وصعب، لأن حلف الناتو لم يفعل شيئاً عندما تدخلت تركيا فى قبرص. بريطانيا متقاربة مع تركيا وهى القوة الثالثة فى حلف الناتو، وهناك تقارب من أجل مشاركة أوسع فى العمليات العسكرية معاً، وهناك تقارب بريطانى تركى فى الملف الليبى، ودعم الناتو لليونان مستبعد وما زالت أثينا تعانى من مشكلات اقتصادية وقيود واسعة.
"أنقرة" تعانى من عزلة فى "شرق المتوسط".. ولو تمكن "منتدى الغاز" من توفيره لأوروبا سيزداد موقف الدول المنضمة له قوة على حساب تركيا
ما تأثير تلك التطورات على حسابات أردوغان فى شرق المتوسط؟
- حتى الآن هذه التأثيرات ليست بالسلب، على الرغم من أن تركيا تعانى من عزلة فى شرق المتوسط. لو منتدى غاز شرق المتوسط استطاع أن يوفر الغاز إلى أوروبا سيدعم موقع هذه الدول على حساب تركيا المستبعد انضمامها له.
بهاء محمود: مشروع خط أنابيب "إيست ميد" يواجه صعوبات.. وقبرص تعتمد على الحماية الأوروبية لسفن التنقيب
ما مستقبل مسارات الطاقة البديلة إلى أوروبا فى ضوء التوتر الراهن مع تركيا فى المتوسط؟
- مشروع «إيست ميد» فى مارس الماضى، تم توقيع اتفاق فى تل أبيب بين المسئولين اليونانيين والإسرائيليين والقبارصة لإقامة خط أنابيب، ومن المرجح أن يلبى الخط ما يقارب 10-15% من احتياجات الاتحاد الأوروبى من الغاز الطبيعى، مع الأخذ فى الحسبان أن هناك إمكانية لربط خط الأنابيب «إيست ميد» بحقل ظهر المصرى التشغيلى، وتبقى العقبات المحتمل أن يواجهها المشروع فى المخاوف الأمنية من استهداف «حزب الله» له، أو استمرار اعتراض تركيا، لا سيما أن هذه الخطوة تعارض رغبتها فى أن تكون ممراً لخط أنابيب آخر يتحكم فى مسار توصيل الغاز لأوروبا، وهو ما تعكسه تصريحات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأنه يعارض بشدة أى تطوير لحقول الغاز القبرصية داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة دون أى يكون هناك تسوية تتم بين الأطراف المتنازعة، فضلاً عن معارضة تركيا فإن «إيست ميد» يواجه نقص الاستثمار، ومرتفع التكاليف، وفى المقابل ورغم الصعوبات التى ينطوى عليها نقل الغاز الإسرائيلى من خلال خط أنابيب الغاز المقترح عبر الأناضول (TANAP)، بما فى ذلك قدرته المحدودة على النقل الاحتياطى، يمكن أن يستفيد الاتحاد الأوروبى من خط أنابيب تركى يربط شرق البحر الأبيض المتوسط، كون خط أنابيب تركيا سوف يربط شرق البحر المتوسط بأوروبا عبر تصدير كمية أكبر من الغاز الطبيعى إلى الاتحاد الأوروبى.