م الآخر| القاهرة سابقا "1".. لسُت محبطًا
لسُت محبطًا ولا مكتئبًا، ولكني صادقًا وأمتلك أملًا في التغير..ولكن..
كنت منذ سنوات قليلة إنسان على أول طريق الشهرة والنجاح، وكان بيني وبين القمة خطوة واحدة، ولكن كل شيء ذهب في لحظة حماقة وغباء مني، والأن أدفع نتيجة غبائي وحماقتي وإيماني بُمثلٍا وقوميات قديمة لم يعد لها قيمة، ولكني الأن أرضى بنصيبي وقدري، وأشكر الله على ما أنا فيه ــ على السراء والضراء.
من فضلكم اتركوني أتذكر، واعلموا أني مجرد كاتب متحيز لنفسه، ويقدم الحقيقة من وجهة نظره؛ لأنه لا توجد حقيقة تستطيع أن تكون "محايدة".
أتذكر جيدًا أول أيامي في قاهرتكم وكنت قد سمعت عنها كثيرًا من قبل، وجئت لها قبل ذلك مع رحلات المدرسة، التي كانت تشتمل على زيارة حديقة الحيوان والقلعة ومدينة السندباد، وكنت أشارك في تلك الرحلات فقط من أجل المجيء للملاهي!.
كان ذلك قبل ظهور عصر "دريم بارك" حيث أصبحت الرحلات تقام من أجلها فقط بعيدًا عن قاهرتكم المزدحمة التي لم يكن يحبها الطلاب أساسًا.
ذهبت للعيش في شقة مشتركة مع عدد من أصدقائي المغتربين؛ لأني لا أفضل أن أعيش في المدن الجامعية، ولأني من أسرة تستطيع أن نقول عليها "متوسطة الحال" لسنا أغنياء ولسنا فقراء، وأمي يرحمها الله علمتني حب النظافة والنظام، وبالطبع نحن نعلم ما عليه المدينة الجامعية؛
لذلك فضلت السكن خارجها.
دائما يأتي لي إحساس غريب عندما أركب "المترو" أشعر أني بطيء في عالم مزدحم وسريع.. الناس تتحرك بسرعة تناسب سرعة المترو والعربيات المزدحمة، ولكني لم أتعود على ذلك في بلدي.
هنا أشعر بالإرهاق لأني لا أستطيع أن أمتلك سيارة أو أركب تاكسي، ولكني لا أشعر بالراحة في المترو.. لا أعرف كيف يقبل القاهريون حياتهم على هذا المنوال إنهم بالتأكيد من فرط اعتيادهم عليها فقدوا آدميتهم، وأصبحوا مثل القاهرة لا تشعر ولا تستغرب ما هي فيه.
من المفترض أن أقدم لكم نفسي الأن معكم "محمد تيمور" طالب في كلية الإعلام صعيدي من سوهاج.. من هواياتي القراءة والكتابة والحلم والتمني أن أكون ــ في القريب العاجل ــ مذيع مشهور جدًا أشهر من (معتز الدمرداش وعمرو أديب!).
أفخر جدًا بلوني الأسمر؛ لأني أُشبه حبيب قلبي "منير".. هناك الكثير من بلدياتي جاءوا إلى القاهرة وتحولوا إلى شخصيات بارزة ومعروفة، وحافظوا على أنفسهم وهوايتهم، ولكن منهم أيضًا من دهستهم القاهرة وشوهت ملامحهم وجعلتهم تائهين بين الأصل والحياة القاهرية المتطرفة.
لم تستهوني منذ بداية دراستي مجلات الحائط في الكلية، وشعرت أني لابد أن أبحث عن بديل، وكما أني أشعر مع أصدقائي القاهريون بالأمان، لكني دائمًا يتملكني إحساس بالخوف منهم.. إنهم ليسوا مثلنا يااااااابوي.. فهم يتلونون حسب ما تريد ومن الممكن أن يخونك أحدهم في أي لحظة ويتخلوا عنك.. ليسوا مثل أصدقائنا في "الصعيد" يكشفون لك عن أنفسهم حتى لو كانوا يريدون قتلك فيقولها لك في وجهك "نحن نكرهك ونريد أن نقتلك".
كنت من فرط إحساسي بالوحدة في القاهرة لا تستطيع أن تنام عيني.. كنت أسهر طوال الليل في شوارع القاهرة حتى شروق الشمس..
أذهب إلى البيت أو أذهب إلى الجامعة، وبعد ذلك أفقد الوعي من فرط الإجهاد، كنت أذاكر في الليل حتى شعرت أن "النوم" في القاهرة صعب جدًا بل و"مخيف".
حاولت أن أتأقلم على حياتي القاهرية، وأن أتقن لهجتها حتى أتخلص من "سخرية الأغبياء"، وكانت مشكلتي أني أشعر أن القاهريون يتحدثون "بنعومة" تشبه النساء حتى أن النساء لدينا في البلد يتحدثون "بخشونة" عنهم، وللحقيقة كنت أشعر بضيق؛ بسبب سخريتهم ومياعتهم وكنت أصرخ فيهم "إتحشم يا ولد" فتزداد ضحكاتهم!.