يناقش منتدى شباب العالم "الرابعة".. ثورات صناعية ثلاث شهدها العالم
صورة تعبيرية عن الثورة الصناعية الرابعة
"كيف نستعد للثورة الصناعية الرابعة؟"، عنوان أحد الجلسات الرئيسية ليوم الأحد، خلال فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الثالثة، والذي انطلقت فعاليته، السبت، في شرم الشيخ برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويعود مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة" لعام 2016، حيث أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس"، سويسرا، هذا المصطلح على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية.
وكما أحدثت الثورات الثلاث السابقة، التي بدأت في أواخر القرن الثامن عشر، تغييراتٍ كبيرةً على حياتنا، تمثَّلت بتطوّر الحياة الزراعية البدائية التي استمرت نحو عشرة آلاف سنة، إلى حياة تعتمد التكنولوجيا على المستويين الفردي والمجتمعي، ظهرت ثورة جديدة وهي الثورة الرابعة.
وقال آنذاك، كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى، في مستهل جدول أعمال المؤتمر لسنة 2016م "إن حجم التحوُّل ونطاقه وتعقيداته، سيكون مختلفاً عما شهدته البشرية من قبل".
الاقتصاد والحياة قبل الثورات الصناعية
كانت الحياة قبل الثورة الصناعية متشابهة تقريباً حول العالم، وكانت تعتمد على الزراعة ما يجعلها حياة بدائية جدا، حتى تتالت الثورات الصناعية مع نهاية القرن الـ18 وحتى الألفية الثالثة، وتتميَّز كل واحدة من الثورات الصناعية الثلاث السابقة باختراق تكنولوجي أو علمي كبير، أحدث نقلة في أنماط الاقتصاد والإنتاج، ثم في الحياة الاجتماعية والفردية، وعلاقة الإنسان بالطبيعة والأشياء على مستوى العالم بأجمعه.
الثورة الصناعية الأولى
جاءت الثورة الصناعية الأولى، بعد شوط كبير من نمط حياة وإنتاج وعلاقات بدائية استمرت لآلاف السنين، وحدثت بفعل اختراع المحرِّك البخاري في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، وهو آلةٌ تستخدم قوة البخار لأداء عمل ميكانيكي بواسطة الحرارة، ما أنتج عن تحولا كبيرا من الاعتماد الواسع على طاقة الحيوانات والجهد العضلي للبشر والكتلة الحيوية للطاقة (الحطب وغيره)، إلى استخدام الطاقة الميكانيكية والوقود الأحفوري، كالفحم الحجري في ذلك الوقت، ونتج عن ذلك أن بدأت الآلات التي تعمل بالبخار تحل محل اليد العاملة، ما أدى إلى نمو كبير في صناعات الفحم والحديد والسكك الحديدية والنسيج.
أدى التوسع في هذه الصناعات الكبيرة إلى تدهور نمط الإنتاج التقليدي السابق في الأرياف، والهجرة منها، ما أدى لحدوث توسع بالمدن وتقسيم العمل.
الثورة الصناعية الثانية
جاءت مع اكتشاف الكهرباء والإنتاج الشامل في خطوط التجميع في أواخر القرن التاسع عشر، وهو ما فتح الأبواب أمام كثير من الاكتشافات والاختراعات الكبيرة الأخرى، فبدأت بظهور محرِّك الاحتراق الداخلي الذي أحدث ثورة في صناعة النقل، كالسيارات والطائرات وغيرها، ثم حلول البترول كمصدر أساسي للطاقة محل أنواعها الأخرى.
وهذه الثورة أدت إلى إنتاج سلع استهلاكية بكميات كبيرة، ونشوء ما يعرف بالمجتمع الاستهلاكي، حسب موقع العربية.
الثورة الصناعية الثالثة
وهي الثورة التي أحدثتها الرقمنة (Digitization) والمعالِجات الدقيقة والإنترنت وبرمجة الآلات والشبكات في النصف الثاني من القرن العشرين، ومن مميزاتها، ظهور الكمبيوتر لأول مرة، ما أحدث ثورةً في تخزين المعلومات ومعالجتها، وبرمجة الآلة ورقمنتها، ما جعلها تحلُّ شيئاً فشيئاً محل اليد العاملة.
أدت الثورة الصناعية الثالثة إلى تراجع كبير في مستوى دخل الأفراد في الدول المتقدِّمة ابتداءً من ثمانينيات القرن العشرين، كما أدت لثورة في عالم الاتصالات وتطور خوادم (Servers) الكمبيوتر وقدراتها المتنامية باستمرار على تخزين المعلومات ومعالجتها إلى صعود المنصات الرقمية العملاقة (فيسبوك، تويتر، جوجل..الخ).
النتائج الأساسية للثورات السابقة:
نشرت "العربية" تقريرا رصدت فيه النتائج الأساسية للثورات الصناعية الأربع السابقة وجاءت كالتالي:
- انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية وزيادة جودتها نتيجة القيمة المضافــة التي أدخلتها الآلة في عملية الإنتاج.
- الطلب الكبير على اليد العاملة، الذي استمر بالنمو منذ الثورة الصناعية الأولى حتى الربع الأخير من القرن العشرين، أدى هذا إلى زيادة مداخيل فئات معظم الشرائح الاجتماعية وزيادة قوة شرائها.
- التناقض بين ارتفاع أسعار العمالة وانخفاض أسعار السلع مرده إلى ارتفاع الإنتاجية وذلك نتيجة الابتكارات التكنولوجية والعلمية المتواصلة دون انقطاع.
- توسع كبير في حجم المستهلكين، وتمكّن معظم سكان الكرة الأرضية من شراء سلع لم تكن لتخطر على بالهم والتمتع بها.
- هجرات كبيرة، من الأرياف إلى المدن، ومن الدول المتأخرة إلى المتقدمة، لم يسبق لها مثيل في ضخامتها عبر التاريخ.
الثورة الصناعية الرابعة
تنطلق الثورة الصناعية الرابعة، من الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الثالثة، خاصة شبكة الإنترنت وطاقة المعالجة (Processing) الهائلة، والقدرة على تخزين المعلومات، والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة. ما يفتح الباب أمام احتمالات لا محدودة من خلال الاختراقات الكبيرة لتكنولوجيات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم المواد، والحوسبة الكمومية، وسلسلة الكتل (Blockchain)، وغيرها.
ويعد ما يميز الثورة الصناعية الرابعة عن الثالثة، هي أن الثالثة تمثل الرقمنة البسيطة، أما الرابعة فتمثل الرقمنة الإبداعية القائمة على مزيج من الاختراقات التقنية المتفاعلة تكافليا عن طريق خوارزميات مبتكرة. وتعمل على دمج التقنيات المادية والرقمية والبيولوجية، وطمس الخطوط الفاصلة بينها، ورغم اعتمادها على البنية التحتية وتقنيات الثورة الصناعية الثالثة، إلا أنها تقترح طرقا جديدة تماما، بحيث تصبح التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من المجتمع وحتى من أجسامنا البشرية كأفراد، وتشمل: المدن الذكية وارتباط حركة الفرد والمجتمع بالشبكة، وتكنولوجيا الفضاء الخارجي، تقنيات التعديل الجيني، والتعلم المتعمق للآلة والأشكال الجديدة للذكاء الاصطناعي، وطرق تشفير مبتكرة مثل سلسلة الكتل (Blockchain)، العوامل الحاسمة مثل التعليم والاستدامة والحراك الاجتماعي.