لا مكان لتأنيب الضمير.. كُتاب ومثقفون يشترون كتباً مزوّرة
أحمد صابر
رغم أن الكُتاب هم أحد المتضررين الأساسيين فى معركة تزوير الكتب، من حيث خسارة الحقوق المادية والفكرية، فإن ذلك لم يكن مانعاً من إظهار قدر من التعاطف تجاه القارئ الذى يعتمد على الكتب المزورة، فهم قبل أن يكونوا كُتاباً محسوبين على طبقة المثقفين، هم أيضاً قراء يمرون بنفس الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى تجعلهم متفهمين الإقبال على هذه الكتب، باعتبارها وسيلة من هم أقل دخلاً للحصول على جرعته من الثقافة، أما المفارقة فكانت إعلان بعضهم الاعتماد على الكتب «المضروبة» فى حياتهم الشخصية بلا مواربة أو محاولة لإخفاء الأمر.
"صابر": إذا كان التزوير وسيلة لنشر الثقافة فليكن إذاً
الكاتب الشاب أحمد صابر، الذى صدرت له رواية عن الدار المصرية اللبنانية باسم «حياة رجل ميت» وأخرى بعنوان «مدينة العزلة»، رفض مبدأ الهجوم على الكتب المزورة بشعار «روبين هود»: «إذا كان التزوير هو الوسيلة لنشر الثقافة فليكن إذن»، مؤكداً أنه بعيداً عن كونه كاتباً، فهو كقارئ أحياناً يعتمد على الكتب المزورة بسبب الأسعار الباهظة للنسخ الأصلية من الكتب التى يرغب فى شرائها: «فيه نسخة أصلية لرواية (خالى العزيز نابليون) لأحد الكتاب الإيرانيين، التى كان يبلغ سعرها فى المكتبات 300 جنيه، وهو مبلغ بالنسبة لى كبير، خصوصاً مع شراء كمية كبيرة من الكتب، وكان الحل البحث عن نسخة غير أصلية ووجدتها فى سور الأزبكية وكانت بـ50 جنيه»،
ووصف «صابر» القارئ بـ«الغلبان» ليتم اتهامه بأنه يمارس «القراءة الحرام» بشرائه الكتب المزورة، قائلاً: «فى قراءة بسيطة لمشهد صناعة ونشر الكتب، سنكتشف أن الكتب المضروبة تسهم بشكل أو بآخر فى نشر الثقافة فى المجتمع، وتخلق طبقة من القراء حتى لو بإمكانيات ضعيفة، بمرور الوقت ستطور نفسها»، وهاجم «صابر» دور النشر قائلاً: «لا تتأثر دور النشر كثيراً بفكرة تزوير الكتب كما تدعى، لأنه فى النهاية الكتب البيست سيلر هى التى يتم طبعها أكثر من مرة، وتظهر عليها عبارات مثل الطبعة الثامنة والعاشرة، وهى كتب فى الغالب تتميز بطابع تنمية بشرية أو خيال علمى أو حتى مقالات خفيفة، أما الكتب الروائية الكبيرة والثقيلة فى المحتوى والمضمون، فلا يتم طبعها، لأن المزور فى النهاية تاجر جاهل كل ما يرغب فيه هو المال فقط، وبالطبع لن يحصل على المال إذا طبع الروايات الكبيرة».
"سارة": الطبعات الشعبية هى الحل
أما الكاتبة والشاعرة سارة عابدين، التى صدر لها عدة كتب شعرية، مثل «على حافتين معاً» و«ابتلع الوقت»، فقد أكدت أنها هى الأخرى تعتمد على شراء الكتب «المزورة» خاصة الروايات، إيماناً منها بمبدأ حرية تداول الثقافة: «لا أمانع فى شراء الكتب المضروبة كما اعتاد البعض أن يطلق عليها، أو الاعتماد على قراءة نسخ البى دى إف، فالكتب الأصلية التى أشتريها تكون كتباً فنية وفلسفية أرغب فى الاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة، وكذلك كتب الشعر التى فى الغالب لا يوجد تقليد لها، لأنها لا تهم المزورين، ويعلمون أنها لن تحظى بإقبال الجمهور، أما إذا رغبت فى شراء رواية أو أى كتاب عادى، فأنا ألجأ إلى المضروب، لكى أجربها، فإن لم تحظ بإعجابى، فلا أكون أنفقت المال فى الهواء، وذلك إيماناً منى بمبدأ حرية تداول الثقافة والفن والمعرفة، فأنا من أشد المؤمنين بهذا المبدأ، وأراه الحاكم لشكل الثقافة فى مصر»، وأكدت «سارة» أنها تعتبر نفسها «مواطنة وقارئة وأماً» قبل أن تكون من المنتمين إلى طبقة المثقفين، لذا فلا مكان عندها لتأنيب الضمير إذا اعتمدت على الكتب المزورة: «الذنب ليس ذنبى، بل الذنب يقع على من حول الكتاب والثقافة إلى سلعة، وهى دور النشر، التى وضعت أسعاراً مبالغاً فيها للكتب، رغم أن الكتب فى الأساس ليست سلعة»، مضيفة: «فى النهاية القراء نوعان، متيسر مالياً، وهو القارئ الذى فى الغالب يهتم بفكرة الماركات التجارية، فهو الأحرص على شراء الكتب الغالية الشيك دون اهتمام إن كان سعره بـ250 جنيهاً أو 300 جنيه، والقارئ الذى يمكن وصفه بأنه على قد حاله، وهو من يلجأ إلى شراء الكتب المضروبة، وعلى الناشر إذا كان يريد القضاء على هذه الإشكالية والوصول للقارئ البسيط أن يجد وسيلة لذلك سواء فى طبعات شعبية أو ما يناسبه».