شقيق ضحية كسح مياه المطر: نفسي أقدر أعالج ولاده.. وخالد منتصر يطلق مبادرة لدعم الأسرة
عامل نظافة
بعد قطعه مسافة طويلة من محافظة البحيرة إلى الإسكندرية، اعتاد عليها، من أجل عمله قبل حوالي 6 أشهر، انشغل بعمله البسيط كعامل نظافة في شارع سيدي بشر شرق المحافظة، لكسح مياه الأمطار الغزيرة التي أغرقت المنطقة الأسبوع الماضي.
لم يدر "عم إبراهيم"، كما أطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أنه لن يتمكن مجددا من العودة إلى قريته، عندما صطدمه أتوبيس تابع لهيئة النقل العام، فقتله في الحال.
وشهدت مصر حالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية، بمختلف المحافظات خلال الأيام الماضية، والتي صاحبها موجة أمطار غزيرة، تسببت في تجمعات مياه ضخمة بعدة مناطق.
تفاصيل وفاة عامل نظافة بالإسكندرية
لقي إبراهيم عبيد عبيد مسعود، 43 عاما، عامل نظافة، بشركة نهضة مصر، المسؤولة عن النظافة بمحافظة الإسكندرية، مصرعه، صباح الخميس، بعدما صدمه أتوبيس نقل العام، في أثناء قيامه بكسح مياه الأمطار بشارع مسجد سيدي بشر، شرق المدينة.
وكشفت تحريات ضباط البحث الجنائي بقسم شرطة المنتزه أول، أنه في أثناء كسح العامل، لمياه الأمطار بالشارع المشار إليه، صدمه أتوبيس نقل عام رقم "س. و. ن 1657" خط 513 "سيدي بشر– محطة مصر" قيادة "إ. م. ع".
وبمناظرة الجثة، تبين وجود إصابات عبارة عن "كسور بمختلف أنحاء الجسد، وعظام الجمجمة، ونزيف من الأنف".
ونقلت سيارة الإسعاف، الجثة إلى مشرحة مستشفى شرق المدينة.
نفسي أقدر أعالج ولاده.. شقيق عامل النظافة يتحدث عن أسرة الراحل
رحل "عبيد" عامل النظافة بشركة نهضة مصر للخدمات البيئية، والمقيم في عزبة حجاج بمركز كفر الدوار، في محافظة البحيرة، وترك خلفه طفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، غير قادرين على الحركة والعمل، بعدما كان مصدر الرزق الوحيد لعائلته، وفقا لقول شقيقه "السيد".
وسرعان ما تواصلت "الوطن"، مع أسرة عامل النظافة، حيث أكد شقيقه أن أتوبيس النقل العام، هشم رأس الراحل، ما أدى لوفاته، لتواري العائلة، جسده، في اليوم نفسه، بمدافن القرية، وتسود حالة من الحزن والألم بين أفرادها وأهالي القرية.
"احنا ناس على قد حالنا، وأخويا كان بيجمع المحصول في الأراضي للفلاحين قبل كده".. كانت تلك هي المهنة للراحل إبراهيم عبيد، وفقا لقول شقيقه، قبل أن يتمكن من العمل بشركة نهضة مصر للخدمات البيئية بعد عدة محاولات، في محافظة الإسكندرية، التي تبعد نحو 20 كيلو متر تقريبا عن مسقط رأسه.
كرَّس الأب الأربعيني الراحل، حياته بأكملها من أجل نجليه، الأكبر "محمد" 17 عاما، والمصاب بتشوهات في الوجه والجسد، والصغرى "ندى" 14 عاما، والتي تعاني من شحنات كهربية مرتفعة بالمخ، ما يجعلهما غير قادرين على الحركة وممارسة الحياة بشكل طبيعي، وأضاف "السيد" الذي يعمل في صالون حلاقة: "أخويا كان بيعمل لهم كل اللي يقدر عليه في الدنيا، وبيشتغل هنا وهنا وهنا، ويسافر أماكن بعيدة علشانهم".
أمنية وحيدة كان يهدف لها عامل النظافة الراحل، وزوجته، هي إجراء عملية تجميلية لنجله الأكبر، وعلاج ابنته، ليتمتعا بحياة طبيعية، على غرار باقي الأطفال، حيث يضيف شقيقه بنبرة حزن شديدة: "نفسي نحققها له، وأنا ربنا يعينني وأقدر أساعدهم في اللي جاي من غيره،احنا لا حول لينا ولا قوة".
عايزين نكرمه.. خالد منتصر يطلق مبادرة من أجل أسرة شهيد لقمة العيش
بعد انتشار خبر الحادثة عبر المواقع الإخبارية، لفت بشدة، نظر الدكتور خالد منتصر، الكاتب الصحفي والإعلامي، الذي تأثر بالحالة، وأطلق مبادرة من أجل تولي أمر أبناء "عم إبراهيم".
"شهيد لقمة العيش".. هو الوصف الذي أطلقه "منتصر" على عامل النظافة الراحل، وسط صمت وتجاهل شديدين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اهتموا بإطلاق موجة سخرية و"كوميكس" عن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد، دون الالتفات للضحايا الذين سقطوا نتيجة لها.
وقال منتصر، لـ"الوطن"، إن النقد مطلوب طوال الوقت، ولكن يجب أن يكون بإيجابية، بينما تم تجاهل عامل النظافة الراحل، فضلا عن السخرية من المواطن الشجاع الذي لم يأبه بالمطر، وأنقذ السيارة بنفق العروبة أيضا، ليتعرض إلى تنمر مخزٍ، ولم ينل الإشادة الجديرة به.
"بره بيعملوا لعمال النظافة تماثيل، ويكرموهم، وده النمط اللي بنسعى له".. يعتبر خالد منتصر ذلك، هو الهدف الذي يأمله، مطالبا بأهمية دعم تلك الطبقة الكادحة.
وأكد أنه تعاطف بشدة مع تلك الحالة، كونه الرجل توفي في أثناء عمله لكسح مياه المطر، وكان يتولى رعاية طفلين من ذوي الاحتياجات،مشيرا إلى أن العديد من الشخصيات البارزة تواصلوا معه بالفعل من أجل تلك المبادرة.