"بي بي سي".. تاريخ من "الدعاية السوداء والعداء المموَّل"
شبكة بي بي سي
تاريخ من الادعاءات والكذب، وتأجيج للصراعات، ونشر شائعات.. هذا ما دأبت عليه هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» ليس فقط تجاه مصر منذ الخمسينات، لكن تجاه «الوطن العربى» الذى طالما عانى من توجه الإعلام الغربى ضد مصالحه ومشروعاته، وربما تجلى ذلك فى تناول الإعلام الغربى للأحداث التى سُميت «الربيع العربى» الذى بدا مؤيداً من اللحظة الأولى ومروجاً للشائعات التى تنال من الدول العربية، منها ما نجح فى بث الفتن وتأجيج صراعات، ومنها ما فشل فى اختراق المجتمعات وإسقاط دول مثل مصر التى أبت أن تخضع لما يروجه الإعلام الغربى وينقله عن منصات جماعة «الإخوان» الإرهابية.
السفير محمد المنيسى، سفير مصر الأسبق فى قطر، يقول إنه رغم الترويج إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» مستقلة عن الحكومة البريطانية، فإننى أرى أنها تابعة لها بنسبة 100%، مشيراً إلى أن مجلس إدارتها لا يتبع الحكومة على الورق فقط، والمخابرات البريطانية تحديداً هى التى تسيطر عليها.
وأضاف «المنيسى»، لـ«الوطن»، أن الأمر الآخر هو أن الإعلام الغربى بالأساس غير مستقل رغم ادعائه العكس. وأضاف: «الحديث الذى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى إعلام الدول الغربية، تحركه شركات إعلام، وهى شركات غير حرة فى تصرفاتها، ومدفوعة الأجر، وقطر تدفع مبالغ طائلة تصل ملايين الدولارات لمثل هذه الشركات لتوظيف الادعاءات والدعاية فى اتجاهات محددة، ولعل أبرزها الهجوم المستمر على مصر».
وتابع أن أبرز فترات هجوم «بى بى سى» ضد مصر كانت أثناء حرب 1956، وبعد تأميم قناة السويس، حيث ركزت هجومها على الزعيم جمال عبدالناصر بشكل فج، ما دفع مصر إلى التشويش المنتظم على موجاتها الإذاعية.
"المنيسى": القناة بوق إعلامى للجماعة الإرهابية وعلينا مواجهتها بشركات دعاية وليس بـ"الإعلام الوطنى"
وأكمل قائلاً: «المخابرات الإنجليزية هى التى أنشأت جماعة الإخوان، لمواجهة التيار الشعبى الكاسح المؤيد للوفد الذى كان يدعو لإنهاء الاحتلال، وبعضهم كان يدعو للخلاص من الملكية نفسها، فالمخابرات البريطانية هى المحرك الأساسى والرئيسى والوحيد للجماعة، وبالتالى فإن (بى بى سى) هى المنبر أو البوق الإعلامى لهذه الجماعة».
وعن كيفية مواجهة الادعاءات ضد مصر، قال «المنيسى» إن الحل الوحيد هى شركات دعاية أخرى نتعاقد معها للرد بشكل احترافى على الهجوم الذى تقوم به مثل هذه الوسائل الإعلامية، ولا يمكن أن نستخدم الإعلام الوطنى لأنه معروف أنه تابع للدولة أو الدول تسيطر عليه وتحركه، بالتالى يُنظر إليه على أنه إعلام موجه.
ونشر المركز المصرى دراسة شملت وثائق خاصة بهيئة الإذاعة البريطانية تكشف الدور الذى اضطلعت به منذ إعلان الحرب العالمية الثانية بالاشتراك فى الأعمال السرية مع أجهزة المخابرات والجيش وبث الرسائل إلى مجموعات مقاومة أوروبية، قائلة إنه «إضافة إلى إعداد وبث البرامج الإذاعية للجمهور، شاركت هيئة الإذاعة البريطانية أثناء الحرب العالمية الثانية فى مجموعة أنشطة سرية عليا، وعملت مع وكالات الاستخبارات والجيش».
وأضافت الدراسة: «ترفع الوثائق الصادرة حديثاً النقاب عن دور المذيع فى هذا العالم السرى للإشارات والرموز والعمليات الخاصة، حيث قدمت هيئة الإذاعة البريطانية دعمها السرى لجهود الحلفاء الحربية، والتى أثارت أزمة ميونيخ فى سبتمبر 1938 العمل على إطلاق الخدمة الأوروبية لهيئة الإذاعة البريطانية بصورة عاجلة».
وقالت الدراسة: «كانت الخدمة الإذاعية لـ(بى بى سى) إلى أوروبا تعمل كدعاية، وأثناء الحرب الكلامية بين بريطانيا وقوى المحور، حرصت (بى بى سى) على تعزيز قيم المصداقية والدقة لديها، كما استشعرت أن ثقة أى مستمعين أجانب لن تُكتسب إلا إذا كان بإمكانها الإبلاغ عن الإخفاقات وكذلك النجاحات البريطانية، وفى فترة الحرب كانت (بى بى سى) مُلزمة بالعمل تحت إشراف الرقابة الحكومية، وبالتالى، كان عليها التعامل مع مجموعة من الوزارات الحكومية المتنافسة والأجهزة الأمنية؛ بدءاً من الخارجية والإعلام وصولاً إلى وزارة اقتصاد الحرب والهيئة السياسية للحرب، بجانب المسئول التنفيذى للعمليات الخاصة»>
مؤكدة أنها غالباً ما كانت تُخفف حدة العلاقة بين المذيعين والهيئات الحكومية تلك من خلال تبادل الموظفين الرئيسيين والإحاطات الإعلامية غير الرسمية، مشيرة إلى أنه على سبيل المثال، أُلزمت هيئة الإذاعة البريطانية بقبول دبلوماسى بريطانى كمستشار أجنبى، الأمر الذى مثل صعوبة لهيئة الإذاعة البريطانية التى كانت تؤمن باستقلاليتها».