خبراء عن مصروفات "التعليم الخاص": غياب الرقابة وراء الزيادات غير المبررة
كمال وشحاتة
تباينت آراء عدد من خبراء التعليم فيما يتعلق بالعلاقة بين المدارس الخاصة وأولياء الأمور والأزمات المتكررة بين الطرفين وكيفية التعامل معها وحلّها. وقال الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، إنّ المدارس الخاصة أصبحت تحاكى الحكومية فى كثافة أعداد الطلاب داخل الفصول، الأمر الذى أدى إلى خروج العملية التعليمية خارج مقاعد الدراسة واعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية، بسبب المرتبات الضعيفة التى يحصل عليها المدرس.
وأشار «مغيث» لـ«الوطن» إلى أنّ بعض المدارس تجبر مدرسيها على التوقيع على استمارة الاستقالة من باب الاحتياط ليتمكنوا من فصله بسهولة فى حال أبدى اعتراضه، ويضيف: «فيه مدارس بتأجر فتوات عشان يمنعوا أولياء الأمور اللى عندهم مشاكل مع إدارة المدرسة من الدخول». مؤكداً أنّ غياب الرقابة على المدارس الخاصة حوَّلها إلى كتلة من الفوضى، ومصدر مقيت للثروة والرزق، ما جعل من تلك المدارس مصدر تهديد لأولياء الأمور الذين رتبوا نظام حياتهم ومحل إقامتهم بالقرب من مدارس أبنائهم.
وتابع: «المدرسة فجأة بترفع قيمة المصروفات بشكل غير متوقع وغير منطقى فالأهالى حياتهم بتتوتر وفى الغالب بيضطروا يكملوا فى المدرسة عشان مفيش غيرها قريب منهم، أو يغيروا محل سكنهم وينقلوا أولادهم وده بيكون صعب جداً، كما أن غياب الرقابة الصارمة هو السبب الرئيسى وراء التلاعب فى زيادة المصاريف إضافة إلى أعداد الطلاب الكبيرة، ما يؤدى إلى الفوضى العارمة داخل الفصول».
وأضاف: «هناك قرارات وزارية لتنظيم تلك الزيادة، حيث ينص القرار 306 لسنة 1993 بإلزام المدارس الخاصة بالخضوع للإشراف المالى والإدارى كما هو الحال بالنسبة للمدارس الحكومية، إلا أن مُلاّك المدارس الخاصة ضربوا بتلك القرارات عرض الحائط، والحل يكمن فى رقابة شديدة بالإضافة إلى إلزام أولياء الأمور بدفع المصروفات الدراسية فى البنك، وفرض عقوبات صارمة على أى مدرسة تخالف القرار».
"شحاتة": هناك قرارات وزارية تنظم الزيادة لكن مُلاك المدارس يضربون بها عرض الحائط
فيما قال حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس عضو المجالس القومية المتخصصة، إنّه من المفترض أن تقدم المدارس الخاصة وجبة تعليمية دسمة ومتميزة حسب مطالب أولياء الأمور والمبالغ المادية التى يقومون بدفعها، كما أنّها من المفترض أن توفر للمتعلم بيئة تعليمية مناسبة، بالإضافة إلى الرحلات والأنشطة التى تسهم فى تحسين الحالة النفسية للطالب وتزيد من قدرته التعليمية، وأمّا فيما يتعلق بالدوافع التى تؤدى إلى الزيادة فى المصروفات فيقول «شحاتة» إنّ الزيادة التى تفرضها إدارات المدارس الخاصة هى شىء أساسى ومنطقى بسبب الغلاء الذى تشهده البلاد، بالإضافة إلى أنّ مُلّاك المدارس الخاصة فى الأساس قاموا بإنشائها بغرض الاستثمار، معلقاً: «هما رجال أعمال وكل هدفهم إنهم يكسبوا ولو ماعملوش زيادة يبقى مالهاش لازمة المدرسة، هما مش جهة حكومية عشان يقدموا خدمة ببلاش أو بسعر قليل»، ويشير «شحاتة» إلى ضرورة وجود تفاهم بين إدارة المدرسة من جهة وأولياء الأمور من جهة أخرى، فيما يخص المصروفات تفادياً للمشاكل.
ويتابع: «من المفترض ألا تتدخل وزارة التربية والتعليم فى أمور المدارس الخاصة ومصروفاتها إلا فى حالة حدوث خلاف بين ملّاك المدرسة وأولياء الأمور، وإدارة التعليم الخاص هى الجهة المسئولة عن فض تلك النزاعات وحل الخلافات، ويتابع أن قطاع التعليم الخاص مهم للغاية وذلك لمساهمته فى التحاق أعداد كبيرة من الطلاب بالعملية التعليمية».
وأكد «شحاتة» أن «التعليم الحكومى مش هيقدر يغطى كل الأعداد المهولة للطلاب دول، ولا هيقدر يوفر لهم نظام تعليمى شامل لأن المدارس الخاصة بتلعب دور كبير ومهم فى التعليم مانقدرش ننكره، وإن كان هناك بعض السلبيات فإنه لا يمكن الاستغناء عنها إطلاقاً».