«سيول الصعيد» تجبر أسرة على الرحيل: «الحقونا»
للوهلة الأولى، ظن أن ما يشعر به مجرد أضغاث أحلام، وأنه لا يزال مستغرقاً فى النعاس، حتى انتفض فجأة على صرخات أطفاله، محاولاً انتشالهم من فرشتهم التى تحولت إلى بركة من المياه بسبب السيول التى انهمرت، أمس الأول، على منزله المتواضع بمحافظة أسيوط.
ياسر عشماوى، فلاح بسيط يعمل باليومية ويسكن فى بيت من طابق واحد، يؤويه هو وزوجته، وأطفاله الصغار، قضت السيول التى انهرمت على جدرانه على الأخضر واليابس، حيث تصدعت الجدران الطينية، وغرقت متاعهم فى المياه التى ملأت أرضيته، حتى «البهائم» لم تنج من الحادث، لتلحق مزيداً من الحسرة فى قلب «ياسر»: «الخروف والمعزة والجدى اللى كانوا حيلتى راحوا».
رحلة «ياسر» الشاقة لم تبدأ وتنتهى عند حادث السيول، بل تعود إلى طفولته، حين توفى والده، ملقياً بتركة من الهموم على كاهله، حيث أصبح مسئولاً عن إخوة صغار هو أكبرهم، وأم مكلومة على وفاة رفيق عمرها.
«نظرة إلى الخراب الذى حل به وبأسر كثيرة فى محافظة أسيوط» هى الاستغاثة التى أطلقها «ياسر» للمسئولين فى الدولة، بعد أن اضطر إلى ترك أسرته عند بعض أقاربه حتى يجد ملجأ يؤويه هو وصغاره.
حال «ياسر» هو حال العديد من أسر الصعيد التى تغرق فى مياه السيول، بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو ما أدى إلى انهيار جزئى وكلى فى منازلهم المبنية بالطوب اللبن، وهو ما دعا «ياسر» إلى مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة من شأنها حمايتهم من هذه الكارثة، وتعويض أصحاب البيوت التى تضررت من السيول: «بيوتنا اتخربت وإحنا محيلتناش حاجة».