مؤتمرات الأمانة العامة لدور وهيئات الفتوى.. 5 سنوات من التجديد
مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم العام الماضي
تعقد الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مؤتمر الدولي في نسخته الخامسة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس الجمهورية - وتحت مظلة دار الإفتاء المصرية، وذلك في الفترة من 15 إلى 16 أكتوبر 2019م.
ويشارك في فعاليات المؤتمر 85 دولة، منهم أكثر من 40 دولة أعضاء أمانة الإفتاء العالمية، ويتنوع ضيوف المؤتمر على أساسين؛ الأول: جغرافي، والثاني: التخصص، وذلك بمشاركة، مفتين رسميين، أعضاء مجلس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أساتذة الشريعة والفقه والأصول، إعلاميين، سياسيين ومفكرين، يمتلكون رؤية لمعالجة إشكاليات الشأن الديني.
بمشاركة وفود من 85 دولة.. «القاهرة» تدشن وثيقة التسامح الفقهي وإطلاق اليوم العالمي للإفتاء
ويشهد المؤتمر العالمي للإفتاء في نسخته الخامسة توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء والمؤسسات المعنية بالفتوي في العالم، كما سيتم الإعلان خلال المؤتمر عن جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي.
ودشنت دار الافتاء المصرية، صفحة رسمية للمؤتمر، حيث نشرت خلالها الأهداف والمحاور الخاصة بالمؤتمر وشملت الأهداف:
- إبراز الريادة المصرية وتجربتها في العيش المشترك والتسامح الفقهي.
- تجديد النظر إلى الخلاف الفقهي ليكون بداية حل للمشكلات المعاصرة بدلًا من أن يكون جزءًا منها.
- تحديد الأصول الحضارية والاتجاهات المعاصرة للتعامل مع مسائل الخلاف وقضاياه.
- تنشيط التعارف بين العاملين في المجال الإفتائي على اختلاف مذاهبهم.
- الخروج بمبادرات إفتائية رسمية تدعم الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي.
- إعلان وثيقة: "التسامح الفقهي والإفتائي".
- إعلان آلية لإفادة مؤسسات المجتمع المدني للاستثمار من الخلاف الفقهي في مجال حقوق الإنسان وكافة المجالات الاجتماعية والإنسانية.
- تطوير طائفة من الأفكار التي تتبنى إنشاء برامج إعلامية ونشاطات اجتماعية يتشارك فيها علماء المذاهب المختلفة تكون مرشدة لأتباع هذه المذاهب وداعمة للتسامح.
كما يشمل المؤتمر أربع محاور رئيسية هي:
- الإطار التنظيري للإدارة الحضارية للخلاف الفقهيويرصد المشاركون فيه نقاطَ الاتفاق والافتراق بين النموذج الإسلامي وغيره في النظر إلى قضية الخلاف بصفة عامة، وقضية الخلاف الفقهي بصفة خاصة في موضوعاته السابقة، والتي تبدأ من الرؤية الفلسفية الإسلامية لقضية الخلاف في عمومها، والتي تجلَّت في كمٍّ هائل من النصوص والكتابات والتجارب.
- تاريخ إدارة الخلاف الفقهي: عرض ونقدوسوف يطرح المشاركون في هذا المحور كيفية الاستفادة من التجربة الفقهية الإسلامية في عصورها المختلفة للوقوف على ثمرات التجربة إيجابًا أو سلبًا.
- مراعاة المقاصد والقواعد وإدارة الخلاف الفقهي… الإطار المنهجي/ وتأتي نظرية المقاصد، تلك النظرية الأصولية العبقرية التي تناولتها عقول المسلمين قديمًا وحديثًا، لتمثل ميزانًا ضابطًا للفقه الإسلامي، ولتكون مرجعًا منهجيًّا ضابطًا لإدارة الخلاف والاختيار الفقهي، وسوف يتوالى طرح الأسئلة حيال الاستفادة المنهجية من هذه النظرية في عملية إدارة الخلاف والاختيار الفقهي.
- إدارة الخلاف الفقهي… الواقع والمأمولوسوف يناقش تطلعات عدة من خلال ما يدور من مدارسات ومناقشات في هذا المحور تسعى إلى الخروج بنتائج عن الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي في الجانب الإفتائي خصوصًا وفي جوانب الحياة كافة؛ حيث يناقش الحاضرون التجارب والأنشطة العلمية الداعمة لإدارة الخلاف الفقهي المفضية إلى التعايش ومواجهة التحديات الفكرية والمجتمعية مع الخروج بأفكار وتوصيات للإفادة من إدارة الخلاف الفقهي في هذه المناحي، وتُختم مدارسات هذا المحور بعرضٍ تقدمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لمستقبل إدارة الخلاف الفقهي على مستوى التواصل بين المعنيين بالإفتاء.
ويشمل المؤتمر علي 3 ورش العمل رئيسية هي:
- ورشة حول " إشكالية الإسلاموفوبيا وآليات التعامل معها"وتهدف تلك الورشة إلي بحث أشكال الإسلاموفوبيا وآليات التعامل معها.
- ورشة حول"عرض نتائج المؤشر العالمي للفتوى" وتهدف تلك الورشة إلي تقويم أداء المؤشر العالمي للفتوى خلال عام كامل والخروج بتوصيات للتحسين والتطوير.
- ورشة حول "الفتوى وتكنولوجيا المعلومات"تهدف إلى الإجابة عن كيفية استفادة المفتي من الثورة الرقمية في تحسين الأداء الإفتائي.
الأمين العام لأمانة الافتاء في العالم: الأزمات التي يمر بها المسلمون تتطلب استجابات نوعية تواكب حجم المشكلات والتحديات الراهنة
بدوره، أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية، والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لـ"الوطن" أن رسالة المؤتمر تشمل استثمار الخلاف الفقهي في كافة عصوره في دعم التماسك الاجتماعي المعاصر والمشاركة في عمليات العمران والإسهام في الحضارة الإنسانية المعاصرة.
وأضاف: سيتم استثمار نتائج هذا المؤتمر في الداخل والخارج حتى نحصِّل النتائج المرجوة منه، وسيتم تشكيل لجنة متخصصة لمتابعة تطبيق ما يصدر عن المؤتمر من توصيات ومبادرات على أرض الواقع والإشراف على تنفيذها على أكمل وجه.
وأوضح "نجم" أن استراتيجية الأمانة العامة تتمحور في مناقشة قضايا مؤتمراتها حول الاستجابة لمعطيات الواقع ومشكلات المسلمين وأوضاع دولهم وجالياتهم، فالأزمات والمشكلات التي يمر بها المسلمون في مختلف أرجاء المعمورة تتطلب استجابات نوعية تواكب حجم المشكلات والتحديات الراهنة.
وأشار مستشار مفتي الجمهورية إلى أن المؤتمر يهدف إلى إبراز الريادة المصرية وتجربتها في العيش المشترك والتسامح الفقهي، كما أن انطلاق المؤتمر من مصر التي تزخر بالعلماء والفقهاء يحمل دلالة ريادتها للعالم الإسلامي، فلن يجد المؤتمر للانطلاق والرعاية من يفي بهذا الأمر العظيم مثل أرض الكنانة مصرَ حماها الله وحرسها ورعاها.
تابع: امتداد الخطاب الإفتائي إلى الأقطار العالمية، يعد أحد الأهداف الاستراتيجية التي نسعى إلى تحقيقها من خلال مؤتمرات الأمانة العامة للإفتاء، وذلك سعيًا لاستعادة الريادة المصرية للفكر الإسلامي بل الإنساني في العالم كله، من خلال تقديم رؤية متكاملة للإسلام الحضاري الساعي لنشر قيم الرحمة والخير والجمال والنور بين الإنسانية كلها، بما يزيل الصورة الذهنية القبيحة التي رسمها دعاة الشر والشيطان الذين يدَّعون الانتساب إلى الإسلام وهو من أفعالهم وشرهم براء، فضلًا عن الوقوف على مشكلات عالم الإفتاء المعاصر، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة لها.
وقال "نجم": تعتني جلسات المؤتمر بإرشاد كافة العاملين في مجال الفتوى لقواعد جديدة يستندون إليها لاستثمار حالة الزخم الفقهي، وكيفية استثمار هذا الخلاف الحميد وإنزال كافة المفاهيم على واقع الناس في البلاد المختلفة والأحوال المتنوعة.
وكشف نجم عن تدشين مبادرة تختص بوضع برنامج تدريبي لإكساب مجموعة من المتدربين المشتغلين بالعلوم الشرعية المهارات الإفتائية، والعلمية، والفنية اللازمة لرفع كفاءة وجودة الأداء الإفتائي لديهم، ومن ثم رفع كفاءة وفعالية المؤسسات الإفتائية إن كانوا بالفعل يمارسون الإفتاء فيها.
عضو "الاعلي للصوفية والبحوث الاسلامية": العلماء علي ثغر تصحيح المفاهيم المغلوطة وصد الأفكار المتطرفة
من جانبه قال الدكتور محمد أبو هاشم عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن قضية استثمار الخلاف الفقهي، تأتي أهميتها في توقيت حرج من تاريخ العالم الإسلامي، وإذا كان العالم بأسره ينتفض الآن لمحاربة الإرهاب فإنه ينبغي على أهل العلم وحراس الدين والعقيدة من أهل الفتوى والاجتهاد أن يعلموا أنهم على ثغر عظيم من ثغور الإسلام، ألا وهو ثغر تصحيح المفاهيم المغلوطة وصد الأفكار المتطرفة ونشر قيم الدين الصحيحة السمحة.
وأضاف: اختلف الصحابة في فهم بعض النصوص؛ لكنه الاختلاف المبني على اجتهاد وسعي وصدق في الوصول إلى الحقيقة، لا اختلاف جدال وتصارع، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّى لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبيِ صلى الله عليه وسلم «فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ» رواه البخاري.
وتابع: أمرنا الله تعالى بتقديم مواطن الاتفاق بيننا وبين من يخالفنا في الدين، واحترام نقاط الاختلاف بيننا، فكيف نهاجم من يختلفون معنا في بعض الفروع والمسائل؟ فاللين في القول من أدب النبوة؛ فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رغم وثوقه أنه على الحق، لكنه خاطب قومه بقوله: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ".
عضو الأعلي للشئون الإسلامية: الإنسانية عانت من ويلات التعصب الديني والطائفي والمذهبي
وقال عبد الغني هندي عضو المجلس الأعلي للشؤون الإسلامية: منَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بتعدد الآراء والمذاهب في بعض المسائل غير المقطوع بها؛ رحمةً بعباده، قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي: "وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهَّد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة".
وأشاد عضو المجلس الأعلى بمؤتمر الافتاء، قائلا: يسعى المؤتمر لمعالجة قضية فقهية كبرى وهي قضية "إدارة الخلاف الفقهي" وكيفية استثماره وإدارته بأسلوب رشيد ليكون أداة فاعلة في دعم منظومة المشاركة الفقهية والإفتائية في الحضارة المعاصرة ودعم طريق الاستقرار والتنمية والمشاركة الإنسانية الفاعلة، حيث عانت الإنسانية من ويلات التعصب الديني والطائفي والمذهبي، وأزهقت الحروب الدينية أرواحًا إنسانية يتراوح عددها بين ثلاثة الملايين والاثنى عشر مليون إنسان، ومع ذلك فقد انتفعت التجارب الإنسانية في حقب أخرى من استثمار الخلاف الفقهي والإفادة منه في التجارب الإنسانية الاجتماعية والتشريعية على مدار التاريخ داخل بلاد المسلمين وخارجها، لذا فمن الأجدر بنا ألَّا يتوقف العطاء الحضاري للمسلمين في هذا الوقت الذي تُختبر فيه الأفكار بمدى إسهامها في الحضارة الإنسانية، وسوف يتدارس المشاركون هذا الأمر عبر محاور المؤتمر.
أمين الفتوي: كلمات التجديد تنطلق من مصر ليسمع العالم ويرى كيف نأخذ المبادرة دون تردد؟
وأكد الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوي بدار الافتاء، أن العالم يعيش اليوم تقاربًا في الاتصالات والمواصلات وتدافعًا عظيمًا في عالم الأفكار والاتجاهات ما يطرح علينا تحديات جسامًا، خصوصًا في إدارة الخلاف الفقهي الموروث واستثماره في معالجة القضايا والمشكلات المعاصرة.
وأضاف: كلمة الفقهاء والمفتين اجتمعت على ضرورة استثمار الخلاف الفقهي في شتى مناحي الحياة، والاجتهاد في الجديد حول العالم حدث تاريخي في حد ذاته، وانطلاق هذا المؤتمر العالمي من أرض الكنانة -عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- يُعطي لمقاصده وأهدافه وما يتمخض عنه خصوصية وثقلًا كبيرًا، حيث تنطلق كلمات الاجتهاد والتجديد من مصر المحروسة ليسمع العالم شرقه وغربه ويرى كيف نأخذ المبادرة دون تردد.
أمانة الإفتاء .. تاريخ حافل بالمؤتمرات العالمية
المؤتمر العالمي للإفتاء هو موعد دوري لطرح كافة المستجدات الفقهية والإفتائية، وعلى مدار أربع سنوات شهدت مؤتمرات الأمانة العامة نشاطًا مكثفًا ولقاءات متعددة وورش عمل كثيرة، وقد استطاع المشاركون فيها تحقيق الهدف المنشود، وتوجت أعمالهم بنتائج ومبادرات طيبة تخدم البشرية عامة وأمة الإسلام خاصة.
وقدمت الأمانة العامة أربعة مؤتمرات عالمية، هي:
- أغسطس 2015 عقد المؤتمر الأولي تحت مظلة دار الإفتاء المصرية وانبثقت عنه فكرة الأمانة العامة، بعنوان "الفتوى إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل".
- أكتوبر 2016 انعقد المؤتمر العالمي الثاني تحت عنوان "التأهيل العلمي والإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة".
- أكتوبر 2017 عقد الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم المؤتمر الثالث لها بعنوان: "دور الفتوى في استقرار المجتمعات".
- أكتوبر 2018 عقد الأمانة المؤتمر الرابعة بعنوان: "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق".