زيارة إحدى صفحات موقع على شبكة الإنترنت لا يحتاج سوى لثوانٍ معدودة، وهو ما يعطي الانطباع بأن عملية الاتصال بمواقع الإنترنت المختلفة هو شيء سهل للغاية، ولا يتضمن أي تعقيدات أو صعوبات.
الاكتشافات التكنولوجية المتعاقبة قد جعلت بالفعل عملية الاتصال بمواقع الإنترنت من الأشياء السهلة والسريعة بالنسبة للمستخدمين، لكن البعض قد لا يعلم ما تتطلبه هذه العملية من تنسيق ومعايير دقيقة، وتجهيزات حديثة ومعقدة، منتشرة في كل أرجاء العالم.
على الرغم من الثواني القليلة التي تستغرقها عملية زيارة أحد مواقع الإنترنت، منذ الضغط على رابط الموقع وحتى اكتمال تحميله، إلا أن الحقيقة أن هذا الموقع قد قطع آلاف الكيلومترات، ومر بالعديد من المراحل، حتى أصبح بمكان جهازك أن يعرض محتوياته بمنتهى السهولة.
بداية، فإن نظام انتقال البيانات الخاصة بالمواقع الإلكترونية على الإنترنت يعتمد على ما يسمى بـ"نموذج العميل - الخادم"، أو "Client-Server Model"، وهو شبيه بنظام التعامل في مطاعم الوجبات السريعة أو بطريقة طلب الطعام من خلال الهاتف، وفقاً للتقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني "Science ABC".
عند تحاول زيارة أي موقع إلكتروني، من خلال كتابة عنوان الموقع أو الضغط على رابط له، يقوم جهاز الكمبيوتر بإرسال طلب، أو "Request"، إلى "الجهاز الخادم" أو الـ"Server"، يطلب فيه مجموعة البيانات التي تحدد شكل صفحات الموقع، ومحتويات الموقع نفسه، من نصوص وملفات وسائط متعددة وأي نوع آخر من المحتويات.
هذا الطلب يتم صياغته بطريقة رقمية، حيث يتم فيه كتابة عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بالجهاز المرسل للطلب، "Internet protocol Address"، ويعرف أيضاً باسم المعرّف الرقمي، وكذلك عنوان الجهاز الخادم، بالإضافة إلى صيغة الطلب نفسه، ويطلق على هذا الطلب اسم "Packet"، أو حزمة، يتم أيضاً إضافة جزء إلى هذه الحزمة، يسمى "Cyclic redundancy Check"، أو اختبار الأخطاء الدوري، ويكون الغرض منه هو إثبات صحة الطلب وأصالته، وتمكين الجهاز الخادم من استرجاع أي جزء من البيانات يتم فقده أثناء انتقال الطلب.
إلا أن وصول الطلب أرسله جهاز الكمبيوتر الخاص بالمستخدم إلى الجهاز الخادم، يتم على عدة مراحل، خاصة إذا كان الجهاز الخادم في دولة أخرى غير تلك التي يوجد بها جهاز المستخدم، فبعد خروج الطلب من جهاز المستخدم، ينتقل إلى خط الهاتف، ومنه إلى عدة شبكات أكبر، حتى يصل إلى حواسب مقدم خدمة الإنترنت في البلد الذي يتم إرسال الطلب منه، إذا كان الجهاز الخادم الخاص بالموقع الذي تتم زيارته موجود بدولة أخرى، فإنه يتم إرسال الطلب إلى مركز شبكة الإنترنت بتلك الدولة، سواء من خلال البر أو البحر، عبر كابلات الألياف البصرية، والتي يمكنها نقل البيانات بسرعة الضوء.
بمجرد وصول الطلب، أو الحزمة "packet"، إلى الجهاز الخادم، وقيامه بالتحقق من صحة بيانات الطلب وأصالته، يقوم الجهاز الخادم بالاستجابة للطلب وإرسال بيانات الموقع ومحتوياته، إلا أن عملية إرسال الموقع الإلكتروني إلى جهاز المستخدم ليست بنفس سهولة إرسال طلب الدخول إلى الموقع، فالمواقع الإلكترونية تكون غالبا محملة بالعديد من المحتويات، بما فيها الصور والفيديوهات وتطبيقات الإنترنت، وهذا يجعل حجم الموقع كبيراً جداً، إلا أن مشكلة ضخامة حجم الموقع يمكن التغلب عليها، حيث إن بنية شبكة الإنترنت، من شبكات الهاتف شبكات الألياف البصرية كفيلة بنقل أضخم المواقع الممكنة.
لكن تبقى مشكلة أخرى تحتاج إلى ما هو أكثر من الكابلات السريعة للتغلب عليها، وهي إمكانية حدوث عطل في الكابلات الناقلة للموقع أثناء انتقاله، ويتم التغلب على هذه المشكلة بتقسيم الموقع إلى أجزاء عديدة، مرقمة بشكل متسلسل، ويتم إرسال كل جزء منها في مسار مختلف عن الأجزاء الأخرى، لكي لا يتعطل الموقع بالكامل إذا كان هناك مشكلة في واحد من هذه المسارات، بينما يقوم جهاز المستخدم بإعادة تجميع أجزاء الموقع التي تم استلامها، مستعيناً بالترقيم المتسلسل الذي أضافه الجهاز الخادم، حتى تكتمل جميع أجزاء الموقع، ويتم عرضه بالكامل.
تعليقات الفيسبوك