"الوطن" داخل مصنع "المدرعات".. أكبر "هناجر" الصناعات الدفاعية فى "الشرق الأوسط"
عملية تصنيع أجسام الدبابات والمدرعات من ألواح الصلب المُدرع
أن ينال مصنع فى أى دولة بالعالم ثقة الجيش الأمريكى، هو أمر نادر الحدوث، وأن تتطور «الثقة» إلى شراكة وحيدة على مستوى العالم فى تصنيع دبابة قتالية رئيسية، فهو تفوق واضح، وهو ما شهدته تجربة مصنع «إنتاج وإصلاح المدرعات» المصرى التى بدأت قبل نحو 30 عاماً، لتستمر الشراكة فى التطور والتحديث يوماً بعد يوم، فى قصة نجاح تستحق أن تروى بأحرف من نور. داخل المنطقة الصناعية فى «أبوزعبل»، ترى مساحة شاسعة مُسيجة لا تدرك نهايتها العين المجردة، لتجد أمامك «قلعة» ممتدة على مساحة تُناهز 2.5 مليون متر مربع، لتُدهش لمدى حرفية المصريين فى إنتاج دبابتين من أفضل دبابات العالم بأيدٍ وطنية خالصة.
ملحمة صناعية مصرية أبهرت "الجيش الأمريكى"
لم يكن الانبهار بـ«القلعة الصناعية المصرية»، من نصيبنا فقط، فجدران مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات، شاهدة على التاريخ؛ وهنا شهادات بتصنيع المصريين دبابات بأعلى معايير الجودة العالمية، وهناك درع شركة «جينرال ديناميكس» الأمريكية، إحدى أكبر شركات الصناعات الدفاعية فى العالم، وعلى جدار آخر تتدلى ميدالية من الجنرال جورج كيسى، قائد القوات المسلحة الأمريكية الأسبق، ممنوحة لـ«المصنع المصرى»، تقديراً منه للشراكة «المصرية - الأمريكية» المتميزة فى صناعة «الوحوش القتالية المعدنية»، إضافة للعديد من شهادات التقدير والدروع الممنوحة له من مؤسسات وطنية وجيوش صديقة وشقيقة تقديراً منهم لمكانته العالمية. «الوطن» تجولت داخل مصنع «إنتاج وإصلاح المدرعات»، برفقة مسئوليه، لتنقل لكم «ملحمة» يبنيها المصريون بأيديهم، التى أبهرت العالم، ولا تزال تبهره بصناعة «الوحوش المعدنية».
عشرات المبانى الإنتاجية والبحثية المُختلفة التى تستوعب قرابة 2400 مهندس وعامل، يعملون فى صمت بمشروعات إنتاجية للصناعات الدفاعية والمدنية، كلها ضمن «مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات» لكن «مبنى الإنتاج الرئيسى»، يظل أبرز ما يميز المصنع العريق، باعتباره أكبر «هنجر» للصناعات الدفاعية فى الشرق الأوسط على مساحة 84 ألف متر مربع.
تحويل "ألواح الصلب" إلى "دبابة".. ولا مكان للخطأ
يعود تاريخ إنشاء «الهنجر» إلى قرابة 27 عاماً مضت، حين عمل المهندسون المصريون على تأسيس «المصنع» بداية من عام 1987، وعلى مدار 5 أعوام، حتى بدأ أول إنتاج للدبابات منه عام 1992، لينتج بعدها آلاف الدبابات، التى تُمثل دبابة القتال الرئيسية للجيش المصرى ونظيره الأمريكى، والتى تُستخدم فى عدد من أكبر الجيوش فى العالم، باعتبارها إحدى أفضل مركبات القتال الحديثة فى العالم، ولم تُترك الدبابة «أبرامز M1A1»، التى تُصنع بشراكة «مصرية - أمريكية»، فى نسختها الأولى المُنتجة قبل قرابة 27 عاماً، لكنها خضعت لعدة عمليات من التطوير والتحديث، لتُصبح «الدبابة المصرية»، مزودة بنفس الإمكانيات التى تعمل بها نظيرتها الأمريكية.
«الوطن» تجولت فى «الهنجر»، الذى يعمل داخله عشرات العمال المهرة، الذين يصنعون «الدبابة»، بداية من كونها مجرد «لوح صُلب»، حتى تصبح «وحشاً» جاهزاً للقيام بالمهام الموكلة إليه، بداية من جميع عمليات التصنيع، والتجميع، وحتى الاختبار.
نصنع دبابتين أمريكيتين وأكثر من "3 أنواع مدرعات" و7 آلاف جزء بـ"الوحش" تصنَّع بـ"أيدٍ مصرية"
ويوجد داخل «الهنجر»، مثلما شاهدت «الوطن»، 20 محطة عمل للإنتاج، 12 منها لتجميع جسم الدبابة من «الصلب المدرع»، و8 محطات لتجميع «البرج القتالى» للدبابة، بإجمالى 20 محطة عمل تُصنع «الدبابة المصرية»، فى عملية تصنيعية يوجد بها أكثر من 7 آلاف جزء تتكون منه «الدبابة»، بحسب مسئولى مصنع «إنتاج وإصلاح المدرعات».
ويوضح مسئولو المصنع أن كافة الأعمال تتم بدقة متناهية؛ فلا يوجد مجال للخطأ فى الصناعات الدفاعية، خصوصاً «صناعة الدبابات»، حيث يهدف عملهم لتحقيق أقصى دقة لرماية الدبابة.
وشاهدنا خروج «الدبابة» إلى «مضمار الاختبار»، الذى يعمل مسئولو المصنع خلاله على التأكد من مطابقتها لكافة المواصفات الفنية، والتكتيكية، وقدرتها على المناورة، حيث يتم قياس أقصى سرعة تصل إليها «الدبابة»، وقدرتها على الدوران، وقدرتها على صعود الميول الرأسية، والجانبية، وعبور الطرق المختلفة.
يذكر أن الدبابة «M1A1»، تُصنف باعتبارها إحدى أكثر دبابات القتال فى العالم حماية للجنود، كما أنها تتميز بالقدرة على المرونة والمراوغة، واقتحام الموانع، كما أن لديها القدرة على صعود الميول الرأسية والجانبية، والسير فى الطرق المختلفة.
ويعمل مهندسو «مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات»، أيضاً على إنتاج دبابة النجدة من طراز «M88A2»، والمعروفة باسم «هركليز»، وهى دبابة ثقيلة تعمل على إخلاء الدبابات ونجدتها وإصلاحها حال وجود أى مشكلات بها.
ويعمل «المصنع» أيضاً على تصنيع «الدبابة هركليز»، فى 6 محطات داخل «الهنجر»، حيث يتم فيها تركيب جميع أجزائها، ثم تُنقل لمنطقة الاختبارات، ليفحص ونش السحب الرئيسى الموجود بها، وونش الرفع أثناء الثبات والحركة، وقدرتها على المناورة، وأقصى سرعة لها، وقدرتها على الدوران، وصعود الميول، وغيرها.
ويؤكد المهندس أشرف النجار، مدير الإنتاج فى «المصنع»، أن ورشته الرئيسية هى أكبر مبنى إنتاجى فى الشرق الأوسط، حيث إن طولها أكثر من نصف كيلومتر، وعرضها 152 متراً، كما تضم أوناشاً جاهزة لحمل أحمال حتى 75 طناً، ويوجد فى الورشة قرابة 100 ونش بطاقات مختلفة، كما يوجد فيها نحو 10 مولدات كهرباء.
ويلفت «النجار» إلى أن الورشة مجهزة بأنظمة لتنقية الهواء، وأن الضغط داخلها أكثر من خارجها لسحب الأتربة، كما أن أى منتج فيها يتم تشكيله وتصنيعه منذ أن يدخل لوحاً صلباً حتى يخرج معدة كاملة.
رئيس "الإنتاج": نصنع أكثر من 20 منتجاً بينها السواتر الواقية ضد الرصاص و"كبارى الاقتحام" وعربات الإطفاء و"المعدات الثقيلة"
من جهته، قال المهندس عبدالمقصود الدسوقى، رئيس قطاع الإنتاج فى «مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات»، إن مصنعه ينتج أكثر من 20 منتجاً، مثل الدبابات، وكوبرى الاقتحام حتى وزن 70 طناً، ومقطورة حمولة 70 طناً، وعربات مدرعة، وسواتر واقية ضد الرصاص، وخزانات وقود، وعربات إطفاء حرائق، وعربات وكرافانات بيع أطعمة، ولوادر، وهراس، وأوتوبيسات كهربائية، وغيرها.
واقرأ أيضاً :
رئيس مصنع "200 الحربى": ننتج دبابة من أفضل 3 بالعالم فى "أبوزعبل".. ونسبة التصنيع المحلى تتجاوز 90%