مصر تضع حجر أساس أول ميناء أخضر العام المقبل
توقعات بزيادة العائدات بعد افتتاح الميناء الجديد
تستعد الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، حالياً لبدء تشغيل مشروع أول ميناء أخضر فى مصر بمنطقة شرق بورسعيد، ليكون بذلك أول ميناء يراعى الاشتراطات البيئية بمصر فى مرحلتى الإنشاء والتشغيل.
مسئول: سيوفر عائداً يصل إلى 20 مليار جنيه
وقال مسئول بارز بالهيئة الاقتصادية لقناة السويس، إن تدشين أول ميناء أخضر بالمشاركة مع «سيسكو ترانس» هو مشروع ضخم يوفر 3300 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة فى جميع التخصصات داخل المجال اللوجيستى، مضيفاً أن العائدات المتوقعة للهيئة من المشروع تتراوح من 13 إلى 20 مليار جنيه، متوقعاً بدء تشغيل المشروع خلال العام المقبل.
وحول الاستثمارات المستهدفة من المحطة، أكد «المسئول» لـ«الوطن» أنها قد تصل إلى نحو 1.5 مليار جنيه، لافتاً إلى أن المشروع سيُنفذ طبقاً لأحدث التكنولوجيات العالمية ليكون أول ميناء أخضر نموذجى فى مصر صديق للبيئة، وهو ما يؤكد اتجاه المنطقة وحرصها على إرساء ثقافة الاستدامة وترسيخها ضمن خطة مصر 2030، باعتبار البعد البيئى محوراً أساسياً فى كل القطاعات التنموية.
وأكد المسئول أن ما يميز المشروع هو كونه محطة متعددة الأغراض صديقة للبيئة، وهو ما سيحول ميناء شرق بورسعيد إلى ميناء أخضر يراعى الاشتراطات البيئية، لافتاً إلى أن ميناء بورسعيد سيعمل على حماية التربة والمياه من أى انبعاثات أو أضرار قد تؤثر بصورة أو بأخرى على طبيعة الحياة هناك، وكذلك الحد من الانبعاثات الصادرة عن تداول البضائع، أثناء وصولها وتداولها وخروجها من الميناء.
من جانبه، أكد خالد فهمى، وزير البيئة السابق، أن المشروع هو أحد أهم المشروعات القومية التى تحظى بمتابعة مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأنه سيكون أول ميناء أخضر متخصّص بأحدث التكنولوجيات المتبعة عالمياً، وسيُقلل من الآثار البيئية السلبية على البيئة، سواء من حيث نوعية الهواء أو المياه أو التربة أو الضوضاء.
وعن أسلوب عمل الميناء، أوضح وزير البيئة السابق، أن الميناء يخصّص مناطق محدّدة لتخزين كل نوع بضاعة على حدة، بخلاف ما هو قائم الآن، حيث يتم شحن وتفريغ، وكذلك تخزين وتداول جميع أنواع البضائع على الأرصفة نفسها، وفى المخازن ذاتها، وهو ما لا يمكن اعتباره النموذج الأفضل، سواء بيئياً أو صحياً، كما سيتم تخصيص مساحات لتخزين وتداول بضائع الصب غير النظيف وإحاطتها بأسوار بارتفاع 12م، وكذلك إحاطتها بمساحات خضراء واسعة، وذلك للوصول بالتأثيرات البيئية إلى حدها الأدنى، فضلاً عن المساحات الخضراء الشاسعة التى سيتمتع بها الميناء عموماً، إلى جانب اعتماده على أحدث تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة (IOT) فى إدارة أنظمة الشحن والتفريغ والتخزين وتداول البضائع ودخول وخروج السيارات وغيرها، مما يعنى أنه طفرة تكنولوجية وبيئية غير مسبوقة.
وتابع: «يختلف الميناء الأخضر عن الميناء العادى من حيث آلية الإنشاء والتشغيل، وبالتالى الأثر البيئى والعائد الاقتصادى، فالميناء البيئى يلعب دوراً مهماً فى تعزيز التنمية الاقتصادية فى المناطق المحيطة به ويصل بالتأثيرات البيئية إلى حدها الأدنى، بينما تُعد الموانئ البحرية التقليدية مصدراً لتلوث البيئة، سواء (المياه أو الهواء أو التربة أو الضوضاء) لما لأنشطة الموانئ من تأثيرات، حيث إن النقل البحرى للبضائع يسبب أضراراً بيئية، سواء فى الميناء أو المناطق المحيطة بها».
وأضاف: «وتهتم مرحلة الإنشاء باتباع أحدث الوسائل العالمية فى استخدام الطاقة النظيفة للوصول بالبصمة الكربونية إلى أقل حد ممكن، مما يؤدى إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ومن ثم تقليل مخاطر التغيرات المناخية، ويتم تخصيص واختيار مواقع الساحات المكشوفة بعناية، من حيث اتجاه الريح السائدة، وكذلك المواقع التى تسمح بالتصميم والتخطيط الجيّد لتجنّب التخزين العشوائى، وما يتبعه من عمليات إعادة التخزين التى تنتج عنها آثار بيئية مضاعفة، كذلك يتم إحاطة هذه الساحات بأسوار مناسبة وأنظمة ترذيذ، للحد من الأتربة والجسيمات العالقة»، مشيراً إلى أنه سيتم إنشاء مخازن مغلقة لتخزين البضائع التى يتأثر أو يؤثر تخزينها بالساحات المكشوفة، كما يتبع فى إنشاء أرضيات هذه المخازن أفضل السبل التقنية، التى تسمح بتجميع المياه الناتجة عن تنظيف الأرضيات بخزانات أرضية وإعادة استخدامها مرة أخرى، وإنشاء محطات استقبال لمياه خزانات السفن الملوثة، لما لها من بالغ الأثر البيئى، نتيجة تصريفها فى مياه البحار فى الموانئ العادية.
من جانبه، قال العميد شهاب عبدالوهاب، الرئيس التنفيذى السابق لجهاز شئون البيئة، إن الميناء الأخضر المزمع إنشاؤه فى منطقة شرق بورسعيد، سيكون بمثابة البداية فقط، حيث تسعى الحكومة إلى تحويل موانئها إلى موانئ خضراء، مراعاة للاشتراطات البيئية، خاصة فى ظل ما تمتلكه مصر من خبرات وإمكانيات لإقامة هذه النوعية من الموانئ.
"عبدالوهاب": يعكس أهمية دور القطاع الخاص فى تنفيذ المشروعات البيئية
وأضاف «عبدالوهاب» لـ«الوطن» أن الميناء الأخضر نموذج يُعنى بالحفاظ على البيئة فى مراحله الإنشائية، بدءاً من التصميم، وصولاً إلى التشغيل، وهو ما يُعد دليلاً على المساعى المصرية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وتجنيبها جميع أشكال الملوثات.
وأوضح «عبدالوهاب» أن ما يميز الموانئ الخضراء عن غيرها من الموانئ التقليدية، أن الظروف التشغيلية فى كثير من الأحيان تقتضى اتباع بعض الأساليب الفنية فى الشحن والتفريغ التى لها آثار سلبية على البيئة، وذلك نتيجة عدم وجود الموانئ التخصصية، مما يؤدى إلى عاملين لهما تأثر بيئى سلبى على نوعية البيئة: أولهما أن مثل هذه الموانئ لا تكون مجهّزة بالتقنيات التى تسمح بالتداول البيئى الآمن للبضائع، والثانى أن ازدحام الأرصفة، نتيجة عدم وجود هذه الموانئ التخصصية يضطر الموانئ لعدم التفريغ على الأرصفة المعدة لذلك؛ فيتم التفريغ على المسطح المائى (منطقة المخطاف)، وهو ما يعد كارثة بيئية بكل المقاييس، حيث تتساقط البضائع المفرغة فى المياه، مهما اتخذ من احتياطات، وهو ما يؤثر أيضاً على غاطس الميناء (عمق المياه)، وهو ما يكبّد الدولة الكثير، لإعادة منسوب المياه إلى وضعه الطبيعى، وهو ما يُعرف بعمليات التكريك، لذا وإن كان الوضع الراهن يحتم ذلك، فهذا يعنى أن مثل هذه المشاريع يعتبر الحل الأمثل بيئياً واقتصادياً فى هذا الشأن.
وأوضح «شهاب» أن الميناء الأخضر هو ميناء صديق للبيئة يراعى الاشتراطات البيئية التى تطبّقها الدول العظمى بالعالم، مع استخدام أحدث التكنولوجيات الحديثة فى إنشائه وإداراته وتشغيله، لافتاً إلى أن تلك الثورة التكنولوجية المستخدمة تسهم فى الحفاظ على البيئة براً وبحراً.