"الكف الأسواني": أبناء الصعيد يحفظون "الفن الفرعوني" من الاندثار
محمود الإدفاوى مؤسس فرقة «الكف»
لكل محافظة فن شعبي مميز لها، وفى أسوان، الغنية بالآثار الفرعونية، يظهر فن "الكف الشعبي"، مثل ضوء الشمس المبهر، وتعتبر فرقة "الكف الأسواني"، بقيادة محمود الإدفاوي، من أهم فرق الغناء الشعبي، التي تشتهر بهذا اللون، وتقدمه في كثير من الفعاليات على مستوى الجمهورية، أملًا في انتشاره.
"من صغري وأنا معجب بفن الكف، وكنت أحضر الأفراح والموالد الشعبية، وأرى الفنانين الكبار من أمثال رشاد عبدالعال، ومحمود أبو درويش، وربيع بركة ومحمود أبو سعود، وهم يؤدون هذا اللون المميز من الفنون، وأتطلع إلى نظرات الدهشة والإعجاب في عيون الجمهور، من قدرة هؤلاء الفنانين السريعة على الارتجال والغناء، فقررت أنه يكون هذا الفن حلم حياتي".. هكذا بدأ محمود الإدفاوي، 36 عامًا، حديثه عن سبب إتقانه فن الكف.
لا ينكر "محمود" أن مهنة أبيه كمغنٍ ومداح في الأفراح والمناسبات العامة، منحته الكثير من الدروس المبكرة، موضحًا "فن الكف يلزمه صوت قوي جهوري، وده تعلمته من أبويا وشفت بيعمله إزاي، وإنه يقدر يغنى باللغة العربية الفصحى من غير خوف ولا خطأ، أما بقى فكرة الارتجال وسرعة البديهة في تكوين كلمات الأغاني على المسرح، فعلمته لنفسي ونجحت فيه"
"الإدفاوي": أصبحنا مطلوبين في كل المحافظات.. لكننا نحتاج إلى دعم وزارة الثقافة للاستمرار
ظل "محمود" لفترة غير قصيرة يعتمد على تقديم فن الكف الأسواني في الحفلات الفنية والأفراح والموالد الشعبية بشكل فردى، حتى قرر تشكيل فرقته الخاصة باسم "فرقة الكف الأسواني"، في عام 2000، مضيفًا "سجلت شرائط كاسيت لهذا اللون الفلكلوري، وحققت شهرة واسعة حتى وصلت إلى القاهرة، وقتها فكرت في إنشاء فرقة، وحالياً تتكون من 5 راقصين، وثلاثة عازفين".
يعتمد فن الكف، بحسب "محمود"، على مجموعة من المغنين والراقصين، الذين يغنون أول مقطع من الأغنية وتسمى «خانة»، وهي أبيات شعرية مرتجلة في صورة "موال مربع"، ثم ينطلق بعدها المغنى الرئيسي للفرقة في الغناء مرتجلاً بناء على تلك الخانة، مضيفا "إلى جانب الغناء على نغمات العود والدف، يؤدى الشباب الرقصات المتوافقة مع الإيقاعات، التي تصدر بالتصفيق".
أشكال فن الكف كثيرة، منها "الواو"، و"المربوع"، و"الكف الصعيدي"، و"الكف العالي" وفقًا لـ"محمود"، أما موضوعاته فتتنوع ما بين القضايا الاجتماعية، وقصص الحب والغزل، والحكايات الدينية: "رغم أن فن الكف هو فن فلكلوري تتوارثه العائلات في الصعيد أباً عن جد، لكن تاريخه يعود إلى الفراعنة، والزائر للمعابد الفرعونية القديمة مثل أبو سمبل وغيره سيجد حركات التصفيق منقوشة على الجدران، فقد كان يمارسها المصري القديم بشكل منتظم وثابت في الحفلات".
معظم أعضاء "فرقة الكف" ينتمون إلى قبيلة "الجعافرة"، المستقرة بمدينة إدفو بأسوان، ورغم ذلك فإن الفرقة تقدم جزءاً كبيراً جداً من حفلاتها في القاهرة، ويقول محمود "لفينا محافظات مصر كلها، وهدفنا نشر هذا النوع من الفن، لأنه مجهول بالنسبة للكثيرين، ومكان انتشاره الصعيد بس، ونجحنا في تحقيق ذلك، وحالياً عدد كبير من ساكني القاهرة ممن ينتمون إلى الصعيد، حتى لو باعتباره مكان الميلاد فقط، يطلبوننا لكي نحيى لهم الحفلات والأفراح الخاصة بهم على الطريقة الأسوانية".
رغم الجهود التي يبذلها "محمود" وفرقته منذ 19 عامًا في نشر فن "الكف الأسواني"، فإنه يرى أن تلك الجهود غير كافية، ما دامت لم تحظ بدعم وزارة الثقافة باعتبارها راعى الفنون الأول في مصر.