هل يجوز توسيع حدود عرفة لتستوعب الحجيج؟.. على جمعة يجيب
الكعبة المشرفة - صورة ارشيفية
الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأكبر، يقول الرسول الكريم "الحج عرفة"، وهو تأكيد على ضرورة الوقوف بعرفة في هذا اليوم، والوقوف بعرفة يكون يوم التاسع من ذي الحجة، ولو لحظة، في أي جزء منها، ولو مارًّا.
ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع ويستمر وقت الوقوف إلى طلوع فجر يوم النحر، وهو يوم العاشر من ذي الحجة.
ويستحب الوقوف بجبل الرحمة، متوضئًا، بعد أن يكون قد أدى صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا بنمرة مستمعًا للخطبتين، ملتزمًا بالدعاء، والتضرع إلى الله، حتى غروب الشمس من يوم التاسع من ذي الحجة.
وخلال سنوات مضت ظهرت دعوات لتوسيع مساحةِ الرقعة المخصصة لوقوف الحجيج على عرفة بما يُعرَف بامتداد عرفة؛ لاستيعاب العدد المتزايد من الحجاج.
وأجاب عن ذلك الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار عملاء الأزهر الشريف عن ذلك، بقوله: "من المقرر شرعًا أن حدود مشاعر الحج ومناسكه وحدود الحل والحرم من الأمور الثابتة بإجماع المسلمين سلفًا وخلفًا، إلا مواضع يسيرة نَصُّوا على الخلاف فيها، وهذا معدودٌ من الثوابت التي تشكل هُويَّة الإسلام والتي لا يجوز الاختلاف فيها"، والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ».
وحول حدود عرفة، قال "جمعة": "هي نهاية الحرم وبداية الحِلِّ، وهي معروفة معلومة أجمع المسلمون عليها، إلا ما يُحكى من خلافٍ ضعيفٍ في نَمِرَة، حتى نَصَّ الفقهاء على أن مسجد إبراهيم وهو المسمَّى بـ(مسجد نَمِرة) ليس كله من عرفة، بل مُقدَّمُه من طرف وادي عُرَنَة وآخره في عرفات، قالوا: فمن وقف في مُقدَّمِه لم يصح وقوفه ومن وقف في آخره صح وقوفه".
وأجمع المسلمون على صحة الوقوف بأي جزءٍ من عرفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ»، وأجمعوا على أن من وقف خارج حدودها فإن حَجَّه باطلٌ، إلا ما يُروَى عن الإمام مالكٍ أن من وقف ببطن عُرَنة فحجه صحيح وعليه دم.
والصحيح عند المالكية أن بطن عُرَنة ليس من عرفة ولا من الحرم، ونصَّ أهل العلم على أن من أخطأ الوقوف بعرفة فوقف خارجها بطل حَجُّه ووجب عليه القضاء، حتى لو اتفق ذلك للحجيج جميعًا؛ لأن ذلك مما يمكن التَّحرُّز منه، فلا يكون الخطأ عذرًا في إسقاط القضاء؛ فإذا أخطأ الحجيج في الموقف فوقفوا في غير عرفة لزمهم القضاء سواء كانوا جمعًا كثيرًا أم قليلًا؛ لأنَّ الخطأ في الموقف يؤمَن مثله في القضاء.
وعلى ذلك، فإنه لا يجوز توسيع رقعة عرفة خارج حدودها التي أجمع عليها المسلمون، خاصة أن المطلوب من الحاج في هذا الركن هو مجرد الوجود في أي بقعة من عرفة: أرضها أو سمائها، قائمًا أو قاعدًا، راكبًا أو راقدًا، مستيقظًا أو نائمًا، وليس المطلوب الإقامة أو المكث، فالركن يحصل بمجرد المرور بها.
ويمكن التغلب على التدافع والتكدس في الزحام الشديد بالتنظيم الشامل لنفرة الحجيج ولو بإلزام الحجاج بمذهب من لا يشترط وقتًا معينًا للوقوف، تلافيًا للأضرار الناجمة في ذلك.