رغم صغر أعمارهم، وافتقارهم إلى خبرة الشارع، قرروا شق طريقهم فى شارع المعز لدين الله الفاطمى، وإجبار أهالى المنطقة والعاملين على تقبّلهم، بسبب موهبتهم التى تناطح الأكبر منهم سناً، وشغفهم الذى يدفعهم للصمود رغم المشقة والتحديات.
حُبُ أدهم أحمد، 12 عاماً، للتصوير دفعه لتوديع لعب الأطفال، وحمل الكاميرا لالتقاط أحلى الكادرات: «حبيت التصوير وأنا عندى 6 سنين، لقيت الضحكة بتترسم على الوشوش لما الصورة تطلع الحلوة»، ولم يكن شراء كاميرا بالقرار الهيّن، فى ظل تدنى أوضاعهم المادية، فباح برغبته إلى والده، الذى ضحّى فى سبيل تحقيق حلمه: «بابا أجر التوك توك وجاب لى كاميرا».
يتحمل جزءاً من المسئولية ويساعد والديه فى إدارة مصاريف العائلة: «بافرح أوى لما باكسب فى اليوم 500 جنيه، باحوش منهم لنفسى علشان أشترى لعب لىّ ولاخواتى الأربعة الصغيرين، والباقى لماما وبابا»، ويعانى «أدهم» من مضايقات فى الشارع أحياناً تعيقه عن التصوير.
يمارس الطفل الموهوب هواية التصوير أثناء الإجازة الصيفية، ويودعها خلال فترة الدراسة: «باسيب التصوير وأذاكر، علشان خاطر ماما»، ورغم شغفه بالتصوير إلا أنه يتمنى أن يصبح ضابط شرطة: «نفسى أحمى بلدى، وأسمح للمصورين يمارسوا موهبتهم فى الشارع من غير خوف ولا أذى».
على بُعد أمتار من «أدهم»، تجلس «أمل»، 7 سنوات، فى حارة متفرّعة من «المعز»، تجذب أنظار المارة ببشرتها السمراء المزينة بالحنة، وقامتها الصغيرة، ولهجتها السودانية الغريبة على مسامع البعض، تنادى على النساء لرسم الحنة، ممسكة بـ«قرطاس» و«كتالوج» يحوى أشكالاً مميزة لرسوم الحنة: «تعالى يا حلوة، الرسمة بـ10 جنيه بس».
ما يقرب من 7 أشهر قضتها «أمل» وأسرتها فى القاهرة، فى كفاح مستمر لعلاج أخيها، واتخذوا من مهنتهم المتوارثة مجالاً للكسب: «أمى دايماً تقول الحنة هى صورة السودان، اللى بنرسمها على كل كف»، حيث تشعر بدفء الوطن وهى فى رحاب المعز، وكأنه جزء من أرضها: «هنا باقابل سودانيات كتير بيحبوا رسم الحنة، وكأننا اتفرقنا وجمعتنا الحنة فى المعز».
من الرابعة مساءً وحتى الواحدة صباحاً، تقضيها «أمل» بين أحضان شارع المعز، ثم تعود إلى بيتها، لتستعد لليوم التالى، ولا يشغلها سوى ما تعانيه من تنمر ومضايقات من البعض فى الشارع: «الناس بتقول لى يا سودة ويا سمرة وكأن لونى عار».
تعليقات الفيسبوك