مدير الاتحاد المصرى لجمعية المستثمرين: التعليم المزدوج يقود قاطرة التنمية ولدينا 36 ألف طالب
المهندس زكريا رجب
«التعليم المزدوج يمكن أن يقود قاطرة التنمية فى مصر، وكان بالفعل السبب الحقيقى للنمو فى ألمانيا، حتى عندما احتل الاتحاد السوفيتى الجزء الشرقى من ألمانيا، تم تغيير كل الأنظمة الموجودة عدا التعليم المزدوج، لأنهم أعجبوا به وتوسعوا فى تطبيقه»، بهذه الكلمات عبر المدير العام للاتحاد المصرى لجمعية المستثمرين، المهندس زكريا رجب، عن أهمية التعليم المزدوج، الذى يجرى تطبيقه فى عدد من المدارس الثانوية الفنية بالمحافظات.
وأكد «زكريا»، لـ«الوطن»، أن هذا النظام التعليمى يمكننا من خلاله تصدير العمالة إلى الخارج وزيادة تحويلات العاملين المصريين إلى حوالى 200 مليار دولار سنوياً.. إلى نص الحوار:
توفير العامل والفنى الماهر.. هل هذا هو دور الحكومة أم القطاع الخاص؟
- لفترة طويلة اعتاد العديد من رجال الأعمال توجيه اللوم للحكومة بسبب عدم توفير العمال المهرة، والحكومة ألقت بالكرة فى ملعب رجال الأعمال والقطاع الخاص، وأصبح القطاع الخاص هو المسئول عن مهارة الفنى، لأنه هو الذى يقوم بتعليمه وتدريبه، وبالتالى المسئولية أصبحت مشتركة، فى ظل نظام التعليم المزدوج، حيث يوجد الطالب فى مدرسته ليومين فقط أسبوعياً، و4 أيام فى المصنع، مما يخفف العبء عن كاهل الدولة.
وما الكيان الذى يدير التعليم المزدوج فى مصر؟
- التعليم المزدوج له شقان، الحكومة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم، والقطاع الخاص ممثلاً فى الاتحاد المصرى لجمعية المستثمرين، ونظراً لوجود الطالب لمدة 4 أيام فى المصانع، كان لازم نعمل كيان مسئول عن التعليم المزدوج الذى يتم داخل المصانع، بحيث تكون الوزارة مسئولة عن التعليم داخل المدارس، والقطاع الخاص مسئول عن التعليم فى المصانع، وفى بداية التجربة تم اختيار 5 مصانع، وكانت هناك سهولة فى التعامل مع النظام الجديد، ولكن بعدما زاد عدد المصانع، أصبحت هناك حاجة لوجود كيان يمثل مجموعة المصانع، وهى جمعية المستثمرين فى كل منطقة، ومن هنا بدأ ظهور كيان اتحاد لجمعيات المستثمرين، هو المسئول عن الجمعيات التى تنظم التعليم المزدوج فى كل إقليم.
وما حجم التعليم المزدوج وتخصصاته حالياً؟
- لدينا 36 ألف طالب موزعون على 40 مدرسة فى مختلف المحافظات، يتم تدريبهم فى حوالى نحو 5 آلاف مصنع ومنشأة تدريبية، فى 40 تخصصاً مختلفاً صناعية وزراعية وتجارية وفندقية، بحيث نحصل فى النهاية على خريجين مؤهلين لسوق العمل، وطبقاً لمتطلبات كل مجال، كما أن الطالب يبدأ العمل أثناء دراسته، وبالتالى عند تخرجه تكون هناك العديد من الفرص فى انتظاره، وعندما يعتاد الطالب الذهاب إلى المصنع لمدة 4 أيام فى الأسبوع، يدرك معنى الانتظام فى العمل، ويتعلم كيفية التعامل مع المهندسين والفنيين، وبالتالى تكون لديه خبرات ومعارف أكثر من زميله فى التعليم الفنى، الذى يقضى سنوات دراسته داخل المدرسة فقط، دون أن يحتك بأجواء العمل الحقيقية.
وهل يحصل الطالب على دراسة عملية فعلاً.. وكيف؟
- ما يتم تدريسه للطالب نظرياً داخل المدرسة، يقوم بتطبيقه عملياً فى المصنع، وبالتالى تتم معالجة مشكلة كثرة النظرى فى التعليم العادى، ويخوض تجارب عملية حقيقية، ومهما كانت الإمكانيات فى المدارس، فإن الماكينات الموجودة بها لا تشبه ما هو موجود فى المصانع من حيث تطورها، وعلى سبيل المثال، فى مجال صناعة السيارات يتم تدريب الطالب فى شركة «تويوتا» الحقيقية ويرى أحدث الماكينات، ويشارك فى العملية الإنتاجية.
المناهج مطابقة للاشتراطات الأوروبية.. ويمكن تحقيق 200 مليار دولار تحويلات من المصريين بالخارج
وهل يمكن للخريج أن يجد له مكاناً فى الشركات العالمية؟
- كنت فى ألمانيا قبل فترة، ولديهم تكنولوجيا عالية، وطلبوا خريجين من مصر للعمل فى عدد من المصانع، ولكن بشرط أن يكونوا على نفس مستوى التدريب هناك، ولو تم تأهيل خريجى التعليم المزدوج تأهيلاً كاملاً، ستكون هناك فرصة كبيرة لتصدير العمالة للخارج، ورغم أن مصر تتلقى تحويلات من العاملين بالخارج تبلغ حوالى 26 مليار دولار سنوياً، فإنه يمكن من خلال تصدير العمالة المدربة لبعض الدول الأوروبية والعربية، زيادة هذه التحويلات إلى ما يقرب من 200 مليار دولار سنوياً، بالإضافة إلى أن توفير العمالة الفنية الماهرة للقطاعات الصناعية فى مصر، من شأنه زيادة جودة المنتج المصرى، وهو ما يفتح باب التصدير واسعاً أمام الكثير من المنتجات الصناعية.
ما زلنا نعانى بسبب النظرة المجتمعية للتعليم الفنى.. فكيف تغلبتم على ذلك؟
- عندما يتخرج الطالب، وتكون لديه مهنة محترمة، ويحصل على راتب مجزٍ، فإن ذلك كله سيؤدى إلى تغيير هذه النظرة الدونية، خاصة أن شقيقه الذى يحصل على مؤهل جامعى، من كلية الآداب أو الحقوق مثلاً، عادةً ما يجلس فى البيت بدون عمل، كما أننا فتحنا الطريق أمام الخريجين لاستكمال تعليمهم الجامعى بعد انتهاء الدراسة فى نفس تخصصه، مع استمراره فى عمله أيضاً، كما يمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال وسائل الإعلام، بإلقاء الضوء على النماذج الناجحة فى الكثير من القطاعات الصناعية.
"زكريا": ألمانيا طلبت 25 ألف مهندس و25 ألف فنى.. وبنخرّج 5 آلاف فقط سنوياً مؤهلين فى 40 تخصصاً
كيف يمكن تنمية الطموح لدى الطلاب؟
- قبل فترة، جاء عمدة إحدى الولايات الألمانية إلى مصر، هذه الولاية يوجد بها مصنع كبير لإنتاج سيارات المرسيدس وغيرها من الصناعات الأخرى، ولكنها تعانى من نقص العمالة المهارة، ويكفى أن نعلم أن عدد سكان ألمانيا يبلغ حوالى 80 مليون نسمة منذ 20 سنة دون زيادة، وأن المنتجات الألمانية تغطى أكثر من 50 دولة، وأثناء أحد الاجتماعات أبلغنا المسئول الألمانى بأن الولاية تحتاج إلى نحو 25 ألف مهندس مصرى، وحوالى 25 ألف فنى، فى وقت نقوم فيه بتخريج 5 آلاف طالب بنظام التعليم المزدوج سنوياً، وهذا ما يزيد قناعتى بأنه إذا أولينا هذا النظام التعليمى المزيد من الاهتمام، يمكننا تصدير أعداد كبيرة من العمالة الماهرة.