"نيويورك تايمز": أوروبا عالقة في المواجهة بين أمريكا وإيران
روحاني وترامب
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن أوروبا عالقة في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، إنه مع تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، يجد القادة الأوروبيون أنفسهم في مأزق كانوا يخشونه منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية الإيرانية قبل 13 شهرًا وعودة العقوبات المفروضة على طهران، وفي حين أن الأوروبيين يريدون الحفاظ على الصفقة الإيرانية التي يرون أنها مهمة لأمنهم واستقرار الشرق الأوسط، فإنهم عاجزون بشكل أساسي في مواجهة النفوذ العسكري والمالي الأمريكي.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها، أن إيران تدعو أوروبا إلى حل مشكلاتها الاقتصادية الناجمة عن العقوبات أو مواجهة انهيار الاتفاق النووي مع بدء إيران في تجاوز حدود تخصيب اليورانيوم، لكن واشنطن تريد من الأوروبيين الانضمام إلى الضغط على إيران للدخول في مفاوضات جديدة لإغلاق برنامج طهران النووي بالكامل، والحد من برامجها الصاروخية وتقييد طموحاتها الإقليمية، وآخر ما يريده الأوروبيون هو إعلان عدم امتثال إيران للإتفاق النووي، وهذا من شأنه أن يقضي على الصفقة ويكون محزنًا للغاية بالنسبة لقارة في صراع بالفعل مع إدارة ترامب بشأن التجارة وتغير المناخ والإنفاق العسكري والتعددية وغيرها من القضايا.
وتابعت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول، "لذا، فإن الأوروبيين، الذين يقع موقفهم في الوسط، تحولوا إلى الدعوة إلى ضبط النفس ووقف التصعيد في حين أن واشنطن وطهران تبدوان على استعداد لإثارة التوترات، والمخاطرة بصراع يمكن أن يحرق الشرق الأوسط ويعطل العالم بأسره في إمدادات الطاقة".
وأوضحت أن إيران تهدد بتجاوز حد تخزينها لليورانيوم المخصب، في الأيام القليلة المقبلة، والبدء في تخصيب هذا اليورانيوم إلى مستويات أعلى في 7 يوليو إذا لم يوافق الأوروبيون على تخفيف العقوبات، ويشعر الأوروبيون بالاستياء الشديد من الضغوطات، لكنهم يحاولون أخيرًا إقامة نظام تجارة ضعيف يسمح ببعض التجارة على الأقل مع إيران.
وذكرت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، "لكن آلية المقايضة، المعروفة باسم Instex، لن تمنح إيران ما تريد، لإنه نظام مصمم للبضائع والإمدادات الإنسانية، التي لا تغطيها العقوبات في أي حال، وليس هناك ما يشير إلى أن أي شركة أوروبية كبرى ستخاطر بتعرضها للعقوبات الأمريكية بسبب التجارة البسيطة مع إيران".
وأشارات إلى أن المسؤول السابق بوزارة الخارجية والذي يعمل الآن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جيريمي شابيرو، قال إن من الواضح أن الأوروبيين لن يسلموا على الجبهة الاقتصادية، حتى لو نجحوا في تشغيل Instex، فإن ذلك لن يفيد الإيرانيين بما يريدون أن يفعلوه، وهو تعويض العقوبات الأمريكية.
وأكد المحلل الإيراني في صندوق مارشال الألماني في بروكسل جيوم كزافييه بندر، أن الأوروبيين عالقون في الوسط، وهذا أمر مؤسف، لأنهم بدأوا الصفقة في المقام الأول، موضحا أنهم يؤمنون بشدة بقيمة الصفقة، ومن الصعب عليهم التفكير قليلا خارجها.
وقال: "الأوروبيون يركزون على الصفقة ويحاولون إيجاد مبادرات مالية إبداعية مجنونة لإبقائها على قيد الحياة، لكنها لن تكون كافية".
وأوضحت الخبيرة الإيرانية في معهد الأبحاث الدفاعية أنيسة بسيري تبريزي: "لقد كانت إيران أولوية ثابتة بالنسبة لأوروبا منذ عام 2003، وأن الخيارات الأوروبية لإنقاذ الصفقة محدودة للغاية، بعد أن تقلصت صادرات إيران من النفط وهناك صراع في خليج عمان.. وأن أوروبا يمكن أن تساعد قليلا في التمويل، لكنها لا تستطيع أن تساعد في صادرات النفط".
ونوّهت الصحيفة الأمريكية، بأن إيران شعرت بأنها لم تحصل على ما وعدت به اقتصاديًا من الصفقة حتى قبل انسحاب ترامب وإعادة فرض العقوبات، الآن، الوضع أسوأ بكثير، حيث يعاني الاقتصاد الإيراني من ركود عميق وضغط كبير على أولئك الذين تفاوضوا على الصفقة، مثل الرئيس حسن روحاني، للاحتفاظ بالسلطة والنفوذ مع الزعيم الأعلى للبلاد، آية الله علي خامنئي ومع ذلك، يقول المسؤولون الأوروبيون إن الهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان، والتي يرى الكثيرون بأنها مسؤولية طهران، ساعدت على تنشيط الأوروبيين، الذين أرسلوا وفودًا رفيعة المستوى إلى إيران لمحاولة تشغيل Instex.
وقالت ناتالي توتشي مستشارة رئيس السياسة الخارجية الأوروبية فيديريكا موجريني: "أعتقد أن إيران استجابت لما تعتبره تصعيدًا أمريكيًا في الخليج، ويجب أن يكون الدور الأوروبي هو محاولة عكس هذه الحلقة المفرغة والتأكد من أن إيران ترى مصلحة في أن ترقى إلى جانبها من الصفقة حتى مع انتهاك الولايات المتحدة لها.. والآن ومع تهديدات إيران الجديدة بالموعد النهائي، يقول المسؤولون الأوروبيون إنهم يعملون على إنجاز صفقة واحدة على الأقل في Instex بسرعة، كجهد لإبقاء إيران ضمن الحدود المتفق عليها".
واستكملت أنه: "يوم الاثنين الماضي، وبعد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع الأوروبيين، أوضحت موجريني أن أوروبا ليست حريصة على خرق إيران في التزاماته، وقالت إن إعلانات إيران كانت مجرد جدليات سياسية، وستنتظر أوروبا حتى تعلن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما إذا كانت إيران قد انتهكت الصفقة أم لا، حيث وجد تقرير الوكالة الأخير، من نهاية شهر مايو، امتثال إيران للإتفاق النووي".
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، "بالنظر إلى تاريخ إيران التفاوضي، يعتقد كزافييه بندر أنه من المحتمل أن تبقى طهران على عتبة حدود الصفقة لمدة شهور، لكن هذا يضع الدبلوماسية الأوروبية في موقف صعب للغاية، حيث لا يمكنها أن تقول إنها تتفق مع الولايات المتحدة ولا يمكنها أن تدعم علانية الحكومة الإيرانية أيضًا، وقال إيلي جيرانمايه خبير إيراني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يبدو أن إيران تفهم اللعبة، فالقيود المفروضة على المخزونات أقل أهمية من القيود المفروضة على مستوى التخصيب، والتي تقلل من الوقت الذي يستغرقه لإنتاج مواد نووية كافية لصنع قنبلة".
وأشارت إلى أنه من المرجح أن تتحرك إيران في مراحل مغايرة نحو زيادة التخصيب، مما يفرض ضغوطًا على أوروبا وغيرها من الدول الموقعة، مثل الصين وروسيا، ولكن دون التسبب في آلية حل النزاعات الخاصة بالاتفاقية.
وأوضح جيرانمايه: "لا تزال أوروبا تناقش ما يجب القيام به، ولكن إلى متى؟ يزداد المزاج السياسي في بروكسل يوما بعد يوم، وسيزداد الضغط الأمريكي مع تصاعد بسيط في المنطقة وستضغط واشنطن على الاتحاد الأوروبي، لإحضار إيران إلى مجلس الأمن، كما أن الصين، عضو مجلس الأمن، هي أيضا عضو يجب مراقبته، وبصفتها دولة موقعة ومؤيدة للصفقة النووية وأكبر مشترٍ للنفط الإيراني، وفي خضم التوترات التجارية الكبيرة مع واشنطن، يعتقد أن بكين تعمل بهدوء على طريقتها لمواصلة شراء النفط الإيراني على الرغم من العقوبات الأمريكية".
وأكد شابيرو إن إيران لديها هدف أوسع، وقال: "الإيرانيون لا يحاولون معرفة ما يجب عليهم عمله دون إغضاب الأوروبيين، إنهم يلعبون نفس اللعبة التي مارسوها في عام 2003، وهو ما تفعله كل دولة، وهي تحاول الاقتراب من سلاح نووي دون التعرض للانتقام".
وأضاف أن الشيء الرئيسي الذي فعله الانسحاب الأمريكي والعقوبات والمواجهة في الخليج هو زيادة الحوافز لإيران للحصول على قنبلة نووية بشكل كبير، إنهم يفكرون في امتلاك القدرة على ذلك، لأنهم يعتقدون أنهم بحاجة إليها.