دراسة: 5 ملايين «بائع سريح» فى شوارعنا.. بينهم 45% نساء وأطفال
الباعة الجائلون قوة كبيرة فى الاقتصاد
فى وقت تسعى الحكومة لزيادة مواردها ضمن خططها لتخفيض عجز الموازنة، ما زال الاقتصاد غير الرسمى يتوسع حتى بلغ أكثر من 80%، بحسب بعض الخبراء، و60% وفقاً لدراسات حديثة، استدل بها محمد معيط، وزير المالية، للتأكيد على ضرورة التوصل إلى آلية لدمج «الاقتصاد الخفى».
وفقاً لدراسة حديثة عن اتحاد الصناعات، بلغ حجم نشاط الاقتصاد الموازى نحو تريليون جنيه، بينما قدرته دراسة دولية سابقة أجراها الخبير العالمى «هرناندو دى سوتو»، بـ2.6 تريليون جنيه، وبحسب الدراسة الأولى، فهناك ما يقرب من 40 ألف مصنع غير قانونى، يمارس العمل بعيداً عن أعين الدولة، من دون ترخيص.
الباعة الجائلون أو «السريحة»، كما يطلق عليهم، يتخطى عددهم 5 ملايين مواطن، يتجولون فى شوارع مصر، بينهم 30% من النساء، و15% أطفال، وفقاً لتقدير اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية، وفى محاولة منها لاتخاذ خطوات جادة لتشجيع أصحاب المنشآت غير الرسمية للاندماج مع الاقتصاد الرسمى، أعلنت الحكومة عن البرنامج القومى لضم القطاع غير الرسمى، وتضمّن إجراءات عدة، بينها تيسير إجراءات تأسيس الشركات، وسرعة إصدار تراخيص مزاولة الأعمال، وإقرار عدد من الإعفاءات والتيسيرات الضريبية والإجرائية لأصحاب الأعمال فى القطاع غير الرسمى.
خبير عالمى: الاقتصاد غير الرسمى يوازى إجمالى الاستثمارات الأجنبية فى مصر منذ الحملة الفرنسية وحتى الآن.. و"الفقى": الصينيون دخلوا على الخط
دراسة «دى سوتو»، أحد أكبر خبراء الاقتصاد والتنمية فى العالم، كشفت أن حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر يوازى إجمالى الاستثمارات الأجنبية التى تم ضخّها فى مصر، منذ خروج الحملة الفرنسية وحتى الآن، فيما قدرت وزارة التخطيط مساهمة القطاع غير الرسمى فى الاقتصاد بـ40% من الناتج المحلى الإجمالى للدولة.
وفقاً لرأى فخرى الفقى، خبير الاقتصاد، تقدر العمالة غير المنتظمة بحوالى 50% من إجمالى القوى العاملة المنتظمة فى مصر، مشيراً إلى أن هيكل «الباعة السريحة» شهد تغيرات خلال السنوات الماضية، إذ لم يعد الأمر قاصراً على باعة الخضراوات والخبز، بل امتد لمنتجات أخرى مثل الأدوات الكهربائية، ودخلت الفتيات حديثات التخرج، بترويج العطور وأدوات التجميل، وشهدت الفترة الأخيرة دخول الصينيين على الخط، ممن يطرقون أبواب المصريين لبيع منتجاتهم.
يقول «الفقى»: «أدعو الدولة إلى تشجيع أصحاب مشروعات القطاع غير الرسمى للدخول فى الاقتصاد الرسمى، بما يستهدف رفع مستوى هذه المنشآت العاملة بالقطاع غير الرسمى، وتحسين جودة ومعدّلات إنتاجها، فضلاً عن تحسين مستوى معيشة العاملين بها، ويقدّر عددهم بـ8 ملايين، يعملون فى مليون ونصف المليون منشأة غير رسمية».
"السيد": النشاط الموازى يضم نحو 40% من حجم العمالة الحقيقية فى محافظات مصر
من جانبه، يستنكر منصور عاطف، وكيل نقابة الباعة الجائلين، تشبيه البائع المتجول بـ«المتسول أو البلطجى»، يقول: «لا مانع من وضع قانون ملزم للجميع، يضمن للبائع الوقوف فى أماكن حيوية لترويج منتجاته، بدلاً من التجول بها فى الشوارع». نفس الرغبة كشفت عنها دراسة قبل سنوات، شملت عينة من محافظات القاهرة والإسكندرية والمنيا وبورسعيد، حيث أبدى 90% من الباعة الجائلين استعدادهم للتقدم للحصول على تراخيص، ودفع الضرائب حال تقنين أوضاعهم.
من جانبها، تسعى الحكومة لضم الاقتصاد غير الرسمى بكافة تنويعاته، عبر تنظيم حصر شامل لتلك المنظومة، حيث أعلن اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بدء عملية حصر الاقتصاد غير الرسمى لضمه للاقتصاد القومى والاستفادة به، فيما أعلنت وزارة المالية سعيها لوضع قانون للمحاسبة الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتحفيزها على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمى.
يقول الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية والاقتصادية، إن الاقتصاد غير الرسمى يضم ما يقرب من 40% من حجم العمالة الحقيقية فى مصر، لافتاً إلى أن الكثير من هذه المشروعات والصناعات ذات نشاط صغير، تضم عمالة ماهرة، بعضها يحتاج لبرامج تدريبية، قبل تأهيلها للاندماج فى المنظومة الرسمية للدولة.
يضيف: «هناك العديد من المزايا ستحصل عليها الدولة بعد دمج هذه الصناعات فى منظومتها، منها توفير مدخلات عالية الجودة للإنتاج وتأهيل العمالة الفنية الماهرة وصقلها بالتدريب، للاستفادة منها فى كل القطاعات، بجانب تقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجى، خصوصاً مع توفير الكثير من المنتجات التى تحتاج إليها السوق ومجتمع الأعمال».
وأشار «السيد» إلى ضرورة أن تبادر الدولة بتقديم مبادرات لتشجيع أصحاب هذه الأعمال والمشروعات الصغيرة للانضمام إلى الكيان الاقتصادى الرسمى، بإعطائهم مزايا عديدة، منها الإعفاء الضريبى على الصادرات لمدة زمنية محدّدة، وتحسين جودة المنتجات المعروضة وتقليل الاستيراد، ما يسهم فى إعطاء فرص المزاولة الرسمية فى السوق، دون ملاحقات أو مصادرات.
وأكد التزام الدولة بتغيير نظرة العمال السريحة لها من «المعاقب» إلى «الحاضن»، لكسب ثقة الباعة الجائلين، فتحدد شروطاً للتعامل معهم، تضمن فيها حقوقهم وعدم إهانتهم، بجانب ما تؤديه حالياً ببناء أسواق بديلة لهم فى أماكن حيوية، لاستبدال الأسواق العشوائية بأخرى رسمية.