العربي للمياه: انخفاض نصيب الفرد في بعض الدول لأقل من 200 متر
الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه
قال الدكتور محمود أبوزيد رئيس المجلس العربي للمياه، إنّ متوسط نصيب الفرد حاليا في البلاد العربية، يقل عن حد الفقر المائي، بينما كان يقدر بنحو 3500 متر مكعب في السنة في حقبة الستينيات من القرن الماضي، وإنّ كان هذا المتوسط يخفي خلفه حقيقة قاسية، وهي أنّ بعض الدول العربية ينخفض فيها نصيب الفرد الى أقل من 200 متر مكعب في السنة.
وأعرب أبوزيد عن أسفه خلال كلمته في إطلاق التقرير الثالث للوضع المائي في المنطقة العربية، قائلا إنّه رغم الندرة الشديدة في المياه، فإنّ الحكمة تغيب عن الطرق والأساليب المتبعة في استخدامات المياه، سواء للأغراض المنزلية أو للزراعة أو الصناعة أو حتى للتنزه، ويتراوح ذلك بين الإسراف في الاستخدام والتلوث وإلقاء المخلفات في المجاري المائية.
وأضاف رئيس المجلس العربي للمياه، أنّنا أحوج الشعوب لأن نتعامل مع مياهنا العربية بمزيد من الحكمة والحرص والعناية، على كل مستويات وطوائف المجتمع وأفراده دون استثناء، فلكل نصيب في المسؤولية وله دور يلعبه.
وأوضح أبوزيد أنّ المسئولية تبدأ من إصلاح السياسات والمؤسسات التي تدبر المياه وتقدم خدماتها، ومرورا بتطوير وتحسين البنية التحتية لمشروعات المياه، وتعزيزا لجهود التوعية والتربية والتعليم للتعريف بقيمة المياه وضرورة المحافظة عليها، وترشيد استخدامها، وصولا إلى تعظيم ثقافة ندرة المياه والتعامل مع المياه، بقدر ما تمثله من قيمة اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة، ترتفع إلى مستوى قيمة الحياة نفسها، وهو دور مهم يقع على وسائل الإعلام وقادة الفكر ورجال الدين الذين يشكلون فكر المجتمع ووجدانه.
ولفت رئيس المجلس العربي للمياه، إلى أنّ المنطقة العربية أمامها تحديات كثيرة مقارنة بسكان باقي بقاع العالم، فبينما يشكل سكان البلاد العربية 5% من مجموع سكان العالم لا تزيد مواردهم المائية عن 1% من المياه العذبة المتاحة في العالم كله، مشددا على أنّ إطلاق التقرير الثالث للوضع المائي في المنطقة العربية، يعد أول تقرير يصف حالة المياه من خلال منهجية معتمدة على مؤشرات محددة في منطقة جغرافية وعلى مستوى كل دولة.
وتابع أبوزيد أنّ أكثر من 60% من هذه المياه تأتي من بلاد مجاورة، قد تتعدد كما في حالة نهر النيل، الذي تشترك فيه 11 دولة، في الوقت الذي يمثل النهر مصدرا لأكثر من 98% من موارد المياه العذبة لمصر، مشددا على أنّ التحديات لا تقف عند هذا الحد، ففي الوقت الذى يتزايد فيه الطلب على المياه من أجل التنمية يزداد عدد السكان باضطراد، وهو الأمر الذي جعل كل البلاد العربية تقريبا تقع تحت خط الفقر المائي، الذي يقدر عالميا بنحو ألف متر مكعب للفرد في السنة.
وكشف رئيس المجلس العربي للمياه، عن أنّ المستقبل قد يأتي لنا بمزيد من التحديات في صورة تغيّر للمناخ، يترتب عليه تناقص موارد المياه العربية نتيجة تناقص معدل الأمطار التي تسقط في المنطقة العربية بنحو 20% بحلول نهاية القرن الحالي، في الوقت الذي ترتفع فيه درجة الحرارة ويزداد الفاقد عن طريق البخر.
وأشار أبوزيد إلى أهمية تحقيق التواصل والترابط مع البرامج والمبادرات العالمية والإقليمية، من خلال إبرام اتفاقيات التعاون الثنائية لتبادل المعارف والخبرات والمهارات في شتى المجالات المتعلقة بمنظومة المياه والغذاء والطاقة، وترابطها مع التغيرات المناخية وأثرها على الحالة الاجتماعية والاقتصادية، لافتا إلى التعاون مع منظمة اليونسكو ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" مكتب القاهرة، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية بإطلاق برنامج استراتيجي للمياه العربية غير التقليدية Arab Non-Conventional Water Resources، يهدف إلى وضع آلية إقليمية تساعد الدول العربية في تطوير خططها، من أجل استخدام الموارد المائية غير التقليدية، والتي تشمل مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي المعالجة والمياه شبه المالحة ومياه البحر المحلاة وحصاد الأمطار وغيرها.
وزاد رئيس المجلس العربي للمياه أنّ آلية تطوير استخدام الموارد المائية غير التقليدية تم من خلال إعداد 6 ملخصات سياسات، من شأنها أنّ تعكس الأبعاد المختلفة لاستخدام المياه غير التقليدية، كي توضع تحت تصرف متخذي القرار ومجلس وزراء المياه العرب.
وأشار أبوزيد إلى أن سلسلة تقارير الوضع المائي في المنطقة العربية، تعد أداة استراتيجية يمكن لأعضاء مجلس وزراء المياه العرب، استخدامها داخل البلدان لطلب الدعم لمواجهة تحديات المياه، موضحا أنّ صناع القرار في حاجة إلى الحقائق العملية، لتحقيق التقدم نحو مجتمع قوي ومثمر، مع تحسين الظروف الاقتصادية والظروف الصحية وتحقيق الاستدامة.
وأوضح رئيس المجلس العربي للمياه، أنّ العلاقة بين المياه والقضايا الاستراتيجية المرتبطة بها، مثل وفرة المياه والاستهلاك وسهولة الحصول على المياه والاقتصاد وغيرها، كلها أمور يتم تناولها في هذا التقرير لدعم المزيد من التطورات في قطاع المياه، مشددا على أنّ المياه جيدة النوعية تسهم في خلق فرص عمل أفضل، وبالتالي ترقى إلى مجتمعات أفضل تستطيع الصمود أمام التحديات الحالية والمتوقعة.