للمحبين طرق.. «الغمراوى» و«السيدة حورية» يستقبلان المصلين: عبادة وصلاة وثقافة وحلقات لقراءة القرآن
مريدو السيدة حورية يزورون مقامها
فى قلب المدينة وبالقرب من أحد أهم شوارعها، يتوافد مئات المواطنين يومياً على مسجد ومقام السيدة حورية التى يعود نسبها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، تتزايد أعداد الوافدين على المسجد فى شهر شعبان، خاصة فى ليلة مولدها حيث تقام حلقات الذكر والابتهالات الدينية، قبل أن يتحول المسجد خلال شهر رمضان إلى خلية نحل، حيث تعقد دروس العلم وحلقات قراءة القرآن الكريم، إلى جانب دور اجتماعى وإنسانى يتلخص فى مساعدة الفقراء بتوزيع الوجبات والأطعمة بخلاف آلاف الشنط الرمضانية التى يتم توزيعها فى بداية الشهر الكريم، وفى نهاية اليوم مع صلاة العشاء يلقى إمام المسجد درساً فى منتصف صلاة التراويح.. ويُعد مسجد السيدة حورية تحفة معمارية تعكس عبق الحضارة الإسلامية، يضم قبة خضراء وتصاميم فريدة تعود إلى أكثر من قرن من الزمان، وإلى جواره ضريح السيدة حورية، الذى يُقبل عليه الزوار من كل أرجاء المحافظة.
وعلى بعد خطوات من المسجد الذى سُمى على اسمه الميدان المجاور له، يتوافد المريدون من كل الأنحاء لزيارة مقام السيدة حورية للتبرك بها وطلب مساعدتها فى الشفاء، وحل مشاكلهم، لتختلط الحضارة المعمارية الأثرية بروحانيات التبرك بآل البيت نسبة لنسب السيدة حورية للإمام على كرم الله وجهه. ويعد مسجد مصطفى كامل الغمراوى، الذى بُنى منذ أكثر من 120 سنة، واحداً من أهم المساجد التاريخية فى محافظة بنى سويف، بما لها من مكانة روحية خاصة لدى الأهالى، خاصة فى رمضان، نظراً لما يتمتع به من تصميم وزخارف ونحت بارز على الجدران. ويعطى الموقع المتميز للمسجد فى ميدان مولد النبى وشارع أحمد عرابى بمدينة بنى سويف أهمية كبيرة له لدى أهالى المدينة، خاصة أن كثيراً منهم اعتادوا على زيارة المكتبة الملحقة به من الجهة الجنوبية، للتزود بما فيها من علوم فقهية.
"الديرى" تحفة فنية وعمارة إسلامية نادرة.. و"عمر بن عبدالعزيز" شاهد على أحداث ثورتى يناير ويونيو
وانتقى مصطفى كامل الغمراوى، مشيد المسجد، أفضل الأماكن والمواد لبناء المسجد، كما استعان بأحد المهندسين الإيطاليين الكبار لمساعدته على بناء المسجد الفخم، حتى يظل صامداً على مدار التاريخ، فى خدمة المسلمين.
كان «الغمراوى» واحداً من أوائل المصريين الذين أطلقوا حملة التبرع لإنشاء الجامعة المصرية، عبر صفحات الصحف العربية والأجنبية، والإذاعة المصرية، كما تبرع لها بمساحة 31 فداناً من أجود الأراضى الزراعية، و500 جنيه ذهب للمساعدة فى بنائها.
يقول مصطفى العطار، أحد مريدى المسجد: «غالبية أهالى المنطقة يحرصون على التجمع فى مسجد الغمراوى لأداء صلاة المغرب، حيث يصلون قبل موعد الأذان بساعة على الأقل، فيقرأون القرآن والأدعية والأحاديث، حتى صلاة المغرب، ثم نعاود اللقاء مرة أخرى فى صلاة التراويح، ويتميز المسجد بعبق روحانى، بجانب طابعه التاريخى، فقد تردد عليه كبار المشايخ والعلماء».
الشيخ على عبدالباسط، إمام المسجد، يقول «إن للمسجد محرابين، أحدهما للرجال، والثانى للسيدات، وتعد الواجهة الشمالية الشرقية للمسجد هى الرئيسية، ويحتوى على العديد من الزخارف والمنقوشات الرائعة والخشب المزخرف، وفى الواجهة الرئيسية للمسجد يوجد بابان مصنوعان من الخشب المزخرف، ويتوج واجهة المسجد من أعلى صف من الشرفات المسننة».
وأضاف: «يتصدر جدار المسجد الجنوبى صينية المحراب، وعليها زخارف هندسية، وعلى يمين المحراب يوجد المنبر الخشبى، وفى الجهة المقابلة توجد دكة المُبلغ، وترتكز على عمودين، كما تشرف على المسجد بسلم من الخشب المزخرف».
وإلى جانب مسجد مصطفى الغمراوى، يوجد بالمحافظة مسجد الديرى، أحد أشهر المساجد التاريخية، بناه همام بن درويش الديرى، عام «1327هـ»، منذ أكثر من مائة و15 عاماً، كما يعتبر من أوائل المساجد المنضمة لهيئة الآثار الإسلامية، وأنشأ المسجد على مساحة مستطيلة تزيد على الـ600 متر مربع، تحتوى على أعمدة رخامية استقطبت من إيطاليا خصيصاً، وقِبلته على شكل دائرى يتخللها عمودان مدمجان من الرخام تجمل القبلة الزخارف النباتية والهندسية المذهبة، وله سقف خشبى تتوسطه زينة مغشاة بالزجاج الملون، مزين بزخارف نباتية، أما عن مئذنة المسجد التى تتوسط الواجهة الشمالية الغربية فهى تعد تحفة معمارية، عبارة عن قاعدة مربعة يليها جسم مثمن ثم دورة المؤذن يعلوها جسم أسطوانى تعقبه دورة أخرى تليها قمة المئذنة، وهى بصلية الشكل وتنتهى بهلال من النحاس، وتتميز المئذنة بزخارفها الهندسية والنباتية، كما يحتوى المسجد على أعمدة رخامية نادرة، ودكة المؤذن التى كان يصعدها المؤذن قبل اختراع مكبرات الصوت.
عماد عبدالخالق، عضو مجلس إدارة المسجد، وحفيد درويش الديرى، صاحب مسجد الديرى، قال «إن هذا المسجد من أقدم المساجد بحى الديرى بمدينة بنى سويف، وأنشأه جدي لوالدتى «درويش عبدالجواد الديرى»، وأصوله تعود إلى ديار بكر فى تركيا، ووهب للمسجد 25 فداناً».
مسجد عمر بن عبدالعزيز الكائن بوسط المدينة، أنشئ فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1978 وكان وقتها الشيخ محمد متولى الشعراوى وزيراً للأوقاف وعبدالمنصف حزين محافظاً لبنى سويف، ويعد مسجد عمر بن عبدالعزيز الذى يقع بميدان مديرية الأمن القديمة، شاهد عيان على أحداث الثورة منذ اندلاعها فى 25 يناير 2011 حتى فض رابعة فى 14 من أغسطس 2014.
وفى تلك الأثناء وبعدها يشهد المسجد جميع الأحداث التى مرت بها البلاد من مظاهرات واحتفالات على مدار الثورة وحتى الآن يقوم المسجد بدور مهم فى إقامة كل الاحتفالات الدينية والمناسبات العامة والقومية بحضور القيادات التنفيذية والأهالى، كذلك يتم تشييع جميع جنازات شهداء الجيش والشرطة من المسجد بحضور المحافظ والقيادات الأمنية والمواطنين، وتوجد بالمسجد لجنة للزكاة وصناديق للتبرعات فى مختلف المجالات يتم توزيعها على مستحقيها وتجهيز العشرات من العرائس من الفتيات اليتيمات وغير القادرات، وفى نهاية 2017 أطلقت إدارة المسجد برئاسة المستشار أحمد عبدالجواد والشيخ أحمد عبدالعال إمام وخطيب المسجد مبادرة «مسجد وكنيسة.. بنى سويف بلد السلام»، وتضمنت زراعة أشجار الزيتون فى شوارع المحافظة بالإضافة إلى إقامة ندوات فكرية وثقافية بين الكنيسة والمسجد.