"فاو": 52 مليون شخص يعانون من نقص التغذية في الشرق الأدنى وأفريقيا
ارشيفية
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، اليوم، تقريرا ذكرت فيه أنّ ارتفاع معدلات الجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، مع انتشار النزاعات والأزمات الممتدة وتفاقمها منذ العام 2011، يهدد جهود المنظمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، بما في ذلك القضاء على الجوع في أنحاء المنطقة.
التقرير الذي جاء بعنوان "نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا"، أوضح أنّ 52 مليون شخص في المنطقة يعانون من نقص التغذية المزمن، لافتا إلى أنّ النزاعات هي السبب الرئيسي للجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إذ يعيش أكثر من ثلثي من يعانون من الجوع في المنطقة، أي نحو 34 مليون شخص في البلدان المتضررة من النزاع، مقارنةً بـ18 مليون شخص في البلدان التي لا تتأثر مباشرة بالنزاع، كما أنّ حالات التقزم والهزال ونقص التغذية أسوأ بكثير في البلدان التي تشهد نزاعات مقارنة بالدول الأخرى.
وقال عبدالسلام ولد أحمد المدير العام المساعد للفاو والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا: "يترتب على النزاعات وعدم الاستقرار المدني آثار طويلة الأمد على الأمن الغذائي والتغذية، في البلدان المتضررة مباشرة والبلدان المحيطة بها في المنطقة". وأضاف: "ومن آثار النزاعات تعطيل إنتاج الغذاء والماشية في بعض البلدان وبالتالي التأثير على توفر الغذاء في مختلف أنحاء المنطقة".
وزاد ممثل "فاو" أنّ ارتفاع نسبة الجوع يفاقمها أيضا النمو السكاني السريع، والموارد الطبيعية الشحيحة والهشة، والخطر المتزايد لتغير المناخ، وزيادة معدلات البطالة، وتناقص البنية التحتية والخدمات في الريف.
ويبيّن التقرير أنّ المنطقة لا تعاني من أزمة جوع فقط، إذ أنّ بعض بلدان المنطقة لديها معدلات بدانة تعتبر من بين الأعلى في العالم، ما يشكل ضغطا على صحة الناس ونمط حياتهم وأنظمة الصحة الوطنية والاقتصادات، وتتطلب معالجة البدانة وجود أنظمة غذائية تضمن حصول الناس على طعام مغذي صحي، وأيضا زيادة الوعي العام والمعرفة حول المخاطر المرتبطة بزيادة الوزن والبدانة.
التحول الريفي غير الكافي يعيق الجهود المبذولة للقضاء على الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030
ويوضح التقرير أنّ النزاعات لا تقوض فقط جهود القضاء على الجوع، وإنما أيضا درجة التحول في المناطق الريفية، يقول ولد أحمد إنّ البلدان التي لا تعاني من نزاعات وقطعت شوطًا طويلاً في تحويل المناطق الريفية بطريقة مستدامة، بما في ذلك الإدارة الأفضل لموارد المياه، حققت نتائج أفضل في مجال الأمن الغذائي والتغذية، مقارنة مع البلدان التي تعاني من نزاعات أو التي حققت مستويات متدنية في مسألة التحول الريفي.
وأكد التقرير الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز العمالة في الريف، وتحفيز النمو الاقتصادي في المناطق الريفية، وتقليل الفجوات بين الريف والمدن، وتحسين الإنتاج الزراعي والبنية التحتية والخدمات في الريف.
ولفت التقرير إلى أنّ البطالة، ولا سيما بطالة الشباب والنساء من مختلف الفئات العمرية، تشكل تحديا كبيرا في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، إذ ترتفع نسبتها في الغالب مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم. ويتفاقم هذا الوضع بسبب الفجوات بين الريف والمدن، إذ توجد تباينات كبيرة في مستويات المعيشة ومعدلات الفقر بين الريف والمدن، والاختلافات في إنتاجية العمل بين الزراعة التقليدية والصناعة والخدمات،.
وازداد عمق الفجوة بسبب الاختلافات في إمكانية الحصول على التعليم والصحة والخدمات العامة والإسكان. وفي الوقت ذاته، تستوعب المناطق الريفية نحو 40% من عدد السكان، حيث يعيش غالبية الفقراء.
ويظهر التقرير أنّ متوسط أجور العاملين في الزراعة من المرجح أنّ يكون أقل بكثير من أجور العاملين في القطاعات الأخرى، كما تعاني المناطق الريفية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من معدلات أعلى في فقر الدخل مقارنة بالمدن، والسبب في ذلك يعود جزئيا إلى انخفاض الأجور في الزراعة، وفي المتوسط، يشكل معدل الفقر في الريف ضعف معدل الفقر في المدن.
على المستوى الإقليمي، هناك فرص مهمة لتحويل الزراعة بطريقة مستدامة، بدءا من تمكين المزارعين من الوصول بشكل أفضل إلى الأسواق، وتشجيع الاستثمارات في الزراعة، ونقل التكنولوجيا وغيرها من الابتكارات، وإدارة الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة وفعالية، إضافة إلى إحداث تغييرات في السياسات الرئيسية التي تدعم التحول من زراعة الكفاف إلى نظم الإنتاج التجارية المتنوعة.
وقال ولد أحمد إنّ "هناك حاجة ماسة لتشجيع مزارعينا في المنطقة على الإنتاج وفقا للميزة النسبية للمنطقة"، مشيرا إلى ما تمتلكه منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من إمكانيات هائلة في إنتاج المحاصيل ومنتجات الثروة الحيوانية الأقل كثافة في الأراضي الصالحة للزراعة والمياه والأكثر كثافة في استخدام اليد العاملة.
ويسلط التقرير الضوء على الحاجة إلى بذل جهود واتخاذ إجراءات أكبر لدعم تطوير وتنفيذ السياسات والبرامج الرامية إلى القضاء على الاختلافات بين الريف والمدن.