خبير بـ"الاستعلامات" يوضح ملامح الثقافة الأفريقية
الدكتور رمضان قرني
قبل انطلاق كأس الأمم الأفريقية في القاهرة الشهر المقبل، وبعد تولي مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي فبراير الماضي، لوحظ أن أفريقيا مظلومة إعلاميا ولا تقدم بصورة دقيقة، فلا نكاد نعرف أبرز ملامح الثقافات الأفريقية واللغات الشائعة، والأنظمة الاجتماعية السائدة في هذه البلدان.
الدكتور رمضان قرني، خبير الشؤون الأفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات، تحدث عن سبب انتشار هذه الصورة قائلا: "الحضارة الأفريقية شديدة الثراء، لكن ما نعرفه مجرد صورة نمطية نمطية"، مرجعا ذلك لعدة أسباب أبزها أنه ليس لدينا مصادر أفريقية خالصة، ونعرف أفريقيا عن طريق المصادر والوكالات الغربية، وهي مصادر استعمارية في الأساس تقدم القارة السمراء كما تحب أن تكرسها في الذهنية الدولية، وتصدرها أنها قارة الثالوث المعروف الفقر الجهل المرض، وهذه صورة غير دقيقة، يروجها الإعلام الغربي ليتمكن من إحكام السيطرة، بغرض الحفاظ على مصالح معينة.
وأضاف قرني لـ "الوطن": "في مصر لا توجد جرعة كافية عن أفريقيا في المناهج التعليمية، فليس لدينا جيل في المرحلة قبل الجامعية يعرف عن أفريقيا، وحتى في التعليم الجامعي لا تقدم إلا في مناهج بعض الكلليات مثل الاقتصاد والعلوم السياسية، أو الكليات التي تدرس اللغات الأفريقية، وطبعا الوضع مختلف في الدراسات العليا، وفي الإعلام المصري فنفتقد أيضا وجود برامج متخصصة عنها، إلا برنامج أو اثنين، والنتيجة أنه ليس لدينا إعلاميين متخصصين في الشأن الأفريقي، وبالتالي مادة إعلامية، وبعض الصحف بدأـ تخصص صفحات لأفريقيا لكنها صفحات موسمية، مرتبط بحدث أو زيارة أو قمة أفريقية، أو مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فالقارة غائبة، فنعرف عن اللاعبين الأفارقة أكثر ما نعرف عن دولهم، فالمواطن لديه استعداد لتلقي المعلومات، فما المانع من ربط الثقافة بالرياضة".
وعن ملاح الثقافة الأفريقية، قال قرني: "لدينا 55 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، الثقافة الأفريقية تضرب بعمق في التاريخ منذ آلاف السنين، وبينها نوع من الروابط التاريخية، وتعتبر الحضارة الفرعونية أصل الحضارات الأفريقية والدراسات الأثرية تؤكد أن جزءًا من الرموز الحضارية المصرية وجدت في العديد من دول حوض النيل، ما يؤكد الترابط بين الحضارات الأفريقية، كما أن هذه الثقافة احتفظت بالجذور إلا أنها طورت نفسها، واستفادت من الاحتكاك بالحضارات الأخرى، كما أن هذه الثقافة تتميز بأنها تخاطب الجانب الأخلاقي، وبها جانب روحي".
وعن أثر الاستعمار على ثقافة القارة، أوضح قرني أن المستعمر استطاع فرض لغته على الشعوب لكنه لم يتمكن من فرض ثقافته، فاحتفظت العديد من الدول بالمجالس العرفية والنظام القبلي، موضحا أن من مظاهر الثقافة، على مستوى الأدب الأبرز هو الكاتب النيجيري وول سوينكا الذي حصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1986، أي أن أفريقيا لديها أدب عالمي، وفي العموم يتميز بالتنوع، فشرق أفريقيا لها احتكاك بالمنطقة العربية، أما منطقة الوسط والجنوب لديها احتكاك بالثقافة الإنجليزية "الأنجلوفون".
وعن اللغات التي تقدم بها هذه الثقافة، أوضح قرني أن أغلب الدول الأفريقية لديها احتكت مع لغة المستعمر، وصارت اللغة الرسمية التي تتفاعل معها، لكن دون ذوبان فيها، بل أنتجت أدبا خاصًا بها، هناك ثلاث لغات هي الأبرز "السواحيلية" في منطقة الشرق، و"الهاوسا" و"الفولاني" في منطقتي الغرب الوسط، والأمهرية في الشرق أيضا، بخلاف اللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والعربية.
وعن السينما، أشار قرني، أنه توجد في نيجيريا صناعة سينما هائلة هي "نوليود"، وتنتج من 500 إلى 1000 فيلم سنويا، وتأتي في المرتبة الثالة عالميا بعد هوليود وبوليود، لكنها تهتم بالمحلية، وما زال أمامها تحد للوصول للعالمية، مردرفا: "أما الموسيقى هي التي قطعت شوطا في التعاون العربي الأفريقي، وتعرفها المجتمعات الدولية من خلال المهرجانات، وخاصة أن هذه الفنون التي تعتمد على الطبول والرقصات الخاصة والزي الأفريقي، والذي مازال يحتفظ بطابعه المستوحى من البيئة".
وطالب قرني بأفرقة الحياة في مصر، بمعنى أن تكون القارة جزء من الحياة اليومية ومن المشروع الثقافي المصري، أي كيف نستثمر مقولة هوية مصر الأفريقية ونطبق ما ورد في ديباجة الدستور المصري، الذي تحدث باعتزاز عن تلك الهوية، فقد آن الأوان لتفعيل هذه المقلولة، مؤكدًا أن مصر تمتلك العديد من أدوات القوى الناعمة لتفعيل التعاون المصري الأفريقي، منها الأزهر الشريف بكل مؤسساته والكنيسة القبطية والمنح التعليمية التي نستقبل بها الطلاب الأفارقة، وكذلك معهد الإعلاميين والإذاعيين الأفارقة التابع للإذاعة والتليفزيون وغيرها من الوسائل، لكن القضية تحتاج إلى تفعيل، وأن يكون لها صفة الديمومة، ليكون لدينا جيل لديه فخر بالانتماء إلى هذه القارة، لافتا: "قد يصبح من الضروري إنشاء فضائية موجهة لمخاطبة الشعوب الأفريقية، وخاصة أن لدينا جيل جديد يجيد اللغات الأفريقية التي تدرس في الألسن وكليات الآداب الهاوسا والسواحيلي، والأمهري، فعند مخاطبة الأفريقي بلغته نكسب احترامه".