رمضان في إفريقيا| موغوجي والأتيكيه.. نجما إفطار ساحل العاج
المواطن العاجي كوني محمد
يكسرون صيامهم بـ "موغوجي"، وإفطارهم الأشهر "الأتيكيه" الأساسي يلي التراويح. والسحور لا يقل "ثقلا"، فهو ينافس الإفطار "دسامة". ولمسلمي ساحل العاج أو بالفرنسية: Côte d'Ivoire.. كوت ديفوار، خصوصيات متعددة. البلد الذي حّمِل أكثر من اسم منها "السودان الفرنسية"، واستقر على مسماه الأخير؛ لأن صائدي الفيلة من عموم غرب أفريقيا، كانوا يجمعون أنياب الفيلة ويعرضونها للبيع في أكوام على سواحلها فعرفت بـ"ساحل العاج".
كانت بوركينا فاسو، فولتا العليا سابقا، جزءًا منها حتى عام 1940، حين قرر المستعمر الفرنسي انفصالها في دولة مستقلة. وأوائل القرن الخامس الهجري بدأت معرفة قبائل البلد المطل على المحيط الأطلسي، والموزعة على 5 تجمعات عرقية، بالدين الحنيف عبر قوافل التجار المسلمين "الماندية"، وقبائل "البيجو" نتيجة لاحتكاكها بالتجار العرب، الذين اشتهروا بحسن وصدق المعاملة، وأيضا عبر مريدي الطرق الصوفية.
جاء توزيعها التيجانية الأكثر انتشارا خصوصًا في الشرق، والقادرية في الشرق، مع نفوذ واسع للسنوسية القادمة من ليبيا، وآخرها الحمدية، ليصبح المنتمين له أكبر أقلية بـ38% من السكان، خصوصًا بين قبيلتي جولا ومالينكي، من بين عشرين مليونا بحسب إحصاء 2009، يمزجون في عقيدتهم بين المذهب المالكي والتصوف.
يليهم، في الخريطة الدينية، 33% مسيحيين غالبيتهم يتبعون كنيسة الروم الكاثوليك، ثم 12% ديانات محلية أو "كريمي المعتقدات"، والباقون لا يؤمنون بأي دين. مزيج عرقي ضمنه 3% فرنسيين ولبنانين، يشاركون سكان ساحل العاج في 65 لغة، الرسمية منها الفرنسية، ثم الـ Dyula الأكثر انتشارا بين المسلمين، التي كانت وسيلة تواصلهم مع التجار العرب.
من التجار العرب انتقلت طقوس شهر الصيام لمسلمي ساحل العاج، تبدأ بتجهيزات استطلاع الهلال في التاسع والعشرين من شعبان، وحين تحسم الرؤية يصدر ما عرف بـ "راديو البيان" عن المجلس الأعلى للأئمة "COSIM".
المرابط هو اللقب الموازي للإمام أو الشيخ، صاحب السلطة الدينية، ويعتقد أنه صانع معجزات، طبيب، وصوفي، يحظى باحترام كبير، فهو موزع التمائم التي تحمي المسلم، وغير المسلم، من الشر. فالنجاح النسبي للإسلام في ساحل العاج، عاصمتها "ياموسوكرو" ومركزها الاقتصادي "أبيدجان"، يعود لتوافقه مع جوانب ثقافية أفريقية.. مثل تعدد الزوجات، ولأنه وفر مفاهيم مبسطة عبر التجار العرب، كما نظر إليه على أنه بديل للدين الأوروبي.
المواطن العاجي كوني محمد ينقل، لـ"الوطن"، طقوس رمضان في بلده. ينبهنا إلى أن السحور هو الأول، فيصف مأكولات مائدته التي تنافس الإفطار في ثقلها، وبطلها "رز بالصوص" وسمك أو لحوم حمراء، فلا يميل أغلب العاجيون لتناول الدجاج، وأحيانا تشتمل المائدة على خبز و"مايونيز" وبيض، وبطاطس ومكرونة.
في الثامنة صباحًا يتجه أهل ساحل العاج إلى أشغالهم مبكرا، حتى يعودوا قبل الإفطار في موعد ثابت السادسة وعشر دقائق، ومع آذان المغرب يكسرون صيامهم بالتمر مع الماء ومشروبات مثل الـ"موغوجي" المكون من دقيق الحبوب مع الزنجبيل، أو الأخير منفردا، أو الكركديه أو "شوربة اللحم"، ثم يتجهون إلى الصلاة التي تمتد لتشمل ركعات التراويح الـ10، ويعودون إلى منازلهم لـ"الإفطار الثقيل"، بحسب "كوني".
وجبته الأكثر شعبية هي الـ"أتيكيه"، نجمها سمك بالخضروات والبصل والطماطم وإلى جانبه أرز بالصوص، ويقول "كوني": مع "الأتيكيه"، مائدة الشهر الفضيل دائما عامرة بلحم الضأن أو البقري، كلٌ حسب إمكاناته المادية، متابعا: "البعض الدجاج، ومع اللحم، بأنواعه الخبز الفرنساوي والأرز".
في 25 رمضان، تبدأ تحضيرات العيد. الأسرة كلها على موعد مع "الترزي" الذي تسلم منهم الأقمشة لتفصيل ملابس تقليدية جديدة.
وعقب صلاة الفطر، يخرجون في مجموعات لتهنئة الجيران والأهل، وسرعان ما يعودون إلى بيوتهم لتكون السيدات أعددن الفطور. وفي المساء، طوال أيام العيد، تنظم حفلات السمر الجماعية بين الجيران، ويتصدرها الشباب وهم يشوون اللحم ويغنون ويرقصون.