الأقباط يحتفلون بـ«سبت النور» اليوم بعد انتهاء «أسبوع الآلام».. والكنائس تتخلى عن ستائرها السوداء
البابا تواضروس الثانى خلال صلوات الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية
اختتم الأقباط، أمس، أسبوع الآلام بصلوات «الجمعة العظيمة»، ويحتفلون اليوم بسبت النور صباحاً، قبل أن تقام مساء قداسات عيد القيامة فى كنائس كافة الطوائف المسيحية بمصر، طبقاً لتقويم الكنائس الشرقية، التى ستحتفل بالعيد غداً الأحد، طبقاً للاعتقاد المسيحى.
ولمدة 6 ساعات، ترأس البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، صلوات الجمعة العظيمة، أمس، فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بمشاركة عدد كبير من الأساقفة والكهنة والأقباط، وخورس الكلية الإكليريكية بقيادة الدياكون المرتل إبراهيم عياد، إذ حسب الترتيب الكنسى تُصلى فى نهار يوم الجمعة العظيمة ست ساعات هى باكر والثالثة والسادسة والتاسعة والحادية عشرة والثانية عشرة.
ويُعرف هذا اليوم بـ«جمعة الآلام» و«الجمعة العظيمة»، وطبقاً لما جاء فى الأناجيل، شهد اليوم الأخير فى حياة المسيح تقديمه إلى المحاكمة التى استمرت نحو 18 ساعة على مرحلتين وأمام سلطتين، وخلال 6 جلسات مختلفة، إذ خضع لـ3 جلسات أمام محكمة دينية يهودية، و3 جلسات أخرى أمام محكمة سياسية رومانية، ليُحكم بجلد المسيح 39 جلدة، وموته صلباً، وكان ذلك فى عهد الحاكم الرومانى بيلاطس البنطى.
وحسب الأناجيل، خرج المسيح حاملاً صليبه من دار الولاية، وهى قلعة أنطونيا بالقدس إلى تل الجلجثة، ولم يستطع أن يكمل الطريق بسبب الآلام التى ذاقها نتيجة الجلد بالسوط الثلاثى، وما استتبع ذلك من إهانات وتعذيب من قِبل الجند الرومان، كوضع تاج من شوك على رأسه، فسُخّر له سمعان القيروانى لمساعدته على حمل الصليب.
وفى الجلجثة، صُلب المسيح -حسب الاعتقاد المسيحى- مع لصين، ورفض أن يشرب خلاً ممزوجاً بمر لتخفيف الآلام التى يعانيها، فى حين وُضعت فوقه لافتة تتّهمه بوصفه «ملك اليهود»، واستمرّ نزاع المسيح على الصليب 3 ساعات، وفصّلت الأناجيل أحداثها، كالحديث مع اللصين المصلوبين معه، وحواره مع أمه ويوحنا الإنجيلى، واستهزاء المارة به، واقتسام الجند لثيابه، وأخيراً موت المسيح، الذى تزامن مع حوادث خارقة فى الطبيعة، إذ أظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل.
آلاف المسيحيين يشهدون معجزة النار المقدسة فى القدس.. والطوائف تقيم قداسات "عيد القيامة" الليلة بحضور مندوبين عن "السيسى"
وقبل بداية مساء الجمعة، وهو بداية سبت اليهود، أُنزل المسيح عن الصليب، بناءً على طلب يوسف الرامى، ودُفن فى قبر جديد فى بستان الزيتون، وكان بعض النسوة اللاتى تبعنه حتى الصليب ينظرن موقع دفنه أيضاً، ليكنّ فجر الأحد أولى المبشرات بقيامته، حسب رواية العهد الجديد.
وبحسب العقيدة المسيحية، تُعد طقوس الجمعة العظيمة فريدة من نوعها وترانيمها التى لا تردد فى أى وقت آخر، فتستمر الصلاة قرابة 12 ساعة منذ بزوغ الفجر حتى الغروب وتُختتم الصلاة بـ400 سجدة «ميطانية»، فيما يصوم المسيحيون قرابة 18 ساعة صوماً انقطاعياً عن الأكل والشرب، يبدأ من منتصف ليلة الجمعة حتى غروب شمس ذات اليوم، حيث يكسرون صيامهم بشرب الخل كما أذاقه الرومان للمسيح على الصليب حينما أراد الماء، ويأكلون الفول «النابت» الذى يرمز للحياة من خلال وضعه فى المياه فيقوم بإنبات نبات جديد.
ويحتفل الأقباط، اليوم، بما يُعرف بـ«سبت النور» أو «السبت المقدس» أو «سبت الفرح»، حيث تقوم الكنائس بإزالة الستائر السوداء التى وضعتها على جدرانها وباب هيكلها، واستبدالها بستائر بيضاء تستمر لمدة 50 يوماً، وتقليداً يتم الاحتفال بتلك المناسبة نحو الساعة 11 مساء من ليلة سبت النور حتى الساعات الأولى من صباح السبت، ويبدأ الاحتفال بعيد القيامة بصلاة تسبحة العيد عصر السبت، ثم باكر عيد القيامة مع حلول الظلام، وأخيراً قدّاس عيد القيامة مع انتصاف الليل، وتختم مع الساعات الأولى من يوم أحد القيامة.
وأقيمت على قبر المسيح، حسب الاعتقاد المسيحى، كنيسة القيامة، التى وُثّق فيها لأول مرة عام 1106 ميلادية، ما عُرف بمعجزة «النار المقدسة»، التى تحدث بحسب الاعتقاد المسيحى سنوياً، بأن يدخل بطريرك أورشليم وحده إلى قبر المسيح بعد أن يجرى فحصه جيداً من قبَل السلطات الإسرائيلية للتأكد من أنه لا يحمل أى مادة أو وسيلة لإشعال النار، كما يتم فحص القبر أيضاً قبل هذا الحدث، ويتم وضع ختم من العسل الممزوج بالشمع على باب القبر، ويحضر المصلون الحدث مرددين «كيرياليسون»، وتعنى باليونانية «يا رب ارحم»، ثم بعد ذلك تنزل النار المقدسة على 33 شمعة بيضاء فى رزمة واحدة، تدل الشعلة على أن المسيح قام وهزم الموت، وهذه النار لا تصيب أحداً بأذى، فيصور الحاضرون أنفسهم وهم يقربون النار من وجوههم وأياديهم عالمين بأنها لن تضرهم.
ويحرص آلاف الأقباط سنوياً على كسر قرارات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمنع زيارة القدس، للذهاب فى رحلات إلى الأراضى المحتلة ليشهدوا تلك المعجزة فى كنيسة القيامة كل عام، ويشهد تلك المعجزة هذا العام نحو 5500 قبطى تم نقلهم عبر 27 شركة سياحة، منها شركة تابعة للمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى الخاضع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ومن المقرر أن يستقبل البابا تواضروس الثانى، اليوم، عدداً من المهنئين بالعيد أبرزهم القيادات الإسلامية بالدولة وعلى رأسهم شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، ومفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، ووزير الأوقاف مختار جمعة، وذلك قبل أن تقام مساء اليوم قداسات عيد القيامة، بحضور مندوبين عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعدد من المسئولين والوزراء والشخصيات العامة والسياسية، والسفراء العرب والأجانب، إذ يترأس البابا القداس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بمشاركة عدد من الأساقفة والكهنة، ويترأس الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الكاثوليك، قداس العيد فى كاتدرائية السيدة العذراء بمدينة نصر، ويترأس القس الدكتور أندريه زكى احتفال العيد فى الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، ويترأس المطران منير حنا، رئيس الكنيسة الأسقفية، القداس فى كاتدرائية جميع السمائيين بالزمالك.
وتأتى احتفالات الأقباط وسط تشديدات أمنية مكثفة، خشية وقوع أى أعمال إرهابية، وأمَّنت قوات الأمن، مدعومة بوحدات من القوات المسلحة، الكنائس، ومشطت الشوارع الجانبية فى محيطها، ومنعت دخول السيارات والدراجات النارية إلى الكنائس أو الوقوف بجوارها، ونشرت كاميرات مراقبة فوق أسوارها، وتم زيادة عدد أفراد الخدمات الأمنية المعينة لتأمين الكنائس، وتحديد حرم آمن حول كل كنيسة، ونشر الصدادات الحديدية بمحيطها، والتأكد من هوية كل الأشخاص الداخلين للكنائس، ووجود خدمات من الشرطة النسائية، بكل كنيسة، لتفتيش السيدات.
من جهة أخرى، قال الأنبا جورجيوس، أسقف مطاى وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، إن الحريق الذى نشب فجر أمس فى مخيم مارجرجس الذى تم إعداده للصلاة فى كنيسة مارجرجس التابعة للمطرانية، نظراً لظروف هدم الكنيسة، سببه المبدئى ماس كهربائى.
وأضاف الأسقف فى بيان نشره المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن الحريق أتى على محتويات المكان من هيكل وكراسى وأثاث وفراشة وسماعات والمنقولات كافة، وانتقلت الأجهزة الأمنية من مديرية الأمن والمباحث العامة والأمن الوطنى والنيابة العامة والأدلة الجنائية والحماية المدنية إلى مكان الحادث، للسيطرة على الحريق الذى لم يسفر عن وقوع خسائر بشرية. وأوضح الأنبا جورجيوس أنه يُشتبه بصفة مبدئية فى أن سبب الحادث ماس كهربائى، لعدم وجود أى شخص فى مكان الحريق خلال وقوعه، وجارٍ استكمال التحقيقات لمعرفة سبب وقوع الحريق.