أطباء الصحة النفسية بـ«العباسية»: علاج السيدات صعب وأكثر المترددات على العيادات الخارجية زوجات سائقين وصنايعية
نهال
فرق شاسع بين عيادة علاج إدمان السيدات والرجال داخل مستشفى العباسية للأمراض النفسية، الفرق ليس فى نوع المخدرات التى يتعاطونها أو طبيعة العلاج، لكن فى الوصمة التى تسىء للسيدة أكثر مع قلة الدعم الذى تحصل عليه، بالإضافة إلى تأثير المخدر عليها بدرجات أكبر من الرجال، ما يؤدى لتدهور حالتها بشكل ملحوظ قد يؤدى بها إلى مرحلة الجنون.
«الرجالة بتعلم الستات تشرب وماتقدرش توقف بعد كده»، هكذا بدأت الدكتورة نهال بدوى، مديرة قسم إدمان السيدات، حديثها عن أكثر فئة من السيدات تردداً على العيادة، مؤكدة أنهن من زوجات السائقين والصنايعية والطبقة العاملة بشكل عام، وأضافت أن المرأة تتأثر بشكل أسرع بالمواد المخدرة، ما يجعلها تتمادى فيه بسرعة وتضطر لسلك طرق غير شرعية لتوفير نقود التعاطى مثل السرقة أو عرض نفسها جسدياً.
وقالت «بدوى»: سيدة الطبقة الفقيرة والمتوسطة تعانى من ضغوط كبيرة تجعلها غير قادرة على ترك المخدرات، خاصة إن كانت تعمل فى البيوت أو تنفق على أسرة، وبالتالى البرشام يمنحها قوة وقدرة على العمل ويخفف آلامها، كما أنها تواجه صعوبة فى الإقلاع عن تعاطى المخدرات لأن البيئة التى تنتمى لها يحيط بها الإدمان من كل مكان، وتابعت: «جوزها وأخوها أو أبوها يتعاطون لذا كل ما تبطل ترجع تانى غصب عنها».
"نهال": الاستروكس يؤدى لـ"الجنون" وبعض الرجال يجبرون نساءهم على التعاطى لتحسين العلاقة الجنسية
وأضافت أن السيدة تتعاطى أضعاف جرعة الرجل، فلو الرجل أخذ قرصاً من البرشام تتعاطى هى نصف شريط، ما يجعل هناك صعوبة فى تعافيها، ومن المشاكل الكبرى التى تتعرض لها أثناء التعاطى الأثر السلبى الذى يصيب الأطفال، خاصة فى فترة الحمل والرضاعة: «بييجى لنا عيل بودرة وعيل حشيش وعيل ترامادول»، وهؤلاء الصغار يحتاجون إلى رعاية خاصة وبيئة نظيفة بعيداً عن المخدرات حتى لا يتحولوا إلى مدمنين أو تجار مخدرات.
وأكدت أن من الجرائم الكبرى التى تشاهدها فى حق الأطفال «تسريحهم» بالمواد المخدرة من خلال الكبار لإخفاء الشبهة عنهم: «محدش هيشك فى طفل، فيتحول إلى محترف فى تجارة الصنف من بدرى»، مشيرة إلى تعرض الأطفال لمشاكل فى التعليم وإصابتهم بكسر ذهنى يؤثر على القدرة الاستيعابية، بخلاف إصابة بعض الحالات بالإيدز نتيجة تعاطى الأم المخدرات وحقن البودرة أثناء فترة الحمل، مضيفة: «شُفت بعينى أطفال عندهم إيدز». وتابعت: «الأم فى حاجة للحماية هى وطفلها، وتوفير فرص عمل جيدة لها بعد التعافى حتى لا تعود لطريق الإدمان مرة أخرى.
وقالت إن عيادة السيدات تفتح أبوابها أمام المرضى الثلاثاء من كل أسبوع وتستقبل ما بين 20 لـ25 سيدة من مختلف الأعمار بداية من سن 18 وحتى 45 فيما أكثر، ويتسع القسم لـ30 حالة، خاصة للحالات التى تتعاطى «استروكس» لأنها تصاب بأعراض قد تدفعها للانتحار، وهناك حالات تلقى نفسها من الشباك، مؤكدة أن هذا النوع من المخدرات فى غاية الخطورة والأكثر انتشاراً بسبب انخفاض سعره، وأصبح فى متناول الجميع، لافتة إلى أن القسم فى طريقه لزيادة أعداد الأسرّة إلى 60 بإضافة 30 سريراً للحالات المزودجة مرة واحدة لاستيعاب أكبر عدد ممكن وتوفير خدمة طبية جيدة.
"منة الله": الترامادول مزاج النساء فى المناطق الشعبية.. والكحوليات لـ"الراقية"
وأوضحت أن من بين الأمور الخطيرة التى تواجهها إجبار بعض الرجال زوجاتهم على تعاطى المخدرات بهدف تحسين العلاقة الجنسية، و«دى سكة بتضيع الست وبتدمرها»، مؤكدة أن تمادى السيدات فى التعاطى بجرعات كبيرة يجعل علاجهن صعباً ويحتاج لوقت طويل وهذا ما لا يتحمله الأهل أو السيدة نفسها بسبب تعدد مسئوليتها.
وترى الدكتورة منة الله مرعى، طبيبة الأمراض النفسية، أن السيدات اللاتى يدخلن وكر الإدمان يهملن صحتهن بشكل ملحوظ ما يجعلهن يصبن بأمراض مثل التهاب الكبد الوبائى وغيرها من الأمراض المزمنة نتيجة استخدام سرنجة واحدة أكثر من مرة، بجانب فقدانها الوعى وعدم التركيز فى كثير من الأحيان: «مابتبقاش فايقة غير للضرب بس، وده بيمنعهم ياخدوا بالهم من صحتهم».
وأضافت، لـ«الوطن»، أن الدعم الذى تتلقاه السيدة المدمنة أقل بكثير من الرجل، وفى أحيان كثيرة تعانى من الهجوم الشرس عليها ووصمة العار التى تصيبها وتحملها المسئولية كاملة، فى حين أن الرجل يجد داعمين له ومساندين حتى يتلقى العلاج. وقالت إن فكرة الخوف من المجهول تلازم معظم السيدات، مؤكدة أن أكثر الأنواع التى تتعاطاها سيدات المناطق الشعبية هى الحشيش والبودرة والترامادول، بينما تميل سيدات المناطق الراقية إلى الكحوليات.
موضوعات متعلقة
حكايات من دفتر مدمنات «العباسية».. إما العلاج أو الجنون