بخفة ونشاط بالغين، يتحرك سيف بالدراجة فوق كوبري القناطر، يلقي كلماته على الواقفين ثم ينصرف، يسألهم إنّ كانوا يرغبون في كوب حمص أو كيس فشار، أو حتى كوب شاي أو قهوة، فإذا ما وجد من أحدهم رغبة في الأمر، عاد مسرعا بدراجته للفرشة، وأخبر عمه بمكان الطلبات، لكنه في الوقت ذاته يمارس اللعب هو وشقيقته بالدراجة في الأساس.
يدرس سيف السيد في الصف الرابع الابتدائي، وحين ينتهي يومه الدراسي يسارع إلى دراجته صغيرة الحجم، للتحرك أولا إلى أحد الدروس، ومن هناك ينطلق إلى حيث يستقر عمه لمساعدته في العمل والبحث عن زبائن، وبطريقته المميزة في الحديث وأسلوبه في العرض، يعود سيف بدراجته مسرعا إلى الفرشة لإرسال الطلبات: "أنا بخلص مدرسة ودروسي وباجي ألعب بالعجلة، ومنها لعب ومنها شغل". قالها سيف بينما كان يقف ومن خلفه دراجته.
ورغم أنّ عمله في النهاية لا يحصل في مقابله على أي مبالغ، إلا أنّ الصغير يرى في الأمر تسلية أكبر، تتخطى ذلك المبلغ الذي قد يحصل عليه: "أنا بحب اللعب والعجل، وأبويا اشتراها ليا من فترة عشان ألعب بيها، بس أنا بقيت آجي بيها هنا وأساعده في شغله".
طول الكوبري لا يساعد محمود المنسي عم الطفل، على التحرك بحثا عن زبائن، فالحركة تعني تعرضه للسرقة أو تأخره عن زبون آخر، وبالتالي فإنّ وجود سيف أمر ضروري: "سيف باباه اتوفى وأنا اتجوزت أمه، وسابلي ولدين و3 بنات، أنا اللي براعيهم دلوقتي".
يحكي الرجل الذي كان يعمل نجارا، وتدهور الحال وقلة الطلبات دفعته للخروج إلى كوبري القناطر لبيع الحمص والفشار والشاي والقهوة، ليستطيع كسب أكبر قدر من المبالغ اللازمة لاحتياجات من هم في رقبته: "الواد سيف ذكي ودمه خفيف والزباين بتحبه، ولما بيطلبوا منه حاجة بروح أنا بقى أوديهالهم وأرجع تاني وهكذا".
تصل أحيانا شقيقة سيف للعب معه والحديث مع الزبائن، ينادي عليها سيف قبل أنّ يحكي عنها: "دي أختي ملك في سنة تانية ابتدائي، بتيجي تلعب معايا ونشتغل سوا برضه لو في زبون قالنا على حاجة".
تعليقات الفيسبوك