"الكليشيه أسلوب حياه".. فوائد "الكليشيهات" في حياتنا اليومية
في أوقات كثيرة لا يجد الشخص ما يكتبه أو يقوله و يفتقر إلى الخيال، ولذلك يلجأ إلى "الكليشيه" من أجل انقاذه من غياب الكلمات المعبرة، حيث تعد العبارات الجاهزة والمعدة مسبقا هي الحل الأنسب.
و"الكليشيه" عبارات يومية شائعة نستخدمها في الأحاديث أو الكتابة، مثل "إيه الأخبار"؟، ليرد الطرف الأخر "تمام، ماشي الحال"، وتمثل وسيلة سهلة من أجل التواصل دون الحاجة لابتكار عبارات جديدة.
نشر موقع "ذا ويك" الأمريكي، مقال لدراسة أكدت أن كلمة "كليشيه" مستمدة من اللغة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، وانتشرت في القرن التاسع عشر ككلمة توصف صوت النقر على آلة الطباعة، ثم بعد ذلك كاسم لآلة الطباعة، ولاحقا تم استخدامها كوسيلة تعبير جاهزة تشبه القوالب.
وذكر المقال أن النقاد في العصور القديمة لفتوا إلى اللغة المبتذلة وضعفها واستخداماها في المحاكاة الساخرة، على سبيل المثال كان الفيلسوف اليوناني سقراط يسخر من الخطب الجنائزية الطويلة التي كان يقدمها أفلاطون، بكليشيهات تذكارية تبالغ في تقدير الموتى وتوفر مبررات لفقدانهم، ويستعملها الأشخاص كعبارات جاهزة تقدم في العزاء.
وقدم المقال مثالا آخر على "الكليشيهات"، وذكر الكليشيه الشهير "يحارب طواحين الهواء" والذي ذكره الروائي الإسباني ميجيل دي سرفانتس في روايته المميزة "دون كيشوت"، وتدل العبارة على المعارك الوهمية التي لا يوجد فائدة منها، أي معركة خاسرة للطرفين لا يوجد فيها منتصر أو مهزوم.
وذكر المقال مثالا آخر عن الكليشيهات، حيث أبرز الكاتب الفرنسي رولاند بارثيس أحد أتباع الروائي جوستاف فلوبير الكليشيهات المستخدمة في ذلك الوقت في مقاله "قواعد اللغة الأفريقية" من كتاب "الأساطير" الذي صدر عام 1957، والذي أبرز الأوصاف الشعبية للمستعمرات الفرنسية في إفريقيا.
وجاء من أبرز الكليشيهات عبارة "مهمة تمليها القدر"، في إشارة للوصف الذي يطلقه المستعمرون الفرنسيون على أنفسهم، وأن الاستعمار هو قدر الشعوب الإفريقية.
وأظهر "بارثيس" كليشيه آخر، وهو "كلنا أسرة واحدة سعيدة كبيرة"، كقناع استخدمه الفرنسيون في محاولة لإخفاء القسوة السياسية والظلم الثقافي الذي تعرضت له الشعوب المحتلة من الاستعمار الفرنسي.
وأوضح المقال الكليشيهات التي ذكرها الكاتب والروائي الإنجليزي الشهير جورج أورويل في مقالته "السياسة و اللغة الإنجليزية" عام 1946، حيث أدان "أورويل" الكليشيهات الصحفية، ووصفها بأنها تحجب الواقع السياسي بلغة فارغة.
وتعددت الكليشيهات في الصحف وفقا لما ذكره المقال، فعلى سبيل المثال استخدمت كليشيهات في حالة الموت في الكتابات الصحفية مثل "الوقوف جنبا إلى جنب مع"، وكليشيهات أخرى للصفات الحماسية مثل "ملحمة، تاريخية، لا تنسى"، وكليشيهات حجبت الواقع السياسي مثل "ننشر الحقائق، عصر الديموقراطية".
واستشهد المقال بما قاله الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في حواره مع اللجنة الوطنية للديموقراطية عام 2013، حيث جاءت أغلب حواره كليشيهات مثل "أعظم جولة على وجه الأرض، حماية أجيال المستقبل، معا يمكننا إحداث فرق، اسمحوا لي أن أكون واضحا".
وأكد المقال أن الكليشيهات أصبحت نموذجا للبيئة الاجتماعية والثقافية، وانتشرت بشكل كبير مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، وبالرغم من تأثيرها السلبي، إلا إنها اصبحت شيء مهم للغاية ولا نستطيع العيش بدونها.
تعليقات الفيسبوك