تركيا تترقب.. حزب أردوغان ينكر الهزيمة والمعارضة تخشى تغيير النتائج
تركيا تترقب.. حزب أردوغان ينكر الهزيمة والمعارضة تخشى تغيير النتائج
لا صوت يعلو في تركيا فوق معركة إسطنبول، والمفاجأة المدوية التي فجرها مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، بالتقدم على مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدريم، في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد، الأحد، ليقتنص المدينة التي يحكمها حزب أردوغان منذ 15 سنة.
إعلان اللجنة الانتخابية في تركيا تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، والذي اعترف بتقدم منافسه، لم يكن كافيًا للحزب الذي خسر معركة المدن الكبرى، أنقرة وأزمير وأضنة وأنطاليا، للاعتراف بنتيجة الانتخابات، حيث يعلق حزب أردوغان آماله على 84 صندوقا لم يجر فرزها بسبب ما اعتبره "مخالفات انتخابية"، ربما تغير النتيجة في المدينة التي كانت تعد أهم معاقل الحزب.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، إن النتائح التي وصلته حتى تشير إلى حصول أكرم إمام أوغلو، مرشح الشعب الجمهوري، على 4 ملايين و159 ألفا و650 صوتا، وبن علي يلدريم، مرشح العدالة والتنمية، على 4 ملايين و131 ألفا و761 صوتا، مشيرا إلى أن مرحلة الاعتراض متواصلة.
رفض الحزب الحاكم الاعتراف بالهزيمة في إسطنبول، ربما يشعل صراعا سياسيا لا يمكن توقع نهايته، بحسب صحيفة "أحوال" التركية، حيث ذكرت الصحيفة أن هناك تخوفات من "عمليات تزوير تقوم بها الحكومة أو حتى المطالبة بإعادة الانتخابات للهروب من النتائج الصادمة للحزب الحاكم".
إسطنبول تحمل خصوصية في الوعي الجمعي لحزب العدالة والتنمية الحاكم لأنها تعتبر رمز الدولة العثمانية بالنسبة لرجب طيب أردوغان، والذي يذكر باستمرار أهميتها ويذكر بأن العثمانيين قادوا وحكموا العالم منها، حسب الدكتور كرم سعيد، الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وأضاف سعيد في تصريحات لـ"الوطن" أنه ليس من السهل على الحزب الحاكم أن يعترف بالهزيمة في المدينة التي يحكمها الحزب منذ 15 عاما، وكان أردوغان نفسه حاكمًا لها من قبل، مؤكدًا أن خسارتها أمر موجع ومؤلم، وهو ما يجعله مصممًا على الفوز بالمدينة وعدم التفريط فيها حتى اللحظات الأخيرة.
تم تعديل قانون الانتخابات بما يسمح للجنة الانتخابات بعدم الاعتراف ببعض الأصوات، حسبما أكد خبير الشأن التركي، لافتًا إلى أن تلك النقطة هي التي أثارت أزمة الـ84 صندوقًا، والتي أتاحت للحزب الحاكم وأردوغان نفسه يتحدث عن الطعون وإعادة النتيجة، وكأن الطعون المقدمة قبلت بشكل نهائي.
الأزمة التي أثارت الحزب الحاكم ربما تسمح بالتدخل في نتائج الانتخابات والتأثير على اللجنة العليا كما حدث في انتخابات 2018، وفقًا لرؤية سعيد، إلا أن الأمر برمته أصبح الآن في يد اللجنة العليا للانتخابات ومدى خضوعها لضغوط الحزب الحاكم من عدمه.
خبير الشأن التركي لفت إلى أنه من الوارد أن يدعو حزب الشعب الجمهوري لمظاهرات معارضة، حال غيرت اللجنة العليا للانتخابات النتيجة، وهو أمر ليس بجديد عليه، حيث قاد من قبل مسيرة مليونية مناهضة للتعديلات الدستورية، مشيرًا إلى أنها لن تغير النتيجة لكنها ستؤثر على صورة تركيا أمام العالم.
من جانبه، قال الدكتور محمد حامد، الباحث المتخصص في الشؤون التركية، إن من يحكم إسطنبول يحكم تركيا، لأنها العاصمة الثقافية والتاريخية للبلاد، ويعيش بها نحو 15 مليون نسمة ممثلين لكل أطياف الشعب التركي، كما أنها تعد مركز الثقل للحزب الحاكم، وهو ما يفسر عدم الاعتراف من حزب العدالة والتنمية بالنتيجة حتى الآن.
وأضاف حامد لـ"الوطن"، أن تأخر إعلان النتيجة رسميا يثير الشكوك، وربما يتيح الفرصة للتدخل ويثير أزمة كبيرة في البلاد، خاصةً بعدما حققت المعارضة انتصارا معنويا مؤثرا وموجعا، وأحرجت حزب العدالة والتنمية، وتحقيق نتائج لم تتحقق منذ عام 1989، بسبب الاستعداد الجيد أمام حزب أردوغان الذي اعتمد على رصيده السابق وتاريخه.
خبير الشأن التركي يرى أنه في حالة تغيير النتيجة عن طريق الـ84 صندوقا المنشودة، ستقدم المعارضة العديد من الطعون القضائية، وربما تشهد البلاد بعض التظاهرات من أنصار بعض المرشحين، إلا أنها لن تستمر طويلًا ولن تكون مؤثرة بشكل كبير، وسيرضخ الجميع في النهاية للنتائج التي حققت فيها المعارضة انتصارًا مؤثرًا.