كسرت عادات "سيوة".. "فاطمة" أول سيدة تعمل بالعلاج الطبيعي والتمريض
فاطمة وسط فتيات سيوة ونسائها
طبيعة الموقع الجغرافي الصحراوي لـ"سيوة" فرضت على نساء الواحة تقاليد خاصة توارثت عبر الأجيال، حّرمت الكثيرات منهن من حقوق مشروعة أبسطها التعليم والخروج للمجتمع، إلا أنها تمسكت بهذا الحق وخرجت من أجله وسط مجتمع الرجال الذي كثيرا ما رمقها بنظرات تعجب واستغراب حتى عرفت بين مجتمع النساء بدعمها الدائم لهن.
تخطت "فاطمة محمد عثمان"، حاجز العادات والتقاليد في المجتمع السيوي من قبل الثورة التكنولوجية والطفرة التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فكانت أول سيدة تعمل بمركز العلاج الطبيعي الوحيد في سيوة، والذي تم تدشينه في عام 2004 بواسطة قافلة طبية من أطباء متخصصين وافدين من الإسكندرية، وحسب قولها، تلقت تدريبات مكثفة في محافظة مطروح بهذا المجال الذي يبعد كل البعد عن مجال دراستها بعد أن شعرت بالمسؤولية تجاه أهل الواحة وحقهم في الحصول على هذا النوع من العلاج الطبي.
السيدة الثلاثينية التي حرمتها العادات والتقاليد من الحصول على شهادة عليا بعد الدبلوم نجحت في تغيير حياة الكثير من أهل واحتها، وحسب حديثها لـ"الوطن" نجحت بمساعدة الفريق العامل معها في علاج كثير من حالات الإعاقة الذهنية الحركية، وكانت سببا في مساعدة كثير من الأطفال على المشي بشكل طبيعي، "رغم نظرات وكلام الناس والمجتمع في البداية نجحت في مساعدة أهل الواحدة وكسب ثقتهم"، حسب وصفها.
لم تكن فاطمة أول سيدة تعمل في مركز علاج طبيعي بـ"سيوة" فحسب، بل نجحت بحكم علاقاتها بأهل مجتمعها أن تصبح رائدة صحراوية تخدم السيدات هناك لقضاء أمور كثيرة خاصة بهن، منها استخراج بطاقات الرقم القومي بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وإجراءات المعاش وغيرها من الإجراءات، وحسب تعبيرها، "في الأول كان الناس بيقولوا عيب الاختلاط بالرجال والمجتمع لكن والدي رغم إنه مش متعلم مرفضش وكان مبسوط بيا".
من قبل هذا وتحديدا في عام 2009، كانت "فاطمة" أول سيدة تدخل المجالس المحلية في سيوة بالانتخاب، ووقع على عاتقها مساعدة الأهالي والاستماع إلى شكواهم لتوصيل صوتهم إلى المسؤولين، وما فعلته كان حافزا لكثير من الفتيات في الواحة، خرج على إثره الكثير من الفتيات للتعليم والعمل بالمصانع ومن لم يستطع منهن الخروج من البيت قرر العمل بداخله عبر مشاريع صغيرة.
ووفقا لوصف الرائدة الصحراوية، "سيوة كانت عيب البنت تطلع دلوقتي في بنات وسيدات كتير شغالة في المصانع، وفي سيدات بيعملوا شغل في البيت وبيعرضوه للبيع".
كان للرائدة الصحراوية دورا في فتح أول فصل لتعليم الفتيات التمريض في سيوة، والتابع لوزارة الصحة، فكانت نساء الواحة لا يعلمن شيء عن التمريض خضوعا للعادات والتقاليد التي لا تسمح لهن الخروج بالخروج وتعلم هذه المهن.
"بنت البلد" مشروع جديد أطلقته بنت سيوة جمعت فيه نساء الواحة اللاتي يواجهن رفض شديد من أسرهن للخروج والعمل، تساعدهن خلاله في الاعتماد على أنفسهن عبر مشاريع مشغولات يدوية يتم عرضها في مؤتمرات سياحية إلى جانب توزيعها على التجار.