«مايو وين»: قتلى المسلمين بالآلاف .. والعنف ضدهم مستمر منذ سنوات
تزداد مشاعر العالم الإسلامى تأججا كلما فاجأتنا لقطات أو أنباء تنقل لنا ما تتعرض له أقلية الروهينجا المسلمة فى بورما من حملة عنف ترعاها هذه الدولة لطرد وتشريد الآلاف من الأقلية الأكثر اضطهادا بالعالم، بحسب الأمم المتحدة، لذا تواصلت «الوطن» مع المتحدث باسم جمعية مسلمى بورما، مايو وين، لإلقاء مزيد من الضوء على الصراع ومرجعيته بين الروهينجا والبوذيين، ذوى الأغلبية، فى بؤرة الصراع بإقليم الركان الساحلى، وفيما يلى نص الحوار:
* كيف اندلعت أحداث العنف الأخيرة؟
- موجة العنف بدأت فى يونيو الماضى بإقليم الركان فى غرب بورما، حينما انتشرت ادعاءات بأن 3 مسلمين اغتصبوا امرأة بوذية وقتلوها. وبعدها اندلع القتال بين البوذيين والمسلمين الروهينجا فى مختلف القرى والأحياء، وأحرق الجانبان كثيرا من المنازل ودمروا الأسواق التجارية والأماكن المقدسة، بحسب تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الشهر الماضى. وعلى جانب آخر، انتشرت رسائل على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تحرض البوذيين ضد الروهينجا فى الركان على الأخص والمسلمين فى عموم بورما، وكانت تركز على أن وجود الروهينجا غير شرعى وأنهم إرهابيون، وجرى أيضا توجيه وسائل الإعلام المحلية ضد المسلمين مثل مجلة الإقليم الرسمية التى تمتلئ بمقالات تحريضية.
* وماذا رأيت فى رحلتك الأخيرة إلى الركان؟
- رحلتى الأخيرة إلى غرب بورما كشفت لى عن مدينة قسمتها الكراهية، ويعيش آلاف من سكانها المسلمين فى رعب بسبب حملة تدعمها الدولة للتفرقة بين المواطنين على أسس طائفية وإثنية. وأتوقع أن تستمر تداعيات الأزمة لفترة طويلة ويمكن أن تكون أكثر تدميرا من سفك الدماء الجارى، فيما يبدو أن المصالحة بين الجانبين باتت حلما بعيد المنال. هناك منازل ومحلات وأسواق محروقة بالكامل فى المدينة، ومن تبقى من المسلمين يعيشون معزولين وتحيط بهم سرية تامة. كذلك بعض المساجد والمبانى الشهيرة كُتب عليها «غير مسموح لأحد بالدخول»، والدولة البورمية استولت على ممتلكاتهم، وتمنعهم من العودة إلى منازلهم. ووضع المسلمين يتحول من سيئ إلى أسوأ سريعا، فبينما تنفى الحكومة البورمية ارتكاب أى أخطاء تتحمل أعباءها، ترفض بنجلاديش تدفق آلاف اللاجئين إليها، وتقلل من فرص حصولهم على المساعدات.
* كيف يعيش اللاجئون؟
- يعانى اللاجئون من الأمطار الموسمية فى مخيماتهم التى تغوص أرضيتها فى الوحل، وغالبا ما يتقوتون على حقائب الأرز التى أرسلها إليهم برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة، ولا يوجد هناك علاج أو دورات مياه نظيفة.[Quote_1]
* لكن هناك خطوات جادة من الحكومة لتأسيس ديمقراطية حقيقية، برأيك لماذا تتدهور حالة مسلمى بورما على الرغم من ذلك الإنجاز؟
- ازداد وضع المسلمين صعوبة فى السنوات الأخيرة، لأن البورميين تعرضوا لغسيل مخ ضد المسلمين بعد 50 عاما من الحكم العسكرى. والبورميون يخشون أن يزداد تأثير المسلمين فى حال جرى تطبيق ديمقراطية حقيقية. هم يخشون من عادات المسلمين المختلفة فى الزواج والطعام (حلال وحرام). والبعض الآخر يخشى من تأثير الأموال القادمة من الخارج مثل دول الخليج وباكستان. إنهم يؤمنون بأن المسلمين يركزون على الزواج وإنجاب كثير من الأطفال، فيما يفضل البوذيون الرهبنة. ويخشون أيضا من الهجرة غير الشرعية من بنجلاديش المكتظة بالسكان، وأن تصبح بورما، يوما ما، بلدا مسلما مثل أندونيسيا وماليزيا وبروناى المجاورين. وهنا يجب أن نشير إلى أن المسلمين الروهينجا يشكلون ثلثى إقليم الركان، لذا يخشى البوذيون من زيادة أعدادهم وفقا لصور نمطية انطبعت فى أذهانهم مثل أن يتزوج رجل من 4 نساء ويصير أبا لـ28 طفلا، ولديه ضعفهم من الأحفاد. فى الماضى عاش المسلمون والبوذيون فى سلام على امتداد القرون، لكن على مدار السنوات الماضية، انتشرت الدعاية المناهضة للمسلمين، وبعضها كانت ترعاه الدولة، وذلك نمّا مشاعر الكراهية تجاههم.
* بعض التقارير أشارت إلى أن المسلمين أيضا ارتكبوا جرائم ضد البوذيين؟
- قاموا بها كرد فعل على جرائم البوذيين لحماية أنفسهم، وربما بعض المناطق بالغ سكانها فى رد فعلهم بهدف حماية أنفسهم.
* ما الأرقام الحقيقية لقتلى الروهينجا.. بعض النشطاء أكد أنهم بالآلاف والبعض الآخر لم يحص سوى العشرات؟
- لا يمكننا قول رقم محدد؛ لأن الحكومة ذكرت أنهم مجرد 78 قتيلا، والنشطاء يعتقدون أن القتلى يقدرون بالآلاف، ليس فقط فى أعمال العنف الأخيرة لكن منذ بداية التوترات التى امتدت لسنوات ماضية، الآن نحاول أن نحصل على معلومات من الأرض. ولكن أعداد اللاجئين، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وصلت إلى 80 ألفا.[Quote_2]
* ما حقيقة الصور المنتشرة على صفحات المواقع الاجتماعية التى تصور جثث مسلمى الروهينجا؟
- لا أعتقد أن غالبية هذه الصور حقيقية أو تخص مسلمى الروهينجا، وفقا لملاحظاتى. ربما تكون صورا لبعض الأفارقة.
* ما رأيك فى رد فعل العالم الإسلامى ضد قمع المسلمين فى بورما؟
- أعتقد أن العالم الإسلامى بالفعل ضد قمع المسلمين فى بورما، لكن رد فعل كان بطيئا وضعيفا. والبلاد الإسلامية نددت مباشرة بالوضع. ونود من الحكومة المصرية التنديد بالوضع والتدخل ديمقراطيا مع الحكومة البورمية فى هذا الشأن.
* كيف ترى تصريحات الرئيس البورمى، ثين سين، بأن الأمم المتحدة يمكنها إيجاد موطن آخر للروهينجا ليعيشوا فيه أو يعيشوا فى مخيمات؟
- هذا تصرف خطأ جدا وندينه بشدة. الرئيس يستغل الأزمة ويؤدى لعبة خطيرة، إنه شأن مخجل حقا.
* كيف ترى نهاية الوضع الحالى؟
- نحتاج إلى تدخل دولى ومساعدة الأمم المتحدة لإنهاء الوضع الحالى عبر نشر قوات حفظ سلام دولية لحماية الروهينجا من القتل الجماعى. وأيضا نحتاج أن يعودوا إلى أماكنهم ويسترجعوا هوياتهم، وعلينا أن نحاول مداواة جروحهم الناتجة عن الصراع. يجب علينا تجهيز أنواع مختلفة من البرامج التعليمية لمساعدة فهم حقوق الأقلية وحقوق الإنسان وخلق مزيد من التسامح بين السياسيين والعامة. نريد السلام والوئام ليحيا الشعب البورمى معا ونحافظ على علاقتنا بين المسلمين والبوذيين.