«مصطفى» يفتدى «أقباط الهجانة».. ودقائق بين استشهاد «عشماوى ولطفى»
الشهيد الرائد مصطفى عبيد
أحياناً، يبخل بعضنا عندما ترتبط التضحية بالوقت أو المال أو الجهد، فما بالك لو تعلق الأمر بالتضحية بأغلى شىء وهو حياتك، فلا شك أنك سترفض بإصرار لا تفريط فيه، وفى المقابل، هناك بعض الأشخاص النادرون الذين يبادرون بالتضحية بأرواحهم فى فخر وإقدام، وكأنهم ليسوا بشراً مثلنا يقاتلون من أجل البقاء، واللافت أن تضحياتهم لا تأتى تحقيقاً لأهداف شخصية أو عائلية وإنما التضحية تكون لأجل الوطن فحسب، وهى أعلى مراتب التضحية، وهؤلاء اسمهم مدون فى سجلات التاريخ بـ«شهداء الوطن».
الشهيد الرائد مصطفى عبيد، ابن قرية جزيرة الأحرار بمحافظة القليوبية، افتتح سجل الشهداء لعام 2019، حين ضحى بنفسه أثناء تفكيك عبوات ناسفة زرعها الإرهابيون بمحيط مسجد فى مدينة نصر، لتفجير إحدى الكنائس وإفساد فرحة المصريين فى أعياد الميلاد، فانفجرت إحداها فى الشهيد أثناء محاولة تفكيكها، لينال الشهادة وينقذ مئات المصريين فى مشهد يجسد معنى البطولة، ويكشف تلاحم المصريين، مسلميهم وأقباطهم، تاركاً زوجة وطفلين مرفوعى الرأس.
بدأت القصة عندما أبلغ إمام مسجد الحق بعزبة الهجانة، القوة الأمنية المكلفة بحراسة كنيسة السيدة العذراء وأبوسيفين بوجود عبوات ناسفة أعلى سطح أحد العقارات، فتوجهت قوة أمنية للموقع وعثرت على 3 عبوات ناسفة، وتمكنت من إخلاء محيط المنطقة من المواطنين، وجرى استدعاء الشهيد لإحباط مفعول العبوات الناسفة، وبعد نجاحه فى تفكيك اثنتين، انفجرت الثالثة مباغتة ما أسفرت عن استشهاده وإصابة اثنين من أمناء الشرطة، ليفدى بروحه المئات من سكان المنطقة.
ضياء فتوح يخفق فى نيل الشهادة مرتين بسيناء ويستشهد فى انفجار عبوة ناسفة بحى الهرم.. و«ملحمة التضحية» تسجل أسماء «محمد أبوالمجد وعمرو عبدالخالق وأحمد الرفاعى ورامى هلال ومحمود أبواليزيد»
فى شهر يناير منذ 4 سنوات، ارتقى الشهيد ضياء فتحى فتوح إلى السماء، إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون بالقرب من محطة بنزين بمحيط قسم شرطة الطالبية، حيث توجه ناحية القنبلة مرتدياً بدلة المفرقعات فانفجرت بجسده، فى مشهد حزين صورته الكاميرات لحظة بلحظة، وسط دموع المئات الذين تجمعوا لمراقبة ما يحدث، وكأن النقيب ضياء فتحى على موعد حتمى مع الشهادة، فقد سجل تاريخه المهنى إصابتين فى مواجهات مع العناصر الإرهابية فى سيناء، لكنه لم ينل مرتبة الشهادة وقتها، فتقرر نقله للعمل بمديرية أمن الجيزة لإدارة المفرقعات، ثم جرى استدعاؤه فى اليوم المعلوم للتعامل مع القنبلة التى انفجرت وأدت لاستشهاده.
استشهاد النقيب ضياء كان بعد مرور 6 أشهر على بطولة الشهيدين أحمد العشماوى ومحمد لطفى، وماتا فى انفجار عبوتين ناسفتين بمحيط قصر الاتحادية 30 يونيو 2014، إحداهما كانت مزروعة بالجزيرة الوسطى أمام نادى هليوبوليس بمحيط قصر الاتحادية، حيث تلقى العقيد أحمد عشماوى خبير المفرقعات، بلاغاً لفحص إحدى العبوات الناسفة بمحيط قصر الاتحادية، فتوجه لفحصها والتعامل معها، وبعدما نجح فى تفكيك جزء منها بأقل من دقيقة، انفجرت العبوة وأودت بحياته على الفور، بعد ساعة واحدة من استشهاد العقيد عشماوى، جرت عمليات تمشيط لمحيط الانفجار، فعثرت قوات الأمن على إحدى العبوات الناسفة بمحيط القصر، ورغم مشاهدته للحظة استشهاد زميله أمام عينيه قبل دقائق، لم يتردد الشهيد محمد لطفى لحظة فى تلبية نداء الواجب، فتوجه بشجاعة إلى القنبلة فى محاولة لتفكيكها، ليلحق برفيقه الشهيد بعد انفجار العبوة، ولفظ أنفاسه الأخيرة على الفور.
فى يناير 2016، أثناء توجه قوة أمنية إلى إحدى الشقق السكنية لضبط أفراد خلية إرهابية، انفجرت عبوة ناسفة اهتزت بسببها منطقة الهرم، ما أسفر عن استشهاد 8 من رجال الشرطة بينهم 3 ضباط، ففى البداية استشهد ضابط الأمن المركزى محمد أبوالمجد، وضابط الدفاع المدنى عمرو عبدالخالق، وأصيب المقدم أحمد الرفاعى بالأمن الوطنى بجروح بالغة ثم استشهد متأثراً بإصابته، وتسبب الانفجار فى سقوط شرفة الشقة على سيارة تابعة للأمن كان بداخلها فرد أمن ومتهم، واستشهد على أثرها فرد الأمن، وفر المتهم مستغلاً الفوضى حينها حتى تمكن الأهالى من ضبطه. فى 15 فبراير الماضى، انضم 4 من رجال الشرطة إلى ملحمة الشهادة، فاستشهد الضابط رامى هلال بالأمن الوطنى، وأمين الشرطة محمود أبواليزيد، واثنان آخران، ضابط وأمين شرطة، عندما رصدت أجهزة الأمن إرهابياً تورط فى وضع قنبلة بمحيط مسجد الاستقامة بالجيزة، وعند لحظة نزوله من المنزل، أسرع رجال المباحث لضبطه إلا أنه بادر بتفجير العبوة الناسفة الموجودة فى حقيبة يحملها على ظهره، فأحدث الانفجار دوياً هائلاً هز أرجاء المنطقة، وترك 4 شهداء جدد دفعوا حياتهم فداء للوطن.