ماتا لتحيا مصر.. «محمود» فى «شبرا» و«مصطفى» فى «الأزهر»
جنازة الشهيدين «محمود» و«مصطفى»
«نموت نموت وتحيا مصر».. هكذا كان هتاف الطلبة فى ثورة 19، انطلقوا من المدارس والجامعات للمطالبة بالاستقلال والحرية، لا يخشون رصاص الاحتلال ولا جنوده، فسقط من بينهم عدد كبير من الشهداء والجرحى والمصابين.
محمود عزت البيومى، ومصطفى أمين ماهر، هما أبرز شهداء طلبة الثورة، أولهما كان طالباً بالصف الثانوى، وذكر كتاب «50 عاماً على ثورة 1919»، الصادر عن مركز الوثائق والبحوث التاريخية لمصر المعاصرة، طبعة مؤسسة الأهرام، أنه استشهد فى يوم الثلاثاء 11 مارس، إثر مواجهات بين المتظاهرين والجنود البريطانيين على مقربة من كوبرى شبرا.
وجاء اسم الشهيد «محمود»، ابن المحامى الشرعى بالمنصورة عبدالمجيد بيومى، فى دفتر وفيات قسم السيدة زينب، وقيدت وفاته نتيجة جروح نارية فى أنحاء متفرقة من جسده.
وبعد ثمانية أيام، سقط زميله الشهيد «مصطفى»، ثانى الشهداء بين الطلبة، الذى استشهد يوم الأربعاء 19 مارس، وهو ابن حافظ أمين، مأمور مركز جرجا السابق، وكان طالباً بالمدرسة السعيدية بالسنة الثالثة الثانوية، لم يكن يتجاوز الـ16 من عمره، وأصيب برصاص الجنود البريطانيين فى مظاهرة فى محيط منطقة الأزهر، ونقل إلى مستشفى عباس بالقاهرة، حيث مات بعد يومين من نقله للمستشفى، وشيعت جنازته وسط موكب مهيب سار فيه طلبة المدارس والأزهر وجموع كثيرة من مختلف الطبقات، ولف النعش بعلم مصر الذى كتب عليه: «ليحيا الاستقلال.. شهيد الحرية»، وحمل النعش أربعة من طلبة مدرسة القضاء الشرعى.
وسارت الجنازة من شارع ممتاز بالفجالة، حيث منزل الشهيد، ومرت بمختلف الشوارع إلى شارع قصر العينى، ثم إلى مدافن زين العابدين «زينهم»، وكان حزن الناس عليه شديداً، وعمل والده وكيلاً لتفتيش إحدى الدوائر فى السنبلاوين، بعد أن اعتزل الخدمة كمأمور لمركز جرجا، وكان دائم الحديث عن ولده فخوراً باستشهاده.
وساهمت دماء الطلبة فى زيادة الغضب من المصريين، وزيادة أعداد المتظاهرين من الرجال والنساء فى ميادين عدة من القاهرة والمحافظات، ليس طلباً للاستقلال والحرية فحسب، لكن انتقاماً لشهداء المدارس الذين رحلوا فى الأيام الأولى من الثورة.