خبير أمنى لـ«المواطنين»: بلاغاتكم سرية.. ومكافأة لمن يساعد الشرطة فى منع جريمة
اللواء دكتور شوقى صلاح، عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة
اللواء دكتور شوقى صلاح، عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة، واحد ممن لهم باع طويل فى مواجهة الجماعات الإرهابية، منذ كان يعمل بمديرية أمن أسيوط فى تسعينات القرن الماضى، وهو خبير فى تدريب ضباط الشرطة على مكافحة الإرهاب، وعمل لأكثر من 12 عاماً بقطاع التدريب بوزارة الداخلية، ولديه مؤلفات مهمة فى هذا المجال، منها «الإرهاب وأزمات احتجاز الرهائن»، و«الشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة الإرهابية»، و«بحث فى تتبع ملكيات الإرهابيين»، وبحث عن «أثر القوة القاهرة على المسئولية - تطبيقاً على حوادث إسقاط الطائرات المدنية بجرائم إرهابية». «الوطن» حاورت «صلاح» حول أهمية السيطرة الأمنية على عمليات تأجير الشقق المفروشة لمنع استخدامها من قبل التنظيمات الإرهابية، وأكد أننا نحتاج بشكل عاجل وحتمى لإصدار تشريعات رادعة لمنع تأجير الشقق دون إبلاغ الجهات المعنية، مشيراً إلى أهمية توعية المواطنين بخطورة التأجير دون علم الأمن، خاصة أن أغلب العمليات التى شهدتها البلاد طوال السنوات الأخيرة، انطلقت من شقق مؤجرة بالمناطق الشعبية... إلى نص الحوار.
بصفتك خبيراً فى مكافحة الإرهاب، ما مخاطر تأجير الشقق دون إبلاغ الأمن؟
- وفقاً لرصد وتحليل وقائع ضبط الخلايا الإرهابية تبين استخدام العناصر المسلحة لشقق مفروشة أو إيجار جديد فى الإعداد والتجهيز لعملياتها، وهذا أمر طبيعى، فأجهزة الأمن تعلم أماكن إقامة غالبية الإرهابيين، وبالتالى تداهمها باستمرار، كما أنهم يخشون انفجار العبوات والأحزمة الناسفة فى أماكن إقامة ذويهم ما يمكن أن يضر بأفراد أسرهم، فيلجأون إلى تأجير شقق بعيدة عن بيوتهم، ويراهنون على تكاسل المؤجرين فى إخطار وحدات المباحث بأقسام ومراكز الشرطة بصور عقود الإيجار، مرفقاً بها صور بطاقات الرقم القومى أو جوازات سفر هؤلاء المستأجرين.
اللواء شوقى صلاح: نحتاج إلى تشريعات رادعة ضد عدم إبلاغ أصحابها عن المؤجرين
ألا يلزم القانون صاحب الشقة بإخطار الأمن بتأجيرها؟
- حتى الآن لا، وفى ندوة عقدها مركز بحوث الشرطة التابع للوزارة، بعنوان «دور الشعب والشرطة فى صناعة الأمن، نحو مجتمع لا يؤوى الإرهاب والجريمة»، أوصينا بأهمية إصدار تشريع يجرم عدم إبلاغ المالك أو المسئول عن تأجير الشقة، أو إبلاغه بمعلومات مخالفة للحقيقة، سواء تم التأجير لمصرى أو أجنبى، مع ضمان سرية هذا الإخطار، ونرى أنه من الأفضل النص على عقوبة غرامة رادعة، على أن تقرر عقوبة الحبس فى حال تكرار المخالفة، أو اكتشاف تأجير المالك للشقة لعناصر إرهابية دون إخطار، مع توافر حسن النية.
ماذا عن أهمية مبادرة المواطنين بتقديم معلومات حول الجرائم والعناصر الإرهابية؟
- الإبلاغ عن الجرائم والعناصر الإرهابية من أهم صور الشراكة المجتمعية لمواجهة الإرهاب، ولا بد أن تبذل أجهزة الإعلام الوطنية جهوداً قوية لتوعية الجمهور بهذه المسألة، فالمعلومات مهمة جداً للأمن، خاصة إذا تم تقديمها فى الوقت المناسب، لأنها تساعد الأجهزة على تنفيذ ضربات استباقية للبؤر الإرهابية ما يمنع الجرائم قبل وقوعها، وهذا يمثل قمة النجاح الأمنى، والمشرع جرّم عدم تقديم المعلومات حول الإرهابيين والحوادث الإرهابية، فالمادة 33 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من علم بوقوع جريمة إرهابية أو بالإعداد أو التحضير لها، أو توافرت لديه معلومات أو بيانات تتصل بأحد من مرتكبيها، وكان بإمكانه الإبلاغ ولم يبلغ السلطات المختصة»، ووفقاً لهذا النص يُحَاسب الشخص الذى يعلم بجرم إرهابى ولم يبلغ عنه السلطات رغم إمكانية قيامه بهذا الإبلاغ، وتستثنى المادة فقط الزوج والزوجة وأصول وفروع الإرهابى، وهنا يتفق الاستثناء مع الطبيعة البشرية والفطرة، فمن غير المنطقى أن يُلزم المشرع أباً أو أماً بالإبلاغ عن ابن لهما، لكن تم قصر هذا الاستثناء على فئة قليلة من الأقارب، فمثلاً الأخ أو الخال وغيرهما لا استثناء لهم.
هل هناك وسيلة آمنة للإبلاغ عن جريمة إرهابية أو إرهابى مطلوب القبض عليه، بما يضمن سلامة المبلغ وعائلته؟
- بالطبع هناك وسائل للإبلاغ الآمن عن الجرائم الإرهابية، فيمكن لمن لديه معلومة عن جريمة إرهابية أو عنصر إرهابى، أن يتصل بمكتب الأمن الوطنى الموجود بمحيطه السكنى، أو يتصل بشرطة النجدة (122) من هاتفه، وهى مكالمة مجانية، ويطلب تحويله لضابط الأمن الوطنى المنوط به تلقى البلاغ عن الجرائم الإرهابية، أو منحه رقم هاتف قطاع الأمن الوطنى، وسيجاب طلبه دون الاستفسار عن محتوى البلاغ، وبالتالى يستطيع المبلغ الإدلاء بمعلوماته دون التعرض لأى مخاطر، ودون معرفة الإرهابيين بهذا البلاغ، وبالتأكيد فرجال الداخلية لا يخطرون المجرمين باسم المُبلغ، بل بالعكس فى حال أثمر البلاغ عن منع جريمة إرهابية تتم مكافأة صاحب البلاغ فى سرية كاملة.
اقتراح بتعديل قانون مكافحة الإرهاب لتشجيع الأسر على الإبلاغ عن «ابنها» مقابل الإعفاء من العقوبة
ما مقترحاتك للوصول إلى صيغة أفضل لتجريم عدم الإبلاغ، وفقاً لنص المادة (33) من قانون مكافحة الإرهاب؟
- لدينا مقترح لمعالجة مشكلة استثناء البعض من الإبلاغ عن الجرم الإرهابى، مع الحفاظ على الوشائج الأسرية واحترام المشاعر الإنسانية المؤسسة على اعتبارات القرابة، بجانب توفير آليات لمعالجة الإرهابى فكرياً، وذلك يتم بإدخال تعديلات تشريعية على القانون.
وماذا تتضمن تلك التعديلات؟
- بموجب هذه التعديلات يصبح نص الإعفاء المقترح على النحو الآتى: «يُعفى من العقوبات المقررة للجرائم الإرهابية كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة المختصة قبل تنفيذ تلك الجرائم بوقت مناسب يكفى لدرء مخاطرها، أو بعد البدء فى تنفيذها بشرط أن يترتب على الإبلاغ منع وقوع أخطار جسيمة كانت ستتحقق حال استمرار الجناة فى تنفيذ كافة مراحل الجرم الإرهابى.. ويسرى الإعفاء بالنسبة للجانى الذى تم الإرشاد عن جريمته من قبل زوجه أو أحد من أصوله أو فروعه أو أقاربه أو أصهاره أو أصدقائه؛ شريطة أن يتم الإرشاد وفقاً للضوابط السابق الإشارة إليها، ويحكم القاضى على الجانى المعفَى من العقاب بالحجز فى مصحة فكرية لمدة لا تقل عن عام، وتجدد سنوياً بحد أقصى مدته سبعة أعوام».
وما ضوابط تخفيف العقوبة؟
- أولاً: إذا أرشد أحد الجناة فى جريمة إرهابية أو أحد الشركاء فيها السلطات عن باقى مرتكبيها أو الشركاء الآخرين، بحيث يُمكنها من القبض عليهم أو بعضهم.
ثانياً: أن يقوم الجانى بالإرشاد الذى يؤدى إلى القبض على مرتكبى جـريمة إرهابية أخرى مماثلة فى النوع والخطورة للجريمة المتهم بارتكابها.
ثالثاً: إذا تم الإرشاد الصادر عن الزوج أو أحد الأقارب أو الأصدقاء بعد وقوع الجريمة، ما دام قد أدى هذا الإرشاد إلى القبض على الجناة، أو عناصر أساسية منهم.
ويشترط فى الإرشاد أن يكون جاداً ومحدداً ومنتجاً لأثره، ما لم تتقاعس أو تفشل السلطات المعنية فى ضبط الجناة لسبب لا دخل فيه لمن قام بالإرشاد، على أن يتم هذا الإبلاغ وينتج أثره قبل أن تقرر المحكمة حجز القضية للحكم.