بعد 770 يوما من حكمه.. "التراجع" أسلوب ترامب في مواجهة منتقديه
ترامب
770 يوما مرت على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام منصبه في 20 يناير 2017، ولا يكاد يوم واحد منها يخلو من تصريحات صارخة تجلب له الانتقادات، أو تتسبب في هجوم حاد عليه من قبل معارضيه داخليا وخارجيا، وهو ما يجعله يتراجع عن مواقفه المبدئية في قرارات عديدة، حتى بات "التراجع" هو "سيد الأخلاق" بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي أثار جدلا حوله أكثر مما فعل أي رئيس سابق له.
ومع مرور كل يوم، يتضح تماما أن الرئيس الأمريكي يتخذ قراراته سريعا في لحظات انفعال أو لحظات عاطفية دون أدنى اعتبار لقواعد وخطوط السياسة الأمريكية العريضة التي لا يمكن لأي رئيس أن يحيد عنها مهما كلف الأمر.
وترصد "الوطن" أبرز المواقف التي تراجع عنها على مدار ما يزيد على عامين بقليل، على النحو التالي:
1- "كيم برئ".. و"كيم مسؤول عن مقتل الشاب الأمريكي"
قبل يومين، وتحديدا يوم الخميس الماضي 28 فبراير، خرج الرئيس الأمريكي من اجتماعاته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، معلنا عدم التوصل إلى اتفاق وأنه في بعض الأحيان يكون من الأفضل مغادرة المفاوضات، وحين سأله الصحافيون في المؤتمر الصحفي الذي أعده بعد عودته إلى "واشنطن"، عن الشاب الأمريكي الذي قُتل في كوريا الشمالية قبل عدة أشهر، قال "ترامب": "كيم أخبرني أنه لا يعرف شيء عن هذا الموضوع.. أبلغني أنّه لم يكُن على علم بالأمر وأنا أصدّقه".
وأثارت تصريحات "ترامب" تلك حالة من الجدل والغضب في أوساط الديمقراطيين الذين اتهموا "ترامب" بعدم الاهتمام بالمصالح الأمريكية والتصرف وفقا لأهوائه الشخصية، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يتراجع مرة أخرى، أمس، حيث كتب على موقع "تويتر": "بالطبع أنا أحمّل كوريا الشمالية مسؤولية سوء معاملة وموت الشاب الأمريكي وارمبير.. أنا لا أحبّ أن يُساء فهمي"، ومع ذلك، فإن "ترامب" لم يذكر اسم كيم جونج أون على وجه التحديد في تغريداته.
2- "سننسحب من سوريا".. و"سنبقي 400 جندي هناك"
في نهاية شهر ديسمبر الماضي، فاجئ الرئيس الأمريكي العالم أجمع –ومستشاريه المقربين أيضا- بإعلان انتهاء مهمة القوات الأمريكية في سوريا وانتهاء عمليات القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، وأكد وقتها أنه "لا حاجة لوجود القوات الأمريكية، ولذلك سيكون هناك انسحابا سريعا لتلك القوات".
وأثار قرار "ترامب" حالة من السخط والغضب ليس بين معارضيه الديمقراطيون فقط، بل إن أعضاء حزبه الذي ينتمي إليه "الحزب الجمهوري" وقادة جيشه ووزرائه ومستشاريه، أعربوا عن انتقاداتهم لتلك الخطوة ووصفوها بأنها "فرصة لعودة داعش إلى الحياة مرة أخرى".
وتسببت الانتقادات اللاحقة، في تراجع "ترامب" عن قراره بالانسحاب من سوريا، بعد شهرين فقط، حيث أعلن في منتصف شهر فبراير الماضي، عن الإبقاء على 400 جندي أمريكي في منطقتين متفرقتين في سوريا، وعلى الرغم من أن بعض المحللين يرون أن العدد قليل، إلا أنهم أشادوا في الوقت ذاته بتراجع الرئيس الأمريكي عن قراره في هذا الشأن.
3- "سندمر الاقتصاد التركي".. و"الاقتصاد التركي إمكاناته عظيمة"
في منتصف العام الماضي، اندلعت أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وتركيا على خلفية احتجاز "أنقرة" للقس الأمريكي آندرو برونسون واتهامه بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وبعد فشل مفاوضات ومطالبات "واشنطن" بالإفراج عن "برونسون"، وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أنه لا يتدخل في عمل القضاء التركي، لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، تسببت في انهيار الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها، فتراجعت ما يقرب 5 أضعاف قيمتها قبل فرض العقوبات.
ومع تفاقم الأزمة، كتب "ترامب" على موقع "تويتر" مهددا بـ"تدمير الاقتصاد التركي في حالة قيام أنقرة بتصرفات ليست على هوى واشنطن"، إلا أنه لم تكد تمر أيام قليلة مع إعلان الإفراج عن "برونسون"، حتى تراجع "ترامب" وكتب على موقع "تويتر": "تحدثت مع الرئيس أردوغان لتقديم المشورة بشأن موقفنا فيما يتعلق بجميع المسائل، بما في ذلك النجاحات التي تحققت في آخر أسبوعين في محاربة ما تبقى من تنظيم داعش، وإقامة منطقة آمنة في سوريا مساحتها 20 ميلا.. وتحدثنا أيضا عن التنمية الاقتصادية بين الولايات المتحدة وتركيا... إمكانات تركيا هائلة لتعزيزها وتوسيعها".
4- "الرصاص مقابل الحجارة".. و"نعتقلهم لا نقتلهم"
لم تكن أزمة المهاجرين والجدار الحدودي مع المكسيك بعيدة عن سلسلة المواقف التي تراجع فيها "ترامب" عن رأيه فيها، ففي نوفمبر الماضي، تفاقمت أزمة الجدار الحدودي مع المكسيك، فكتب "ترامب" على موقع "تويتر" إنه يفضل أن يطلق النار على من يرمون الحجارة على قوات الأمن الأمريكية على الحدود مع المكسيك، وهو ما أثار غضبا بين معارضي ومؤيدي "ترامب"، وسط مخاوف من تداعيات قانونية دولية لمثل هذا القرار.
ولم يكد يمر يوم واحد على تصريحات "ترامب"، حتى تراجع مرة أخرى وكتب: "سيتم اعتقال من يرشقون قوات الأمن بالحجارة وليس إطلاق النار عليهم".
ومن بين أزمة المهاجرين والقرارات المتعلقة بها التي تراجع عنها "ترامب"، قراره التنفيذي بفصل الأطفال عن الآباء والأمهات الذين لا يحملون وثائق هجرة، وهو أثار غضبا دوليا ضده، أجبره على التراجع فيما بعد عن قراره، بالتوقيع على أمر تنفيذي يعد فيه بـ"الحفاظ على الأسر معا في مخيمات اللاجئين".
5- "الاستخبارات ساذجة ومخطئة".. و"أتفق تماما معهم"
في نهاية شهر يناير الماضي، خرج الرئيس الأمريكي بتصريح أثار غضب مجتمع الاستخبارات ووكالات الأمن الأمريكية، قال فيه إن "الاستخبارات الأمريكية ساذجة ومخطئة فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، وأعتقد أنه عليهم العودة إلى مقاعدة الدراسة"، وتسببت تلك التصريحات في حالة غضب عارمة، دفعت "ترامب" إلى التراجع عنها بعد مرور يوم واحد، حيث كتب على موقع "تويتر": "أنهيت للتو اجتماعا رائعا مع فريقي الاستخباراتي في المكتب البيضاوي، وبلغوني بأن ما قالوه خلال جلسة مجلس الشيوخ حرفته وسائل الإعلام.. ونحن متفقون كثيرا على ما يتعلق بإيران والدولة الإسلامية وكوريا الشمالية وغير ذلك".