ألف عام على «الجبة والقفطان»..الأزهر والأوقاف تعيدان قدسية الزي الديني
صورة أرشيفية
تنوع الزي الأزهري عبر تاريخه والذي يصل إلى 1000 عام، ما بين زي موحد يرتديه الطلاب والعلماء يوميًا، وزي للمناسبات والتشريفات التي يحضرها شيخ الأزهر والعلماء ويقابلون فيها الحكام، وزي يخلع عن شيخ الأزهر عند توليه منصب المشيخة.
وللزي الأزهري، والذي يشمل «الجبة والقفطان»، مدلول اجتماعي، بحسب تقرير للأزهر، وهو تمييز لعلماء كل درجة علمية عن الدرجات الأخرى، وتمييزهم عن غيرهم من عامة الشعب؛ وقد يرى البعض أن زي الأزهري هو زي بغرض الشهرة والمعرفة والالتزام بأخلاق وسلوك العلماء والمحافظة على شرف العلم.
ويعد زي الأزهري الموحد للطلبة والعلماء إعلانًا عن شخصية صاحب هذا الزي، ووسيلة لتميزه عن غيره وضمانا لعدم الإتيان بسلوك مخالف لطبيعة الوظيفة أو الفئة التي ينتمي إليها، ولهذه الأسباب تبنت مشيخة الجامع الأزهر فكرة توحيد زي للطلاب والعلماء، وكان يتألف من غطاء للرأس وهي العمامة وغطاء للجسم والكاكولة والجبة وتركت الحرية للطلبة فيما يرتدونه أسفل الكاكولة، كما استحسنت ارتداء الجلبية بدلا من القفطان للطلبة لعدم تيسيره لبعض الطلبة، والزي الأزهري في الغالب للرجال واحد سواء كانوا طلابًا أو علماءً أو مدرسين.
وذكر تقرير الأزهر، أنه في عام 1928 تمرد بعض طلاب القسم الثانوي على ارتداء الجلبية أو القفطان أسفل الكاكولة وارتدوا الزي الأفرنجى المعروف بالبدلة، إلا أنه تم إنذارهم والتنبيه عليهم بعدم العودة إلى ذلك والالتزام بالزي الأزهري.
وشهد الزي الأزهري تراجعًا منذ أواخر القرن العشرين على الرغم مما يضفيه هذا الزي على من يرتديه من الهيبة والوقار، فنادرًا ما نجد من يرتدي هذا الزي من طلاب الأزهر وأساتذته وعلمائه، ولكن يحرص على هذا الزي القيادات من أصحاب الوظائف الدينية الكبرى كشيخ الأزهر، ومفتي الديار المصرية وكبار الدعاة، وأئمة المساجد الكبرى، كما أصبحت وزارة الأوقاف تقدم الزي الأزهري إلى أئمة المساجد.
وأكد الأزهر الشريف، في تقرير له أن الزي الأزهري، ارتبط في أذهان شعبنا وعالمنا الإسلامي بأنه زي علماء الدين وطلابه وأهل الفتوى، مهيبًا بمن يحملون العمامة الأزهرية الالتزام بما يمليه هذا الزِّي من الاهتمام بأمور العلم الديني وتبيانه للناس والبعد عن ممارسة ما لم يألفه الناس من حاملي الزِّي الأزهري.
كما طالب الأزهر أتباعه بالبعد عما يتنافى مع وقار الزي الأزهري وهيبته واحترامه والتي ترسخت في نفوس المسلمين وارتبطت بصورة جليلة ومهيبة لعلماء الدين، مؤكدا رفضه لمحاولات بعض وسائل الإعلام تشويه هيبة هذا الزي.
من جانبه قامت وزارة الأوقاف بتسلم أكثر من 10 آلا زي أزهري للآئمة خلال العام الماضي والجاري. وقال الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: «الوزارة تعمل علي استعادة المجد الدعوي لخدمة الإسلام والمسلمين، والوطن وقضاياه، والإسهام بقوة في نهضته ورقيه، وبسط لواء السماحة واليسر والوحدة الوطنية الحقيقية الصادقة، وهناك توجيهات عامة للعاملين بالحقل الدعوي بإرتداء الزي الأزهري، والتأكيد علي حسن المظهر العام».
وتابع: «يجتهد الإمام في تحصيل العلم الشرعي بما يجعله أهلا لارتدائها بحق وصدق، وموضع تقدير واحترام ممن يطلبون علمه ويسعون إلى فكره الإسلامي الصحيح، وأن يحافظ على تاريخها الوسطي، فلا يغبّر بياضها ونصاعتها بالانتماء إلى تلك الجماعات التي تتبنى مناهج متشددة أو متطرفة أو لا تؤمن بالمنهج الأزهري الوسطي».
وأوضح «طايع» أن الآئمة الوافدين بالخارج يشترط عليهم الانضباط والالتزام بالعفة والوقار، والالتزام بالسمت الحسن والزي الأزهري، فيجب أن يظهر المبتعث إمامًا كان أو قارئًا بمظهر لائق جيد يتناسب مع مكانته العلمية والدينية في ضوء سماحة الإسلام ومنهجه الوسطي، وأن يكون كل منهم سفيرًا وأنموذجًا مشرفًا لدينه وبلده.
فيما أكدت مصادر بدار الإفتاء ان هناك توجيه عام لأمناء الفتوي والعاملين بالحقل الدعوي داخل الدار الإلتزام بالزي الديني الموحد، كذلك العمل علي الانضباط والالتزام بالسمت الحسن الأزهري.
وأوضح عبد الغني هندي عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن العمامة الأزهرية عبر تاريخها الطويل الضارب في أعماق التاريخ لأكثر من ألف عام هي رمز السماحة واليسر، والوسطية والاعتدال، داخل مصر وخارجها، وهي محل تقدير كل عقلاء العالم وحكمائه ومحبي السلام فيه، ومهمة المؤسسات الدينية أن تظل هذه العمامة الكريمة بيضاء ناصعة شكلا ومضمونا.
وطالب «هندي» باستصدار تشريع يُجرّم ارتداء هذا الزي الديني الرسمي لغير أهله وغير المصرح لهم بارتدائه في مجال الدعوة أو الإفتاء أو التعليم الأزهري كل مؤسسة فيما يخصها، ونأمل أن يكون هناك تنسيق بين هو ما نسعى إليه بالتنسيق الكامل مع الأزهر الشريف.