"صورة بطاقة" تقود 3 متهمين للإعدام.. رموا صديقهم في النيل
المستشار محمد علي الفقي
الساعة تُشير إلى العاشرة من مساء اليوم الرابع من يونيو 2016، كان "محمود" قد عاد لتوه إلى منزله بمنطقة عين شمس، قادما من عمله في توصيل طلبات للمنازل بأحد المطاعم.. اليوم التالي موعد إجازته الأسبوعية، وكالعادة يقضي ليلة الإجازة مع أصدقائه غير مبال بتأخر الوقت فى مثل هذا اليوم.
رنّ هاتفه فإذا بصديقه "أدهم" يطلب منه مقابلته مع صديقين له وقضاء السهرة سويا أعلى كوبري قصر النيل، فوافق "محمود" على ذلك.. قبّل يد والده مؤذن مسجد المنطقة، وانصرف واعدا إياه بالعودة سريعا.. القدر أجبر "محمود" على مخالفة وعده، فعاد بعد أيام جثة هامدة.
قبل اللقاء بيومين كان "أدهم" وصديقيه "عزت" و"أبو سريع" يجلسون مع بعضهم فى مقهى بعين شمس، كل منهم يشكو لصديقه ضيق الحال وهو نتيجة طبيعية لتصرفاتهم فكل منهم يمتهن "صنعة" ويبتاع بكل حصيلته اليومية مخدر الحشيش والأقراص المخدرة، طرح "أدهم" فكرة سرقة محل أو منزل عسى أن تكون مخرج أزمتهم.. ساد الصمت حديث الثلاثة حتى عاد مجددا وطرح عليهم التخلص من "محمود" لأنه "بيكسب وشغال على طول"، فكانت الموافقة من الباقين، ولصداقته بـ"محمود" يعلم يوم إجازته وكيف يقضيه.
استعد "محمود" للخروج من منزله بعين شمس للقاء "أدهم" حسب الاتفاق بينهما، واستقل دراجته النارية وقصد كوبري قصر النيل حيث موعد المقابلة، فوجدهم فى انتظاره هناك يستقلون دراجتهم النارية، وترجل من دراجته، ثم جلس على سور الكوبري، يتبادل "أدهم" ورفيقيه النظرات يتحين كل منهم اللحظة للانقضاض على "محمود" وقتله.
التحقيقات التى جرت فى القضية رقم 409 لسنة 2018 كلي وسط القاهرة، قالت إن أحد المتهمين طلب من "محمود" مالا لشراء سجائر، وما إن أخرج المجنى عليه أموالا من جيبه قام المتهم الثالث "أبو سريع" بأخذها منه، وقام الثاني "عزت" بسرقة هاتفه المحمول، وقام المتهم الأول "أدهم" بدفعه فى صدره فسقط فى مياه النيل، وأُزهقت روحه غرقا.
همّ المتهمون بالهرب من مكان الواقعة مستقلين دراجتهم النارية ودراجة المجنى عليه "محمود"، وبحوزتهم مبلغ 500 جنيه كان مع المجنى عليه وهاتفه المحمول ماركة "سامسونج"، وتركوا الدراجة فى جراج بمنطقة عين شمس، ثم توجهوا إلى محل هواتف محمولة بشارع عبد العزيز وباعوا الهاتف المحمول، وطلب صاحب المحل منهم صورة بطاقة أحدهم، فوافق "أدهم" وسلّمه صورة بطاقته وكأنه يخطو أولى خطواته إلى الإعدام.
مع ظهور الصباح طفت جثة المجنى عليه، وتم العثور عليها بدائرة قسم شرطة الساحل، وتم تحرير محضر بالواقعة وإخطار النيابة العامة التى انتقلت إلى هناك، وأمرت بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثة وبيان سبب وكيفية الوفاة، وأخطر القسم والد "محمود" بالعثور على جثة نجله بعد انتشالها من نهر النيل، وقال إنه يشتبه جنائيا فى وفاة نجله، وأشار إلى تلقى نجله الثاني "أحمد" اتصالا من أحد الأشخاص يفيد بالعثور على حقيبة يد سوداء اللون بها رخصة بإسم "محمود"، وأنه توصل إليه بعد العثور على رقمه داخل الحقيبة.
بدأت الأجهزة الأمنية فى تعقب المتهمين حيث استعانت برقم السيريال الخاص بهاتف المجنى عليه، وتم التوصل إلى مالك خط محمول اشترى الهاتف وبمناقشته قال إنه اشتراه من محل بشارع عبد العزيز، وبمناقشة صاحب المحل، أفاد أنه اشتراه من "أدهم" وقدّم صورة بطاقته التى طلبها منه.
تمكنت الشرطة من القبض على "أدهم" والذي اعترف تفصيليا بارتكاب الحادث بالاشتراك مع "عزت" و"أبو سريع"، ومثّلوا جريمتهم أمام النيابة فى المعاينة التصويرية بمكان الحادث، كما أرشد "عزت" عن مكان الدراجة النارية الخاصة بالمجنى عليه داخل جراج فى عين شمس.
أوراق القضية أيضا ضمّت تقرير الطب الشرعي، والذي عزى الوفاة إلى اسفكسيا الغرق وما صاحبها من فشل فى وظائف التنفس وتوقف القلب.
وأحالت النيابة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، ومثُل المتهمون أمام محكمة المستشار محمد على الفقي، رئيس محكمة جنايات القاهرة ونظر القضية في جلسات متعاقبة، استمع خلالها للشهود ومرافعات دفاع المتهمين والنيابة العامة، وأصدر أمس، قراره بإحالة المتهمين إلى المفتي، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم.