أساتذة فى كليات «الفنون»: صناعة الكارتون متراجعة لأن شركات الإنتاج تعتبر «الأجنبى» بيضة دهب
الرسوم المتحركة
لا تقف صناعة الكارتون على الموهبة والإبداع فقط، فهناك جانب أكاديمى لا يمكن إغفال أهميته فى تطور تلك الصناعة ودفعها إلى منافسة الإنتاج العالمى فى مجال الرسوم المتحركة.
وفى مصر، تتعدد المعاهد والكليات المتخصصة فى تدريس فنون الرسوم المتحركة بما يواكب الركب العالمى، وأشهرها على الإطلاق كليات «الفنون الجميلة» بفروعها، والمعهد العالى للسينما، لذلك حاولت «الوطن» استطلاع آراء العاملين فى الحقل الأكاديمى حول أسباب تراجع صناعة الكارتون فى مصر، وعدم وجود فيلم كارتون مصرى قادر على منافسة نظيره الأجنبى، ومدى تأثير المناهج الأكاديمية على تطور تلك الصناعة، وقالت الدكتورة ليلى فخرى، أستاذ ورئيس قسم الرسوم المتحركة بالمعهد العالى للسينما، إن «سبب التراجع الذى تشهده صناعة الكارتون ليس أكاديمياً، بل لغياب الجهات الداعمة لتلك الصناعة، بالإضافة إلى تفضيل معظم جهات الإنتاج للكارتون الأجنبى الذى يعد بالنسبة لهم «بيضة ذهب» فهو أرخص وعملية تسويقه أسهل وأرباحه مضمونة»، وأضافت «فخرى»: «أكاديمياً نحن غير مقصرين، بداية من اختيار أفضل المواهب الشابة التى تلتحق بالدراسة فى المعهد، ففى الدفعة الواحدة فى قسم الرسوم المتحركة لا يزيد عدد الطلاب على 10 فقط، كذلك نوفر الاستوديوهات المتطورة لدعم الطلبة، أما أجهزة الكمبيوتر فيتم شراء الأحدث منها كل شهر تقريباً، ونفس الحال بالنسبة للبرامج التى يستخدمها الطلاب فى الرسم، ومشاريع التخرج التى تُقدم بمثابة دليل على ذلك، فالتراجع ليس لنا يد فيه»، واعترضت «فخرى» على الاتهامات التى ترى أن قلة عدد الخريجين فى دفعات معهد السينما هى سبب جزئى فى تراجع صناعة الكارتون، قائلة «إن زيادة أو نقص عدد الخريجين لن يؤثر فى صناعة الكارتون فى مصر، فقد يتخرج من عندى عدد كبير من الطلبة لكن بلا موهبة حقيقية، ووقتها لن يستفيد السوق منهم أيضاً، ولكن حرصى الحقيقى هو أن يكون عندى خريجون مؤهلون للعمل فى السوق وتزويدهم بكل الأدوات المطلوبة مهما كان عددهم».
من جانبها، قالت الدكتورة ثريا صبيح، أستاذ مساعد فى كلية «الفنون الجميلة» جامعة حلوان: «يتخرج فى الكلية كل عام مئات الطلبة الموهوبين، ويظهر ذلك فى مشاريع تخرجهم التى تكون مبدعة، ولكن المشكلة تظهر فى عدم وجود مؤسسات أو جهة ترعى تلك المواهب بعد التخرج أو تستوعب طاقاتهم، مثل شركة ديزنى أو وارنر فى أمريكا فنحن فى حاجة إلى مفهوم (فريق العمل) فى صناعة الكارتون»، ولم تنف «صبيح» وجود «بعض التقصير» داخل المعاهد والكليات المتخصصة فى تدريس فنون الرسوم المتحركة، فمثلاً البرامج المستخدمة فى الرسم فى كلية «الفنون الجميلة» هى برامج مكلفة جداً، لذا فى الغالب يتم استخدام المقلدة أو ما يطلق عليه «high copy» وليس الأصلية، وتابعت «صبيح» قائلة: «أما فيما يخص دراسة فنون الرسوم المتحركة فهناك شقان، الأول إبداعى وهو يتعلق بموهبة الطالب وقدرته الفنية وهى لا خلاف عليها، ونسعى فى الكلية إلى اختيار أفضل المواهب، وهناك الشق التقنى أو الفنى، وهو الذى يوجد به تقصير، فما زال التطور فى تلك المناهج لا يناسب حجم التطور الذى تسير به الصناعة عالمياً، فمثلاً لا تسعى الكليات إلى تقديم دورات تدريبية على يد خبراء أجانب للطلاب أو إرسال بعثات للخارج لدراسة أكاديمية حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة، أى 3 شهور مثلاً، فيعودون محملين بخبرات إلى زملائهم وبالتالى يتطور المجال فى مصر».
من جهته، يرى الدكتور إسماعيل الناظر، مدرس مساعد بقسم الرسوم المتحركة كلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، أن «السبب الرئيسى وراء اختفاء كارتون مصرى ينافس نظيره الأجنبى بقوة هو أن الدراسة الأكاديمية لا تتناسب مع متطلبات سوق الكارتون المصرى والعالمى حتى لو لم يعترف أحد بالأمر»، وأضاف «الناظر»: «والحقيقة المضحكة والمؤلمة فى نفس التوقيت أن الطالب فى كثير من الأحيان يكون متطوراً أكثر من الأكاديميات والمعاهد التى يدرس فيها، فمعظم الأدوات والمناهج فى الكليات ليست متماشية مع ما تشهده السوق منذ 4 سنوات على الأقل»، ويضرب «الناظر» مثالاً بتدريس «الرسم على الشفاف» فى الكليات، رغم أنه تكنيك قديم لم يعد مستخدماً فى صناعة الكارتون فى الوقت الحالى، وكذلك استخدام كاميرات بدائية فى التصوير، أو الاعتماد على أجهزة كمبيوتر غير حديثة إما تمتلئ بالفيروسات أو سرعاتها غير مناسبة للرسم عليها، قائلاً: «الطلبة بتتغلب على ده بأنها تطور نفسها بالاعتماد على وسائل خارجية أو جهودها الذاتية، يعنى فيه طلبة بتحضر المحاضرة ومعاها التابلت الخاص بها للرسم مباشرة ولا تنتظر ما نقدمه لهم فى الكلية»، واعتبر «الناظر» أن «بداية حل مشكلة غياب كارتون مصرى قوى هى تطوير المناهج وعدم التقيد بما تنص عليه اللوائح القانونية، التى تستهدف تطوير الأساتذة المتخصصين فى هذا المجال إدارياً وليس أكاديمياً، وكذلك إرسال بعثات للخارج وعقد مؤتمرات دورية يحاضر فيها متخصصون فى صناعة الكارتون أجانب.