سعاد: المصرى الحق يقف جنب بلده ومايقولش «لأ»
تتذكر الحاجة «سعاد» عام 1981 جيداً، وقتها كانت شابة فى الثلاثينات من عمرها، وقفت فى طابور الاستفتاء من أجل الإدلاء بصوتها فى التعديلات الدستورية المقترحة من الرئيس الراحل أنور السادات. وبعد اغتيال «السادات» بعام واحد عقب هذا الاستفتاء قررت المقاطعة.
وبعد 25 يناير 2011، توجهت الحاجة سعاد عثمان، 58 سنة، صوب الصناديق الانتخابية، جاهدت هى وأسرتها للحيلولة دون وصول جماعة الإخوان إلى الحكم، وعندما واتتها الفرصة يوم 30 يونيو خرجت مع الملايين، وقبعت بين أركان ميدان التحرير لتقول كلمتها، وتُطلق زفراتها الحبيسة: «يسقط محمد مرسى».
ولم تمر أشهر على عزل «مرسى» حتى قررت أن تستكمل ثورتها على نفسها وتقول «نعم» لدستور 2014، ليس من أجل شخص واحد ولكن من أجل وطن تربت فيه، وربّت فيه. وما بين 1981 و2014 33 عاماً، حدثت تغييرات كثيرة شهدتها «سعاد»، ونتجت عن تغييرات مماثلة شهدها المجتمع؛ من غلاء فى الأسعار، وتغيير فى الحُكام: «كان زمان فيه استقرار وأمن وأمان، دلوقتى مش لاقيين الحاجات دى».
وهى ترى أن «السادات» كان زعيماً وطنياً «يخشى على بلاده من الضياع»، وأولى سنوات حكم «مبارك» كانت بالنسبة لها طاقة أمل جديدة ظهرت فى مشاريعه الكبرى ومنها مترو الأنفاق، مروراً بـ«مرسى» صاحب أيام الظلام فى مصر. وتستطرد الحاجة «سعاد» قائلة: «أنا نزلت الاستفتاء عشان أظهر للعالم إنى مسلمة، وحقناً لدماء الشباب الذين استشهدوا خلال فترة المعزول، ولو فتشنا فى كل البيوت هنلاقى فيه واحد مصاب أو شهيد، المصرى الحق هو اللى يساعد بلده إنها تطلع من المأزق اللى هيه فيه».
وفى 14 يناير، جاء الميعاد التى كانت تنتظره؛ الذهاب إلى الأراضى المقدسة من أجل أداء «عُمرة» إلى بيت وقبر الرسول، إلا أنها قررت أن توجد فى القاهرة من أجل إبداء رأيها فى الدستور التى طالما حلمت به.
السيدة التى تعمل رئيسة شركة كهرباء منطقة المقطم، قرأت دستور 2013 بجميع مواده: «لم يترك أى طائفة من طوائف الشعب إلا أعطاها حقها؛ العامل، المهندس، الوزير، القاضى، وحتى المعاق»، وقد قالت «نعم» لأن يقيناً بداخلها يُخبرها: «لو أصابنى عجز أو مرض يكفينى أن الدستور يكفل حقوقى وواجباتى، أعيش مطمئنة، العسكرى اللى فى الشارع يحمينى».
السيدة «سعاد»، أم الضابط فى القوات المسلحة، خرجت ووقفت فى طابور الاستفتاء من أجل فقط إعادة الهيبة لفلذة كبدها، الذى يمثل فى وجهة نظرها الجيش: «لما أكسر الظابط يبقى فاضلى إيه؟».